البث المباشر

أدلة ومشروعية البكاء على الموتى

الإثنين 24 يونيو 2019 - 14:10 بتوقيت طهران
أدلة ومشروعية البكاء على الموتى

مستمعينا الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته طابت اوقاتكم بكل خير ومرحباً بكم وانتم تتابعون حواراً جديداً بين الشيخ رضوان والشاب احمد وهما يتناولان موضوع البكاء على مولى المؤمنين حيث يعتبر من الموارد المشروعة التي ندبت اليه الشريعة المقدسة، لكن البعض ذهب الى حرمته. تعالوا معنا لنتابع هذا الحوار...
الشيخ "باكياً": انا لله وانا اليه راجعون.
احمد: البقاء في حياتك في مصاب ابنك.
الشيخ: حفظك الله من سوء ومن شر الدنيا لقد كان ابني يحب الخير للناس.
احمد: رحمه الله لقد توفي اثر حادث مرور في طريقه لايصال المساعدات الى الفقراء.
الشيخ: الحقيقة يا أخ احمد في هذا اليوم خطر ببالي ان نطرح موضوع البكاء على الموتى.
احمد: لكن ـ يا شيخ ـ ظروفك لا تسمح لنا.
الشيخ "مقاطعاً": كلا يا احمد سل ما بدى لك فان موت ولدي حق وليس من الحق مهرب بل علينا انتهاز الوقت فكما يقول امير المؤمنين(ع) (الرحيل وشيك).
احمد: طيب يا شيخ لماذا اختلف المسلمون في جواز البكاء على مولى المؤمنين؟
الشيخ: يا احمد ان منشأ الخلاف في المسألة يرجع لرواية رواها البعض عن النبي(ص) انه قال: الميت يعذب ببكاء اهله عليه.
احمد: وهل الرسول(ص) قال ذلك؟
الشيخ: لا يا احمد بل قال ان الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء اهله عليه ويؤكد ذلك موقف الصحابة من الرواية الاولى ونعتها بالخطاء.
احمد: هل من مثال على تلك المواقف المعارضة.
الشيخ: نعم يا احمد عندما مات الخليفة الثاني ذكر ابن عباس تلك الرواية لعائشة زوجة الرسول(ص) فقالت عائشة: لا والله ما حدث رسول الله ان الميت يعذب ببكاء اهله عليه ولكن قال: ان الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء اهله عليه وقالت عائشة: حسبكم القرآن الا تزر وازرة وزر اخرى ثم قال ابن عباس: والله اضحك وابكى.
احمد: لعل تلك الرواية تحريف لما روي من انه في يوم من الايام مر الرسول(ص) على يهودية يبكى عليها فقال(ص) انه ليبكى عليها وانها لتعذب في قبرها.
الشيخ: اجل وترد هنا رواية اخرى عن ابي هريرة تحدث فيها عن انه عندما مات احد ارحام الرسول(ص) فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن فقال رسول الله(ص): "دعهن يا عمر فان العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب".
احمد: ما هو مصدر هذه الرواية الاخيرة؟
الشيخ: تجدها في كتاب سنن النسائي وسنن ابن ماجة وغيرهما.
احمد: فضيلة الشيخ هل بكى الرسول(ص) على موتاه؟
الشيخ: نعم، لقد بكى النبي(ص) على عمه حمزة وحث المسلمين على البكاء عليه.
احمد: كيف حث النبي(ص) على البكاء على حمزة؟
الشيخ: لما سمع رسول الله(ص) بعد غزوة احد البكاء من دور الانصار على قتلاهم ذرفت عيناه(ص) وبكى وقال: "لكن حمزة لا بواكي له". فلم تبك امرأة من الانصار بعد ذلك على ميت الا بدأت بالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها.
فكما ترى يا احمد ان هذه الرواية التي يرويها ابن سعد تتضمن تقديره(ص) وأمره بالبكاء ايضاً كما يكتشف خلالها بان البكاء على موتى المؤمنين في عصر الرسالة قد شكل ظاهرة تعاطاها المسلمون آنذاك.
احمد: لقد سمعت ان النبي بكى على موت ولده ابراهيم.
الشيخ: نعم كما يروي انس: دخلنا مع رسول الله وابراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف وانت يا رسول الله فقال: يا بن عوف انها رحمة ثم اتبعها باخرى فقال(ص): ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضي ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون.
احمد: ما المقصود من قوله(ص) يا بن عوف انها رحمة؟
الشيخ: في هذا الحديث يصف رسول الله(ص) تساقط الدموع بانها رحمة ومن هذا التعبير يفهم ان البكاء حسن ايضاً يا احمد بكى النبي(ص) على امه عند قبرها.
احمد: ما هي مصادر الروايات التي ذكرتها يا شيخ؟
الشيخ: تجدها في صحيح مسلم وصحيح البخاري وسنن ابن ماجة.
احمد: سؤال اخير لو سمحت هل للبكاء حدود ام لا؟
الشيخ: للاجابة عن هذا السؤال استمع الى هذا الحديث: عن النبي انه بكى على ولد بعض بناته وهو يجود بنفسه، فقيل يا رسول الله تبكي وقد نهيتنا عن البكاء؟ فقال: ما نهيتكم عن البكاء وانما نهيتكم عن صوتين احمقين صوت عند الفرح وصوت عند الترح. وبعبارة اخرى ان الجزع المذموم ما يقع من الجهلة من الصياح والنياحة ولطم الصدور والوجود وتمزيق الثياب هو المنهي في البكاء على الموتى؛ باستثناء الجزع على مصاب الحسين عليه السلام فقد جاءت الروايات الشريفة بانه من افضل القربان الى الله تعالى.
الختام:
ايها الاخوة والاخوات ان البكاء من الشعائر الاسلامية وقد ورد الحث عليه في الكتاب والسنة والشريعة ومن هنا قد بكى الانبياء في مناسبات عديدة كبكاء النبي يعقوب على ولده النبي يوسف(ع). ولا يخفى ان البكاء تعبير عن حاجة انسانية يلجأ اليها الانسان بطبيعته عندما تكتنفه صعوبات الحياة وآلامها وله فوائد كثيرة صحية ونفسية وربما سياسية. نكتفي بهذا القدر وندعوكم الى متباعة الحلقات القادمة من برنامج "حوارات عقائدية" حتى ذلك الحين دمتم سالمين برعاية الله.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة