البث المباشر

تفصيل الآية ««يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ...»

الأربعاء 19 يونيو 2019 - 10:40 بتوقيت طهران

الحمدُ للهِ علي كلّ نعمة، وأزكي صلواتهِ علي رسولِه هادي الأمّة، وعلي آلهِ الأبرارِ الأئمّة.
لعلّ سائلاً يتساءل إذا كان القصدُ من النبوّاتِ والرسالاتِ الهداية، فهل يا تـُري تنقطع هذه الهداية بعد وفاة الرسول أوالنبيّ، فيبقي الناسُ في حيرةٍ لا يعرفون إلي من يلتجئون في أمورِهم وقضاياهم؟ وإذا كانت النبوّةُ لطفاً إلهيّاً، فهل يتصوّر أنّ الله تعالي يقطع لُطفَه عن عباده بعد انتهاء دَورِتلك النبوّة؟ وإذا كان الرسولُ أو النبيُّ حُجّةً للهِ عزّوجلّ علي عباده وأمينَه في أرضه، فمن يا تُري سيكون إذا تُوفيَّ ذلك الرسول أوالنبيُّ حُجّةَ اللهِ وأمينهَ؟
إنّ هذه التساؤلاتِ تأخذ بنا إلي حقيقةٍ دينيّة تعدّ من ضروراتِ الإسلام، تلك هي أن لابدّ من الوصيّ بعد النبيّ، ولابدّ من الإمامةِ بعد النبوّة، ولابدّ أن تبقي حُجّةُ الله مستمرّةً بالغةً في العباد، لئلاّ يكون للناسِ الحُجّةُ علي الله بعد رُسُلِه وأنبيائه، حيث يتحيّرون في تعيين مَن ينبغي أن يستخلفوا، فيقعون في الفُرقةِ والآختلاف، وذلك أمرٌ طبيعيّ مع تنازع الأهواء، وتَباينِ الأمزجةِ والعقول والآراء، ثمّ يتحيّرون في معرفة مقاصد الوحي الكريم، وتبيان آياتِ القرآن العظيم، وبيان سُننِ النبيِّ الحكيم. كذلك يختلفون في مستحدثات الأمور، معظم الأمور، ومن بعد الاختلاف يكون النزاعُ والتشتتُ وذَهابُ الريح والفشل! إذاً، يقتضي شرعاً، وعقلاً- أن يكونَ هنالك أُولو أمرٍ يكونون مَرجِعاً لهذه الأمّة، وأن يكونَ أُولئك مختارين من قبلِ الله تعالي، ومُعيّنين من قِبَل النبيّ أو الرسول، وأن يكونوا ذوي مَلَكاتٍ ومَواهب عُليا وقد نشأوا علي عين الله وعنايته الخاصّة، واللهُ عزّوجلّ هو الداعي إلي طاعتهم واتـّباعهم، حيث قال عزّمِن قائل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً» (النساء، ٥۹) وقال جلّ وعلا: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً». (النساء، ۸۳)

