بسم الله والحمد لله نور السموات والأرضين والصلاة والسلام على مطالع نوره المبين ومشارق ضيائه المستبين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أعزائنا المستمعين، على بركة الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج ومع المقطع الحادي والعشرين من دعاء مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال وهو الدعاء العشرون من صحيفة مولانا الإمام سيد الساجدين وزين العابدين، نتعرف منه عن صفات أخريات من مكارم أخلاق أحباء الله وعباده الصالحين، قال الإمام السجاد – عليه السلام – في هذا المقطع: "اللهم صل على محمد وآله وادرأ عني بلطفك، واغذني بنعمتك وأصلحني بكرمك وداوني بصنعك وأظلني في ذراك وجللني رضاك ووفقني إذا اشتكلت علي الأمور لأهداها وإذا تشابهت الأعمال لأزكاها وإذا تناقضت الملل لأرضاها يا أرحم الراحمين".
مستمعينا الأحبة، إن عباد الله الصالحين مجتهدون في التخلق بأخلاقه الكريمة تبارك وتعالى، وقد جاء في الأحاديث القدسية ما مضمونه أن الله عزوجل قد أمر أوليائه بأن يخرجوا لعباده بأخلاقه أن يظهروها لهم بالتخلق بها لكي يعرفوه رحيما لطيفا كريما فيحبوه. وانطلاقا من هذه القاعدة، نستفيد من المقطع المتقدم من الدعاء السجادي المبارك، عدة من خصال أحباء الله وعباده الصالحين.
فعندما يعلمنا الدعاء أن نطلب من الله عزوجل أن يدرأ عنا كل سوء وأذى بلطفه أي يدفعه عنا، فعلينا أن نعلم من صفات أحبائه اجتهادهم بأن يدفعوا بلطف ورفق الأذى والسوء عن خلق الله.
وكذلك الحال عندما نطلب من الله أن يطعمنا ويغذينا بنعمه، ففي ذلك دعوة ضمنية أن نتحلى بخلقه فنطعم الناس ونغذيهم مما أنعم الله به علينا فهذه صفة أخرى من خصال عباد الله الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، والصفة الثالثة من صفات أحباء الله التي يعلمنا إمامنا زين العابدين – صلوات الله عليه – أن نتحلى بها هي أن نسعى في إصلاح ما فسد من أمور المسلمين بروح كريمة معطاء مثلما نطلب من الله عزوجل إصلاحنا بكرمه تبارك وتعالى.
والصفة الرابعة هي أن نتخلق بخلق الله جل ذكره في مداواة ومعالجة أمراض عباده المادية والمعنوية بجميل الصنع والإحسان، فنسعى لمعالجة أمراض الآخرين بالعطاء والبر. أما الصفة الخامسة فهي أحبتنا ستر الآخرين وما خفي عن الناس من المعائب مثلما نطلب من الله أن يظللنا ويسترنا بذراه أي أستاره تبارك وتعالى، فعباد الله الصالحون يتورعون عن تتبع عثرات الآخرين وإذا عرفوا منها شيئا ستروها.
والصفة السادسة لأحباء الله عزوجل هي التي يتخلقون بخلقه في إحاطة عباده برضاه فيوفقهم لما يرضاه ويقبل منهم اليسير ويشكرهم بالجزيل.
أيها الإخوة والأخوات، والصفة السابعة من خصال عباد الله الصالحين التي نستلهمها من المقطع الحادي والعشرين من دعاء مكارم الأخلاق، هي كونهم يستعينون بالله جلت قدرته لكي يفوزوا ليس بالهدى بل أهدى الأمور ولكي يوفقهم ليس للأعمال الزاكية بل لأزكى الطاعات والأعمال الصالحة أي أكثرها إخلاصا في النية وأحسنها إتقانا في الإنجاز.
كما أنهم يتحررون في مناهج علمهم وفي عقائدهم وأفكارهم لأرضاها لله تبارك وتعالى. فهم يتطلعون باستمرار للأفضل والأحب لبارئهم عزوجل.
أعزائنا المستمعين، وثمة صفة ثامنة من صفات أحباء الله نستفيدها من مقطع الدعاء المتقدم، هي كونهم يتجنبون العمل بآرائهم ورغباتهم عند الفتن العقائدية وظهور الشبهات والإختلافات والتناقضات بين الناس، وبدلا من ذلك يتوجهون إلى الله عزوجل طلبا للهداية إلى الحق الواضح الذي فيه رضاه. جاء في الدعاء المستحب بعد صلاة زيارة الإمام الجواد – عليه السلام –: "اللهم صل على محمد وآله وأرني الحق حقا فأتبعه والباطل باطلا فأجتنبه ولا تجعله علي متشابها فأتبع هواي بغير هدى منك واجعل هواي تبعا لطاعتك وخذ رضا نفسك من نفسي واهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
نشكر لكم أعزائنا مستمعي إذاعة طهران طيب الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج (سيماء الصالحين)، ندعوكم في ختامها للتوجه معا إلى الله عزوجل بالدعاء الذي تناولناه فيها وهو: "اللهم صل على محمد وآله وادرأ عني بلطفك، واغذني بنعمتك وأصلحني بكرمك وداوني بصنعك وأظلني في ذراك وجللني رضاك ووفقني إذا اشتكلت علي الأمور لأهداها وإذا تشابهت الأعمال لأزكاها وإذا تناقضت الملل لأرضاها يا أرحم الراحمين".