بسم الله وله الحمد والثناء أكرم الكرماء وأرحم الرحماء جزيل الفضل والعطاء، وأطيب صلواته وتحياته وبركاته على قدوة الأولياء الصالحين الأصفياء الصادقين الحبيب محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أعزائنا المستمعين، على بركة الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج لكي نتعرف فيها علي اثنتين من أمهات خصال الخير التي يتحلى بهما أحباء الله عزوجل، نستلهمهما من المقطع السابع عشر من دعاء مولانا الإمام زين العابدين في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال، حيث يقول – صلوات الله عليه –: "اللهم أسلك بي الطريقة المثلى واجعلني على ملتك أموت وأحيا.. يا أرحم الراحمين".
مستمعينا الأفاضل، (الطريقة المثلى) تعبير مقتبس من القرآن الكريم ومعناه المنهج الأمثل والأفضل للحياة قال العلامة الأديب السيد علي خان المدني الشيرازي في شرحه لأدعية الصحيفة السجادية المسمى (رياض السالكين): (المراد بالطريقة المثلى سبيل الحق الموصلة إلى الله تعالى والتي تطابقت على الهداية إليه عزوجل ألسنة الرسل والأولياء – عليهم السلام –.وقيل هي السيرة المختصة بالسالكين إلى الله تعالى مع قطع المنازل والترقي في المقامات، وروى ثقة الإسلام عن أبي جعفر (الباقر) عليه السلام في قول الله تعالى "وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً"(سورة الجن۱٦) يقول – عليه السلام -: [أي] لأشربنا قلوبهم الإيمان، والطريقة هي ولاية علي بن أبي طالب والأوصياء عليهم السلام.
إذن – مستمعينا الأكارم – الصفة الأولى لأحباء الله والمستفادة من قول مولانا الإمام السجاد - عليه السلام -: (اسلك بي الطريقة المثلى)، هي أنهم يستعينون بالله عزوجل للتمسك – بكل قوة – بالطريقة الفضلى في الحياة والتي تضمن لهم النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.
وهذه الطريقة هي التي أشار إليها القرآن الكريم وبين بعض بركاتها، ونبه إلى نقيضها وذلك في الآيات السادسة عشرة إلى العشرين من سورة الجن حيث قال عز من قائل {وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا".
ومن هذه الايات الكريمة يتضح أيها الإخوة والأخوات أن الطريقة المثلى في الحياة التي يتمسك بها عباد الله الصالحون هي طريقة التوحيد الخالص فهم يعبدون الله ويدعونه ولا يشركون به أحدا على نهج عبد الله المطلق الكامل الرسول الأكرم –صلى الله عليه وآله–، ويتجنبون الأعراض عن ذكره عزوجل لأن في ذلك أشد العذاب وهو المشار إليه بقوله عزوجل "...عَذَاباً صَعَداً"(سورة الجن ۱۷).
أعزائنا المستمعين، وهذا النهج المحمدي والطريقة المثلى في الحياة هي التي أكملها الله تعالى بالولاية، ولذلك فإن سلوك هذا النهج والطريقة المثلى يتجسد بالتمسك بولاية أميرالمؤمنين والأئمة من ولده وهم أوصياء النبي الإثنا عشر – عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام –.
وقد نصت على ذلك عدة من الأحاديث الشريفة نظير حديث الإمام الباقر – عليه السلام – المروي في كتاب الكافي، والذي تقدم نقله، وكذلك ما روي في كتاب الكافي أيضا عن السيد الجليل عبد العظيم الحسني، عن الباقر – عليه السلام – أنه قال في بيان مصداق آية الإستقامة على الطريقة، قال: (يعني لو استقاموا على ولاية أميرالمؤمنين علي عليه السلام – والأوصياء من ولده وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم".
وفي تفسير (مجمع البيان) عن الإمام الصادق – عليه السلام – في معنى الآية الكريمة قال: (يعني ولأمددناهم علما كثيرا يتعلمونه من الأئمة.." أي أن الإستقامة على ولاية أهل بيت النبوة – عليهم السلام – تجعل الإيمان يستقر راسخا في القلوب مقترنا بالعلم الإلهي النقي الذي يتعلمونه منهم – عليهم السلام –.
مستمعينا الأفاضل، وعلى غرار هذه التوضيحات تتضح أيضا الصفة الثانية من صفات أحباء الله وعباده الصالحين وهي المشار إليها في قول مولانا الإمام زين العابدين – عليه السلام – في دعائه حيث قال (واجعلني على ملتك أموت وأحيا) فمعنى (ملة الله) هي تلك الطريقة المثلى في الحياة أي المنهج المحمدي الأصيل المتمثل في سيرة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – وعترته الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين –. وهذه الصفة ورد ذكرها في كثير من النصوص الشريفة نظير ما ورد في زيارة عاشوراء حيث يدعو الزائر قائلا "اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل محمد ومماتي ممات محمد وآل محمد – عليه وعليهم السلام –".
وإلى هنا نصل مستمعينا الأطائب إلى ختام حلقة أخرى من برنامج سيماء الصالحين قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.. ومسك الختام هو أن نتوجه معا إلى الله طالبين منه جلت قدرته الإعانة على التحلي بالصفتين المتقدمتين من صفات أحبائه قائلين: "اللهم أسلك بي الطريقة المثلى واجعلني على ملتك أموت وأحيا.. يا أرحم الراحمين".