*******

والي جانب هذه الآيات الكريمة، فقد روت صحاح مختلف مذاهب المسلمين- بأجمالٍ وتفصيل- أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قد أخبر إمته أن الائمة وولاة الأمر بعده والي يوم القيامة هم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش، وقد أثبت العلماء أن التفسير المعقول لهذا الحديث هو أن المقصودين هم أئمة العترة المحمدية الإثنا عشر (سلام الله عليهم)، المزيد من التوضيح لهذه الحقيقة نستمع اليه من ضيفنا الكريم في هذه الحلقة من برنامج خلفاء الله سماحة الشيخ علي الكوراني الباحث الاسلامي من مدينة قم المقدسة:
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم بالنسبة لأحاديث الائمة الاثني عشر (سلام الله عليهم) عندنا عدة انواع من الاحاديث، النوع الاول ان النبي (صلى الله عليه وآله) بشر بأئمة اثني عشر ربانيين من بعده جعلهم الله عزوجل في هذه الامة، منظومة امامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) هذا بأجماع المسلمين كلهم، رووا حديثهم حتى البخاري، بعضهم رواه سطراً وبعضهم رواه سطرين وبعضهم لم يقل في عرفات في حجة الوداع، بعضهم مثل احمد بن حنبل وغيره قالوا في حجة الوداع اذن البشارة النبوية بالائمة الاثني عشر (عليهم السلام) هذه قطعية رواها جميع المسلمين هذه ناحية، من هم هؤلاء؟ ايضاً هناك اجماع عند كل المسلمين ان النبي (صلى الله عليه وآله) حدد عترته اهل بيته المطهرون حددهم بالكساء وبالاسماء وهذا التحديد ايضاً متفق عليه، حديث الكساء حديث ان هؤلاء اهل بيتي يعني مصطلح نبوي، اهل البيت والعترة، العترة الاقرباء القريبون ممكن تعميمها لبني هاشم لكن اهل البيت واهل البيت عمموها، بعضهم عممها لكل بني هاشم وبعضهم عممها لكل الامة لكنهم رووا ان النبي (صلى الله عليه وآله) حددهم بالاسماء وبالكساء علي وفاطمة والحسن والحسين والاحاديث عندنا عن الصحابة المتعددين انه قال: "وتسعة من ذرية الحسين خاتمهم المهدي" وهذا ايضاً مستوى وحديث في آية التطهير ورواها الجميع، عندنا ايضاً متفق عليه انه في خطبة الغدير في حجة الوداع ان النبي (صلى الله عليه وآله) اوصى الامة بالكتاب والعترة واكد على مكانة اهل البيت ودعا علياً فصعد فوق المنبر ورفع بيده وعرف للناس وقال: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه" اذن هذا مجمع عليه، حديث الغدير متواتر قطعي رواه مئة وخمسين صحابي وموجود في مصادرهم المتعددة وحتى موسوعة الغدير للمرحوم الاميني صاحب الغدير رحمة الله عليه هذه ناحية، نصل الى تعيين الائمة الاثنى عشر بعد ان كان عندنا من القطعي ان الاثني عشر بشر بهم النبي (صلى الله عليه وآله) وانه حدد الطاهرين المطهرين عترته حددهم بأصحاب الكساء وبعد ان اوصى الامة بـ"كتاب الله وعترتي اهل بيتي قد نبأني اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض" اذن منظومة الامامة مستمرة الى يوم القيامة وبعد ان رفع بيد اولهم، من هم الباقون الذين حددهم؟ الاول هم الذي يعين الذي بعده، النبي عين هؤلاء الاربعة علي وفاطمة والحسن والحسين وهم يعينون من بعدهم مضافاً الى هذا عندنا احاديث ان النبي (صلى الله عليه وآله) سماهم ورحمة الله على الخزاز القمي من علماء القرن الرابع الف كتاباً فيما بقي من روايات، من احاديث الصحابة في تسمية الائمة سماه "كفاية الاثر في النص على الائمة الاثنى عشر" وروى فيه عن حوالي ثلاثين صحابياً ان النبي (صلى الله عليه وآله) قد سماهم ونص عليهم، السنة رووا انه نص على علي بن الحسين، في اصح الاحاديث الزهري عن ابن عباس روى ذلك، رووا انه نص على الامام محمد الباقر وانه قال يبقر العلم بقراً، هو سماه الباقر ومضافاً الى ذلك حاول علماء الحكومات والسلطة ان يطبقوا الاثني عشر على غير اهل البيت (عليهم السلام)، اتفقوا على ان خاتمهم الامام المهدي، تقريباً اتفقوا حاولوا ان يطبقوهم والى الان فشلوا في محاولات التطبيق ولا تطبيق لهم الا الائمة الاثني عشر من العترة الذين خاتهم الامام المهدي صلوات الله عليه وشكراً.

