بسم الله وله الحمد والمجد ولي المؤمنين والصلاة والسلام على أسوة الصالحين وقدوة الصادقين محمد المصطفى وآله الطاهرين.
السلام عليكم أعزائنا المستمعين، معكم في حلقة جديدة من برنامجكم هذا نتدبر فيها في المقطع الثاني والعشرين من دعاء مولانا الإمام السجاد زين العابدين في طلب مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال، قال – صلوات الله عليه –: "اللهم صل على محمد وآله وتوجني بالكفاية وسمني حسن الولاية وهب لي صدق الهداية ولا تفتني بالسعة وامنحني حسن الدعة ولا تجعل عيشي كدا كدا ولا ترد دعائي علي ردا فإني لا أجعل لك ضدا ولا أدعو لك ندا، يا أرحم الراحمين".
الصفة الأولى التي نستفيدها من هذا المقطع هي أن أحباء الله يتحلون بفضيلة الإستغناء بالله عزوجل أي أنهم يتعففون عما في أيدي الناس من متاع الحياة الدنيا، لأنهم يرون عزتهم وزينتهم بالكفاية أي الإستكفاء بالله والإستغناء به عزوجل، فهم الذين يطلبون منه جلت نعماؤه بأن يتوجهم بهذا الغنى المعنوي.
أما الصفة الثانية التي يدعونا إمامنا زين العابدين – سلام الله عليه – فهي أن نقتدي بعباد الله الصالحين في الإستعانة الصادقة بالله عزوجل لكي يستقيموا على حسن التمسك بولايته تبارك وتعالى وولاية أوليائه المعصومين – عليهم السلام –. فيتقنون أعمالهم في نصرة الله ونصرة دينه ونصرة أوليائه، فيكونون بذلك ممن يحظون بنصرة الله لهم بالمراتب العليا من النصرة والتسديد لأعمالهم الخيرة كما يصرح القرآن الكريم في قوله "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ"(سورة محمد۷).
أيها الإخوة والأخوات، الفضيلة الثالثة المستلهمة من المقطع الثاني والعشرين من دعاء مكارم الأخلاق فهي أن عباد الله الصالحين مجتهدون في طلب الهداية من الله عزوجل وهي الهداية الخاصة التي يقذفها الله عزوجل في قلب من يشاء من عباده، أي الهداية الإلهامية التي تتميز بكامل الصدق في مطابقتها للواقع الخالية من أي شكل من أشكال الشبهات والتلبيسات.
كما أن عبارة (وهب لي صدق الهداية) تتضمن طلب تصديق الهداية بمعني أن تطابق أفعال المؤمن الهدى الذي يعتقد به فيكون مهديا في أقواله وأفعاله وعقائده ونواياه، أي تكون مطابقة للهداية الإلهية جميعا.
والرابعة من فضائل عباد الله الصالحين التي نستفيدها من المقطع المتقدم هي التي تتضمنها عبارة (ولا تفتني بالسعة)، أي أنهم لا يشغلهم الغنى وتتابع النعم الإلهية عليهم المادية والمعنوية، عن الإجتهاد في طاعة الله وعبادته ولا تسبب لهم الإنحدار إلى حب الدنيا، بل يحمدون الله على هذه النعم ويتمتعون بها دون إسراف وينفقون منها على خلق الله ابتغاء لرضاه عزوجل، طالبين منه حسن الدعة أي جميل الإستفادة من هذه النعم.
أما الخامسة من فضائلهم فهي أنهم لا يستهلكون كل جهدهم في كسب أسباب المعيشة، بل يخصصون لذلك جزء من كدهم وجهدهم واثقين ببركة الله في كدهم ويتوجهون إلى الله بالطاعات الأخرى مخصصين لها الجزء الآخر من جهدهم.
أما الخامسة من خصال أحباء الله فهي ظهور توحيدهم العقائدي في سلوكهم العملي، فهم لا يشركون بالله عقائديا – وهذا الظلم الفظيع – كما أنهم لا يشركون عمليا بالله عزوجل، فلا يتوكلون على جهدهم وكدهم وحده في طلب الرزق مثلا، ولا يتوجهون إلى غير الله عزوجل لقضاء حاجاتهم، بل يتوجهون إلى الله باعتباره مسبب الأسباب يطلبون الشفاء بالدواء مثلا وهم على يقين أن تأثير الدواء إنما يتحقق بإذن الله وإرادته تبارك وتعالى.
ولذلك فإن الله عزوجل يكرمهم ويشكر صدق توحيدهم بأن يستجيب دعاءهم لطفا بهم، ولا يرده بعد أن عرف منهم أنهم قد توكلوا بصدق عليه وحده لا شريك له.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم – أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران – أن يعيننا ويوفقنا التحلي بما عرفناه من صفات أحبائه وعباده الصالحين ببركة التمسك بولاية محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
وفي ختام حلقة اليوم من برنامجكم (سيماء الصالحين) ندعوكم أيها الأحبة إلى التوجه إلى الله عظمت رحمته بالفقرات الدعائية التي تناولناها في هذا اللقاء وهي:
"اللهم صل على محمد وآله وتوجني بالكفاية وسمني حسن الولاية وهب لي صدق الهداية ولا تفتني بالسعة وامنحني حسن الدعة ولا تجعل عيشي كدا كدا ولا ترد دعائي علي ردا فإني لا أجعل لك ضدا ولا أدعولك ندا، يا أرحم الراحمين".