البث المباشر

رؤية الله عز وجل بصرية أم قلبية

الإثنين 24 يونيو 2019 - 13:04 بتوقيت طهران
رؤية الله عز وجل بصرية أم قلبية

مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تعتبر مسألة رؤية الله من المسائل الكلامية المهمة التي حظيت بنطاق واسع في البحث لما لها من مدخلية كبيرة في قضية التوحيد والحاح العقل في استيضاحها في هذه الحلقة يتناول الشيخ رضوان والشاب احمد هذا الموضوع وصولاً الى الحقيقة التي يثبتها العقل ويدلل عليها النقل فكونوا معنا ...
الشيخ: يا احمد اراك غارقاً في التفكير؟
احمد: نعم يا شيخ قرأت رواية عن أمير المؤمنين الامام علي(ع) انه قال: "ما رأيت شيئاً الا ورأيت الله قبله ومعه وفيه وبعده".
الشيخ مقاطعاً: ماذا بعد؟
احمد: خطر في ذهني سؤال عن ماهية هذه الرؤية وكيف ان الامام علياً(ع) يرى الله قبل ومع وفي كل شيء؟
الشيخ: قبل ان ندخل في تفسير هذا الحديث الشريف هل تعلم ان رؤية الله عن طريق حاسة البصر امر مستحيل؟
احمد: لماذا لا نستطيع ان نرى الله سبحانه رغم وجوده بل هو مصدر الوجود؟
الشيخ: يا بني هناك اربع قواعد اساسية لتحقق مسألة الرؤية بشكل عام؟
احمد: ما هي هذه القواعد؟
الشيخ: الاولى هي ان الرؤية البصرية لا تقع الا بحاسة وهذا ما عليه الانسان باعتبار جسمانيته، الثانية: الرؤية البصرية من نوع القضايا التي اذا صحت وجبت بمعنى ان ما يصح ان تراه العين مع توفر شرائط الرؤية يجب ان تراه العينان. القاعدة الثالثة: ان ما يصح ان يرى تقع رؤيته من الجميع بمعنى آخر فلا وجه لتخصيص الرؤية بجماعة دون اخرى. والاخيرة: ان ما يصح ان يرى تقع رؤيته على كل حال دون تخصيص الرؤية بزمان دون آخر.
احمد: طيب يا شيخ ما هو مقتضى ومصداق القاعدة الاولى بالنسبة الى رؤية الله تعالى؟
الشيخ: مقتضاها ان ما يرى بحاسة يجب ان يكون محسوساً وهذا ما لا ينطبق على الله لانه غير الجسم.
احمد: ما هو الدليل على ان الله ليس بجسم؟
الشيخ: انتبه يا بني جيداً، كل جسم قائم بغيره! ما معنى هذا الكلام؟ هذا سؤال يدور في ذهنك صحيح؟
احمد: نعم نعم كل جسم قائم بغيره...؟؟!!
الشيخ: معنى هذا الكلام ان كل جسم يحتاج الى اجزاء لكي يكون موجوداً، اذاً وجود وحياة هذا الجسم اصبح رهن اجزاءه بمعنى ان الجسم لا يكون قائماً بذاته بل قائماً بوجود الاجزاء فعندما نقول ان الله هو مبدأ الوجود وخالق الوجود نعني بذلك ان وجوده "عز وجل" قائم بذاته ولا يحتاج الى اجزاء اخرى لكي يكون موجوداً بل يتمتع بالحياة والوجود بذاته.
احمد: اذن على هذا الاساس فلا يمكن ان يكون الله جسماً؟
الشيخ: نعم هذه هي النتيجة الصحيحة مما تقدم.
احمد: ماذا نستنتج من القاعدة الثانية القائلة ان الرؤية البصرية اذا صحت وجبت؟
الشيخ: لو كان الله مما يصح ان يرى لكانت رؤيته حاصلة بلا تكلف.
احمد: ربما يقول البعض ان رؤية الله لا تتم الا للاولياء الصالحين؟
الشيخ: ولكن هذا القول يعارض القاعدة الثالثة التي تؤكد انه لو كان الله مما يصح ان يرى رؤية بصرية فلازمه ان يراه المؤمن والكافر معاًً.
احمد: والقاعدة الرابعة ماذا تقول؟
الشيخ: نعم احمد مقتضاها ان الله لو كان مما يصح ان يرى فلازمه ان يراه الرائي في كل زمان دون تخصيص أي وقت آخر.
احمد: ولكن الآية المباركة (وجوه يومئذ ناضرة)، الى ربها ناظرة تصرح تصرح بامكان رؤية الله "ناظرة" في الآخرة؟
الشيخ: لا تستعجل يا احمد ان مراد هذه الآية هو انتظار الرحمة الالهية وهناك شواهد قرآنية كثيرة تؤيدان النظر لا يلازم الرؤية فقد يقترن بها وقد يفترق عنها.
احمد: ولكن كيف يا شيخ؟
الشيخ: اعلم يا بني ان النظر هو مد الطرف نحو الشيء رآه او لم يره.
احمد: ولكن البعض من المسلمين يصرون على التلازم بين النظر والرؤية؟
الشيخ: نعم هذا قول الاشاعرة ولكن لا يدل ذلك حتماً على الرؤية البصرية ربما لاحتمال ان يكون المراد بالرؤية القلبية التي هي من خواص المؤمنين في الدنيا والآخرة.
احمد: الرؤية القلبية؟ ما تقصد منها يا شيخ؟
الشيخ: أي ان الانسان يرى الله تعالى لكن لا بعينيه بل عن طريق بصيرة قلبية نافذة لان البصر قاصر عن ادراك الغيب وان الغيب لا يهبط الى مستوى المادة فيراه بحقيقة الايمان ومقتضى تلك الرؤية ان يرقى الانسان الى مستوى اكمل بحيث تتجلى الماورائيات امام بصيرته كما كان الامام امير المؤمنين علي(ع) فقد كان يعيش حضور الله تعالى في جميع حالاته بل كانت بصيرته القلبية حديدية وهو في الدنيا.
احمد: وانا ايضاً قد قرأت رواية عنه(ع) يقول: "لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً".
الشيخ: احسنت كانت الحقائق الماورائية متجلية امام بصيرته بتمامها حيث لا يزداد في ذلك شيئاً عندما تنكشف الامور له في الآخرة وهذا هو المعنى الحقيقي لقضية رؤية الله تعالى الذي يؤكده القرآن الكريم والروايات والنمط السليم.
الختام:
مستمعينا بهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج حوارات عقائدية نلتقي بكم في لقاء قادم ونستمر معكم في هذا الموضوع أي "رؤية الله بين التنزيه والتشبيه" والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة