البث المباشر

الدعاء والمعرفة الالهية الخاصة

الأحد 21 يوليو 2019 - 15:37 بتوقيت طهران

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة وما تتضمنه من نكات ودقائق العبارة مما يتعين على قارئ الدعاء ان يلمَّ بها حتى يفقه خطابه الذي يتجه به الى الله تعالى ويتطلع الى اجابة دعائه.. ومن ذلك ما نلاحظه من التوصية الاتية المرتبطة بالقراءة او المطالعة للنص، حيث ورد هذا الذكر: (اللهم اخرجني من ظلمات الوهم، واكرمني بنور الفهم، اللهم افتح علينا ابواب رحمتك، وانشر علينا خزائن علومك برحمتك يا ارحم الراحمين...)
ومن الواضح ان قراءة النص بخاصة اذا كان متسماً بما هو دقيق من التعبير او بما هو راسخ بتعدد الدلالة او ربما هو مضبب احياناً.. الخ.. ان امثلة هذه النصوص تتطلب حدة في الذكاء ويقظة في التلقي وسعة في ادوات المعرفة بنحو عام... لذلك، فان التعامل مع امثلة ذلك يحتاج الى توفيق من الله تعالى في تحقيق المعرفة...
من هنا يجيء الذكر المتقدم واحداً من المعطيات المتنوعة التي ينطوي الدعاء عليها، حيث اتضح لنا في لقاءات متنوعة كيف ان الادعية لها معطياتها المتنوعة التي لا تقف عند حد خاص، بل تتناول قضايا الحياة جميعاً، سواءاً كان ذلك متصلاً بحاجات الانسان مادياً او حاجاته معرفياً وروحياً...
المهم: نحن الان امام احد الاذكار القصيرة حيث وردت التوصية بقراءته في حالة قراءتنا لنص...
اذن: لنتجه الى قراءته وفهمه...
يقول الذكر والدعاء (اللهم اخرجني من ظلمات الوهم، واكرمني بنور الفهم...) في هذا الذكر نلاحظ موضوعية متضادين، واستعارتين متضادتين... فالموضوعان هما: الوهم والفهم... والاستعارتان هما: الظلمات والنور....
فبالنسبة الى الموضوعين وهما: "الوهم والفهم"، فان المقصود منهما من الوضوح بمكان ولكن مع ذلك من الممكن ان يثار السؤال حيالهما على النحو الآتي: ان "الفهم" لدلالة النص المقروء هو الموضوع الواضح او المطلوب تحققه أي: عندما نقرأ حديثاً عن المعصوم(ع) او حتى حينما نقرأ نصاً علمانياً ونستهدف من قراءته ان نرد على المنحرفين باطلهم، حينئذ فان الادراك لدلالة النص هو المطلوب في الحالتين أي: معرفة ما فيه من معنى او دقة او نكتة او طرافة او رمز الخ... ولكن الشطر الاخر المضاد للفهم هو المطلوب من قارئ الدعاء بان يتبينه وهو ما عبر الذكر المتقدم عنه بكلمة "الوهم" حيث التوسل بالله تعالى ان يخرجنا من ظلمات "الوهم" عند قراءتنا لنص من النصوص ... ترى ... ما هو المقصود من عبارة "الوهم"؟...
لا نتأمل طويلاً حتى ندرك بان كلمة "الوهم" هي من العبارات الاكثر لصوقاً بدلالة "عدم المعرفة" فعدم المعرفة مثلاً ينسحب على "الخطأ" و"الظن" و"الشك" و"الوهم" والاحتمال او عدم ادراكنا اساساً لمعنى النص... ولكن الدعاء او الذكر الذي نتحدث عنه: استخدم عبارة "الوهم" للتعبير عن الحالات المذكورة "أي عدم الفهم" والخطأ او الشك ... لذلك نتساءل ماذا يمكن لقارئ الدعاء ان يستخلصه من عبارة "الوهم" حيث توسل الدعاء بالله تعالى بان يخرجنا من ظلمات الوهم؟...
في تصورنا ان كلمة "الوهم" تعني ما يقابل الادراك او الفهم فالوهم هو: ان نتخيل، ما لا حقيقة له، أي ان نتصور مفهوماً او شيئاً بخلاف ما هو عليه في واقعه، او نفهمه اساساً، وحينئذ نتوسل بالله تعالى ان يخرجنا من الوهم المذكور، أي عدم الفهم الى الضد من ذلك.. غير ان ما نعتزم توضيحه في هذا الشأن هو: التعبير الاستعاري الذي لجأ اليه الذكر او الدعاء ونعني به عبارة "الظلمات" بالنسبة الى "الوهم" وعبارة "النور" بالنسبة الى الفهم.
حيث ان احدنا من الممكن ان يتساءل قائلاً الا كان ممكناً مثلاً ان يقول الذكر اللهم اجعلنا نفهم ما يتضمنه النص من المعنى وابعدنا عن الوهم... فهنا قد تعبر الكلمات المذكورة عن مضمون الدعاء او الذكر ولكن ثمة نكتة او جملة نكات وراء الاستعارة القائلة "اللهم اخرجني من ظلمات الوهم" والاستعارة القائلة "واكرمني بنور الفهم" حيث سنرى كيف ان عبارتي "الظلمات" و"النور" تنطويان على دقائق العملية المواكبة للقراءة اومطالعة النص وهذا ما نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
اخيراً: يتعين علينا لكي نمتلك معرفة ما اراده الله تعالى لعباده ان نتوسل به تعالى بالدعاء المذكور ومن ثم ان نمارس تطبيقاً لما هو مطلوب منا وان ندرب ذواتنا عليه، ونتصاعد بوظيفتنا العبادية الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة