بسم الله والحمد الله أنيس الذاكرين وموضع حاجات الطالبين، وأتم وأكمل صلواته وصلوات ملائكته المقربين على رحمته الكبرى للعالمين محمد وآله الطاهرين. سلام من الله عليكم أحبتنا المستمعين، أهلا بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، مع مقطع آخر من دعاء (مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال) نتعرف فيه على خصال أخرى من صفات أحباء الله وعباده الصالحين، ومقطع هذه الحلقة هو الثالث عشر من الدعاء الشريف وفيه يقول مولانا الإمام زين العابدين – صلوات الله عليه –: "اللهم اجعل ما يلقي الشيطان في روعي من التمني والتظني والحسد ذكرا لعظمتك وتفكرا في قدرتك وتدبيرا على عدوك. وما أجرى على لساني من لفظة فحش أو هجر أو شتم عرض أو شهادة باطل أو اغتياب مؤمن غائب أو سب حاضر وما أشبه ذلك نطقا بالحمد لك وإغراقا في الثناء عليك وذهابا في تمجيدك وشكرا لنعمتك واعترافا بأحسانك وإحصاء لمننك.. يا أرحم الراحمين".
يشتمل هذا المقطع مستمعينا الأفاضل على بيان اثنين من صفات عباد الله الصالحين في مجاهدة الشيطان ومكائده. الصفة المحورية الأولى ترتبط بمواجهتم لثلاثة من الذنوب القلبية التي يسعى الشيطان ببثها في قلب المؤمن، وهي: أولا التمني ويعني ما يعرف في المصطلحات الحديثية بأحلام اليقظة أي أن يتخيل الإنسان في ذهنه حدوث أمر يرغب في حدوثها، وهنا يسعى الشيطان إلى أن يسوق هذه التخيلات باتجاه تلبية أهواء النفس وشهواتها.
وعباد الله الصالحون، يحبطون كيد الشيطان وما يلقيه في تمنيهم بأن يجعلوا كل تمنياتهم مقرونة بذكر عظمة الله عزوجل لكي تكون تخيلاتهم باتجاه تمني ما يقربهم منه عزوجل.
وثانيا: التظني ومعناه سعي الشيطان لإثارة سوء الظن في روع الإنسان تجاه الآخرين أو تجاه الله عزوجل وتدبيره لشؤون عباده.
وأحباء الله الصالحون يحبطون هذا المسعى الشيطاني بأن يتفكروا _مع كل ظن سيء يثار في قلوبهم_ بقدرة الله عزوجل المتجلية في حسن تدبيره لشؤون خلقه وجميل صنعه بهم، فيدفعوا بذلك سوء الظن بالله عزوجل وبخلقه الذين لا يخرجون عن إرادته. وثالثا الحسد ومعناه تمني زوال النعمة عن الغير وانتقالها إلي المحسود ومع كل إثارة شيطانية لهذا المرض القلبي المدمر، يتوجه عباد الله الصالحون إلى الإجتهاد في رد كيد الشيطان والتدبير الحسن لدفعه، لعلمهم بأن حسده لآدم – عليه السلام – كان هو السبب الذي أبعده عن الرحمة الإلهية وجعله من الملعونين.. أعاذنا الله وإياكم من مكائده.
أيها الإخوة والأخوات، الصفة المحورية الثانية لعباد الله الصالحين التي يشتمل على بيانها المقطع الثالث عشر من دعاء مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال، ترتبط بكيفية دحرهم لمساعي الشيطان الرامية إلى إيقاعهم في معاصي اللسان وهي من أكثر الذنوب انتشارا. إن أحباء الله يستعينون به جلت قدرته، لدحر مساعي الشيطان الرجيم لإيقاعهم في معاصي اللسان بالتوجه إلى أضداد هذه المعاصي من مصاديق ذكر الله عزوجل.
في المقطع المتقدم يعلمنا مولانا الإمام زين العابدين صلوات الله عليه أن نستبدل معصية التلفظ بالفحش أي الكلام النابي والسيء بكرامة تكرار أذكار الحمد لله ذي الفضل والإنعام وهي من أطيب الذكر وأعظمه بركة إذ أن الله عزوجل يسمع دعاء من حمده.
كما يعلمنا – عليه السلام – أن نتوجه إلى الثناء على الله عزوجل وجميل صفاته وسعة رحمته، كلما سعى الشيطان إلي إيقاعنا في ذميمة التلفظ بألفاظ (الهجر) ومعناه القبيح من القول والكلام اللغو الذي لا فائدة منه.
وكذلك يعلمنا مولانا السجاد – عليه السلام – أن نستعين بالله فنستبدل الشتم للأعراض أو النطق بشهادات الزور أو الثناء الباطل على الآخرين أو اغتياب المؤمنين أو سبهم، نستبدلها بأزكى الكلام وهو تمجيد الله عزوجل للطيف صنعه بالعباد وشكر نعمائه التي لا تحصى والإقرار بإحسانه وتفضله واستذكار مننه وآلائه الكثيرة.
وبذلك فإن من أجمل صفات الصالحين انشغال ألسنتهم وقلوبهم بذكر الله عن فضول الكلام وومعاصي اللسان أعاذنا الله وإياكم منها.
أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، في ختام حلقة اليوم من برنامج (سيماء الصالحين) نتوجه معا إلى الله عزوجل طالبين الإعانة على التحلي بما عرفناه فيها من خصال أحبائه فنقول:
"اللهم اجعل ما يلقي الشيطان في روعي من التمني والتظني والحسد ذكرا لعظمتك وتفكرا في قدرتك وتدبيرا على عدوك. وما أجرى على لساني من لفظة فحش أو هجر أو شتم عرض أو شهادة باطل أو اغتياب مؤمن غائب أو سب حاضر وما أشبه ذلك نطقا بالحمد لك وإغراقا في الثناء عليك وذهابا في تمجيدك وشكرا لنعمتك واعترافا بأحسانك وإحصاء لمننك.. يا أرحم الراحمين".