البث المباشر

شرح فقرة: "طهر بطوننا من الحرام والشبهة، ...".

السبت 27 يوليو 2019 - 11:20 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن أدعية الامام المهدي (عليه السلام)، ومنها الدعاء الذي ورد فيه: (طهر بطوننا من الحرام والشبهة، واكفف ايدينا عن الظلم والسرقة، وغض ابصارنا عن الفجور والخيانة، ... الخ) .
هذه العبارات لا تزال امتداداً للمقطع في معالجته لجملة من الظواهر العبادية، حيث تتناول كل فقرة ظاهرتين متجانستين (كالحرام والشبهة) في العبارة التي استهللنا بها حديثنا ونعني بها: (وطهر بطوننا من الحرام والشبهة، ...) ان هذه الفقرة المزدوجة اي: التي تتناول ظاهرتي الحرام والشبهة ، جدير بنا ان نسلط الاضاءة عليها نظراً لما تترتب عليه من الاثار الدنيوية والاخروية. اذن لنتحدث عن الفقرة المذكورة.
من الحقائق العبادية المألوفة (بالاضافة الى الحقائق الطبية) ان للغذاء اثره في الصحة والمرض العضويين فيما لا يرتبط بموضوعنا، ولكن الاثر العبادي - وليس العضوي- ما يعنينا الآن. طبيعياً مع ملاحظة ان ما هو عبادي لا ينفصل عما هو عضوي اي: عندما يتناول الشخص كحولاً والعياذ بالله - فان الاثر العضوي للحكول يسبب تلفاً في خلايا المخ كما انه يسبب عقاباً اخروياً مما يعني ان ما هو شرعي او عبادي لا ينفصل عما هو عضوي: كما اشرنا ولكن لنتجه الان الى الاثر العبادي فماذا نستلهم من عبارة: (طهر بطوننا من الحرام والشبهة) ؟
الحرام من الطعام هو المنهي عن شرعاً على نحو الالزام كلحم الْمَيْتَةَ مثلاً او الخمور او لَحْمَ الْخِنزِيرِ.
وما دام المشرع الاسلامي قد نهانا عن تناول المحرم من الطعام والشراب فان المفروض هو الالتزام بذلك وهذا يعني ان غير الملتزم سوف يعرض نفسه للعقاب وهذا ما لا يرتضيه العاقل لنفسه، واما الطعام الموسوم بالشبهة فانه يعني: ما لا نطمئن الى حليته، اي: الشك فيه لوجود قرينة او الاحتمال لحرمته، حينئذ فان الوظيفة العبادية تفرض علينا اجتنابه ايضاً، نظراً للنصوص الواردة في هذا الشأن والمطالبة بالوقوف عند الشبهات حيث المحت النصوص الى ان النجاة فيها اي: في الاحتياط من تناولها، وعلمية الاحتياط - من الزاوية النفسية- تجعل الشخصية في راحة من البال، حيث انه لم يسأل مثلاً: لماذا لم تتناول الطعام المشبوه، بينما يسأل في حالة ما اذا ظهر بان الطعام المذكور غير محلل. فاذن في الحالتين تظل الشخصية المحتاطة في أمان من العقاب.
بعد ذلك نواجه عبارة: (واكفف ايدينا عن الظلم والسرقة) ، هنا:
قد يتساءل القارئ: ما هو التجانس بين مفردتي الظلم والسرقة؟
الجواب: التجانس هو في الايدي حيث يمكن لليد ان تعتدي على الآخر مادام الشخص يحمل نزعة عدوانية اي يتلذذ بالعدوان على الآخر سواء أكان العدوان عضوياً او كان العدوان مادياً وهو: السرقة، ان اليد هي السارقة، واليد هي المعتدية هنا يتعين على قارئ الدعاء الاّ يمرّ عابراً على هذه العبارة حيث يحسب الكثيرون ان العدوان البدني وكذلك العدوان المادي يتمثل في السرقةالمعروفة، بينما الامر يتجاوز ذلك الى دقائق السلوك الذي يندرج ضمنه العدوان، فمثلاً نجد ان المعاملات الاقتصادية تقترن في الكثير منها بشبهات ربوية او ان الاخذ لحبة واحدة هي سرقة ايضاً بالاضافة الى الممارسات المتصلة بالغش والخداع ونحوهما مما يجحف بحق الاخر ويندرج ضمن السرقة ايضاً.
بعد ذلك نواجه عبارة: (واغضض ابصارنا عن الفجور والخيانة واسدد اسماعنا عن اللغو والغيبة) ، وهاتان العبارتان بحاجة الى القاء الاضاءة عليهما وهذا ما نحدثك به لاحقاً ان شاء الله.
ختاماً نسأله تعالى ان يجعلنا ممن لا يجنح الى الحرام والشبهة والظلم والسرقة وسواها من المحظورات سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة