البث المباشر

شرح فقرة: " فقد توجهت اليك بمحمد وآل محمد، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 14:26 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) في تعقيبه لصلاة الفطر، حيث تحدثنا عن مقاطع منه وانتهينا من ذلك الى مقطعٍ ورد فيه هذا التوجه الى الله تعالى: (فقد توجهت اليك بمحمد وآل محمد، وقدمتهم اليك أمامي، وأمام حاجتي وطلبتي وتضرعي ومسألتي،…)، هذا النص يحفل بدلالات لها طرافتها من حيث الاسلوب الذي اتبعه الامام (عليه السلام) فهو:
اولاً: توجه الى الله تعالى.
وثانياً: جعل الواسطة محمداً وآل محمد صلى الله عليهم.
وثالثاً: قدم محمد وآل محمد صلى الله عليهم اجمعين أمام قارئ الدعاء وامام حاجته وطلبته وتضرعه ومسألته، ترى: ماذا نستلهم من الاسلوب المتقدم في الدعاء؟
ان قارئ الدعاء قد يسأل: ما هو السر الكامن وراء العبارة القائلة بان القارئ للدعاء يضع محمداً (صلى الله عليه وآله) أمامه ثم أمام حاجته؟ ترى: هل ان حاجته تختلف عن شخصيته؟ يبدو ان الامر لكذلك، كيف ذلك؟
من البين ان القارئ للدعاء من حيث كونه مؤمناً بالله تعالى ومؤمناً برسوله واله الاطهار: حينئذ فان التقديم للعبودية بالنسبة الى الله تعالى وتقديم المولاة بالنسبة لمحمد وآله (عليهم السلام) يظل من أبسط ضرورات الموقف، اما الحاجة فتجيء ثانوية وعرضية وهذا ما يفسر لنا معنى العبارة القائلة: (توجهت اليك بمحمد وآل محمد، وقدمتهم اليك أمامي وامام حاجتي، …) ، هنا تكمن بالاضافة الى ما قلنا جملة نكات ايضاً منها: ان النصوص الشرعية طالما تشير الى ان الداعي يتعين عليه قبل الدعاء ان يثني ويحمده تعالى وان يصلي على محمد وآل محمد (عليهم السلام) بالاضافة الى ان تقديم المعصومين (عليهم السلام) واسطة في الدعاء يجعل الدعاء اشد فاعلية عند الله تعالى.
بعد ذلك نواجه نكتة لها اهميتها ايضاً، الا وهي ان مقطع الدعاء لايكتفي بعرض المصطلح (حاجتي) وحده بل يضيف اليه ثلاثة مصطلحات هي: (طلبتي)، (تضرعي)، (مسألتي)، وهذا ما يقتادنا الى ان نتساءل عن الاسرار الكامنة وراء ذلك فما هي؟
في تصورنا ان الحاجة هي الموضوع العام الذي يعني قارئ الدعاء به ولنفترض انه (حسن العاقبة) او (سعة الرزق) واما (طلبتي)فتعني: ان صاحب الحاجة يتقدم الى الله تعالى بطلب لانجازها، واما (تضرعي) فلان قارئ الدعاء بعد ان ينوي حاجته ثم يطلبها من الله تعالى لابد ان (يتضرع) الى الله تعالى بذلك لان التضرع هو التعبير عن العبودية لله تعالى.
واما (مسألتي) فتحتاج الى توضيح خاص بصفة ان المسألة والطلب متماثلان في التصور الاولي للدلالة، ولكن الحقيقة هي اعمق من ذلك، اذن لنتحدث عن السر.
(المسألة) في الاصلاح الشرعي تستخدم عادة في من يمد يده الى الآخر، ومما لا ترديد فيه ان المسألة الى الله تعالى تظل تعبيراً عن اشد المستويات عبودية طالما نعرف ان اليد تتوجه الى الله تعالى وترفع، وبذلك تكون (المسألة) بعد النية، والطلب، والتضرع: خاتمة لادب الدعاء، لان النية هي اولاًَ، ثم يتبعها الطلب، ثم يتضرع قارئ الدعاء ثم يمد يده لتسلم الاجابة. اذن ثمة نكات متنوعة وراء العبارات المذكورة.
ختاماً نسأله تعالى ان يجعلنا ممن ينوي ويطلب ويتضرع ويسأل الله تعالى بان يوفقه الى معرفة آداب الدعاء والى ان يوفقه الى معرفة العبودية الحقة لله تعالى، والمولاة للمعصومين (عليهم السلام) ومن ثم: التوفيق لممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة