بسم الله وله عظيم الحمد ذي الفضل والإنعام والجود والإحسان، وأطيب صلواته وتحياته وبركاته على قدوة أحبائه وأسوة عباده الصالحين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين ورحمة الله وبركاته. أزكى تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة اليوم من هذا البرنامج نستلهم فيها خصال أحبائه الصالحين من المقطع الرابع عشر من دعاء مولانا الإمام سيد الساجدين في طلب مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال.. قال صلوات الله عليه: "اللهم صل على محمد وآل محمد ولا أظلمن وأنت مطيق للدفع عني، ولا أظلمن وأنت القادر على القبض مني ولا أضلن وقد أمكنتك هدايتي ولا أفتقرن ومن عندك وسعي ولا أطغين ومن عندك وجدي.. يا أرحم الراحمين".
خمس من خصال أحباء الله الصالحين يمكننا – مستمعينا الأفاضل – استفادتها من المقطع المتقدم من الدعاء السجادي الشريف.
الخصلة الفاضلة الأولى هي أنهم لا يسمحون للوهن والضعف والجزع ونظائرها أن تتسلل إلى نفوسهم إذا تعرضوا للظلم، والسر في ذلك هوكونهم على ثقة وإيمان كاملين بأن الله جلت قدرته قادر على دفع الظلم عنهم، فهو جل جلاله يدافع عن الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة كما صرح في كتابه المجيد، فلماذا يصيب الضعف والجزع عباده الصالحين إذا نزل بهم الظلم وهم يعلمون أن الله قادر على دفعه عنهم، وإعانتهم على النجاة منه متى ما اقتضت ذلك حكمته جل ذكره.
أيها الإخوة والأخوات، أما الصفة الثانية لعباد الله الصالحين والمستفادة من المقطع الرابع عشر من دعاء مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال فهي أنهم شديدوا التورع عن جميع أشكال الظلم لأنفسهم وللآخرين. لأنهم على يقين بأن الله تبارك وتعالى يكره الظلم وهو قادر على منع من يشاء منه، ولذلك فهم يطلبون منه جلت قدرته أن يمنعهم ويحصنهم من أن يرتكبوا عن عمد أو عن غير قصد أي شكل من أشكال الظلم لأنفسهم وللآخرين.
والصفة الثالثة من صفات أحباء الله هي دوام طلبهم من الله عزوجل الهداية والنجاة من جميع أشكال الضلالة لجميل إيمانهم بأنه سبحانه وتعالى قادر على هدايتهم وتعريفهم بالموقف الذي يرتضيه لهم في كل شأن من شؤونهم وفي كل ما يعرض لهم في حياتهم اليومية.
وهذه الصفة مستلهمة من أمر الله عزوجل لعباده بأن يطلبوا منه الهداية إلى الصراط المستقيم إحدى عشرة مرة على الأقل كل يوم إذ أوجب عليهم تلاوة سورة الفاتحة التي تتضمن هذا الطلب إحدى عشرة مرة في صلوات الفرائض اليومية الخمس.
إذن فإمامنا زين العابدين – صلوات الله عليه – يعلمنا هنا أن نتحرى الهداية الإلهية وما يرتضيه الله لنا في كل حركاتنا وسكناتنا اليومية ونطلب منه عزوجل أن لا نقع في أي شكل من أشكال الضلالة عن صراطه المستقيم.
أعزائنا المستمعين، والصفة الرابعة من صفات عباد الله الصالحين التي نستفيدها من المقطع الرابع عشر من دعاء مكارم الأخلاق، فهي كونهم أغنياء – بربهم الكريم – تبارك وتعالى، لا يستشعرون الفقر لشيء مما في أيدي الآخرين لثقتهم بأن الله كاف عباده يرزقهم ما يحتاجونه من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون، فهم لا يفتقرون لشيء لأنهم يطلبون رزقهم من الله جل ذكره وهو واسع كريم.
وفي المقابل فإن سعة الرزق مهما ازدادت لا تؤدي بهم إلى الطغيان لأنهم لا يشعرون في أي حال بالإستغناء الذاتي ولا يتوهمون بأن غناهم من عند أنفسهم، فالشعور بالإستغناء الذاتي هو الذي يوقع الإنسان بالطغيان إذا ازدادت ثروته وممتلكاته، في حين أن عباد الله الصالحين يؤمنون بأن كل ما يمتلكون هو من عند الله وملك لله تعالى عز وجل يمكن أن يسلبه من طغى في أي وقت كما فعل بقارون عندما أسقطته ثروته في هاوية الطغيان فكان من الخاسرين. إذن فالصفة الخامسة لأحباء الله هي تنزههم عن الطغيان مهما تضاعفت ثرواتهم المادية أو المعنوية لعلمهم أنها جميعا من عند الله فيحمدونه عليها ويدفعون الطغيان النفسي بجميل الشكر لواهبها المنان الكريم عزوجل.
أيها الإخوة والأخوات، وفي ختام حلقة اليوم من برنامج (سيماء الصالحين) التي استمعتم إليها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، نتوجه معا إلى الله طالبين منه التحلي بالصفات الخمس المتقدمة من صفات عباده الصالحين قائلين:
"اللهم صل على محمد وآل محمد ولا أظلمن وأنت مطيق للدفع عني، ولا أظلمن وأنت القادر علي القبض مني ولا أضلن وقد أمكنتك هدايتي ولا أفتقرن ومن عندك وسعي ولا أطغين ومن عندك وجدي.. يا أرحم الراحمين".