*******

شكراً لكم علي متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج خلفاء الله، ونعود بكم الآن الي الشطر الثاني من آية طاعة أولي الأمر الي جانب طاعة الله ورسوله (صلي الله عليه وآله)، ففي الشطرمنها تأمرالمسلمين برد الأمورالتي يتنازعون فيها الي الله والرسول.
وإذا كان هنا لك تساؤلٌ آخر يقول: إذا حصل تنازعٌ في شيءٍ يُرَدّ إلي الرسول، فإلي مَن يُردّ بعد الرسول؟
وإذا جاء الناسَ أمرٌ من الأمنِ أو الخوف يرُدّ إلي الرسول، وإلاّ رُدّ إلي أولي الأمرِ حيث هُم الذين يعلمون كيف يستنبطونه، فمن يا تُري أولو الأمر أولئك؟
في كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) روي الشيخُ الصدوق بإسناده إلي جابرِ ابن عبد الله الأنصاريّ رضوانُ الله عليه أنّه قال: لمّا أنزلَ اللهُ عزّوجلّ علي نبيّهِ محمّدٍ (صلّي الله عليه وآله): «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ».
قلتُ: يا رسولَ الله، عَرَفنا اللهَ ورسولَه، فمن أولو الأمرِ الذينَ قَرَن اللهُ طاعتَهم بطاعتِك؟
فقال (صلّي الله عليه وآله): هُم خُلفائي- يا جابر- وأئمّةُ المسلمين من بَعدي، أوّلُهم عليُّ بنُ أبي طالب، ثمّ الحسنُ ثمّ الحسين، ثمّ عليُّ بنُ الحسين، ثمّ محمّدُ بن عليٍّ المعروفُ في التوراة بـ(الباقر)، وستُدركه - يا جابر-، فإذا لَقِيتَه فاقرأه منّي السلام. ثمّ الصادقُ جعفرُ بنُ محمّد، ثمّ موسَي بنُ جعفر، ثمّ عليُّ بنُ محمّد، ثمّ الحسنُ بنُ عليّ، ثمّ سَمِيي وكنِيي حُجّةُ الله في أرضِه، وبقيتُه في عباده، ابنُ الحسنِ بنِ عليّ، ذاك الذي يفتحُ الله - تعالي ذكرُه- علي يدَيه مشارقَ الأرضِ ومغاربَها ومن كتب علماء السنّة، روي الشيخ سليمانُ القُندوزيُّ الحنفيّ في كتابه (ينابيع المودّة لذوي القربي) عن الخوارزميِّ الحنفيّ أبي المؤيّدَ موفقِ بنِ أحمد في كتابه (مقتل الحسين(عليه السلام))، بسنده عن أبي سليمانَ راعي غَنم رسول الله، قال في حديثٍ طويل من أحاديث الإسراء أنّ الله تعالي قال: يا محمّد، خلقتُك وخلقتُ عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسين، والأئمةَ من وُلد الحسين، من نوري، وعَرضتُ ولايتكم علي أهلِ السماواتِ والأرض، فَمن قَبلَها كان عندي من المؤمنين، ومن يجحدها كان عندي من الكافرين. يا محمّد، لو أنّ عبداً مِن عبيدي عَبَدني حتـّي ينقطعَ، أو يصيرَ كالشنّ البالي، ثمّ جاءني جاحداً لولايتكم، ما غفرتُ له. يا محمّد، تُحبُّ أن تراهُم؟ قال (صلّي الله عليه وآله):
قلتُ: نَعَم يا ربّ.
قال لي: انظُر إلي يمينِ العرش.
قال (صلّي الله عليه وآله): فنظرت، فإذا عليٌّ وفاطمة والحسنُ والحسين، وعليُّ بنُ الحسين، ومحمّدُ بن عليّ، وجعفرُبن محمّد، وموسي بنُ جعفر، وعليُّ بنُ موسي، ومحمّدُ بنُ عليّ، وعليُّ بن محمّد، والحسنُ بنُ عليّ، ومحمّدُ المهديّ بنُ الحسنِ كأنّه كوكبٌ دُرّيٌّ بينهم.
وقال: يا محمّد، هؤلاءِ حُججي علي عبادي، وهُم أوصياؤك، والمهديُّ منهم.
ونبقي مع الرواية، ولا بأس أن تبقي من الكتب السُنّية، حيث يروي القُندوزيُّ الحنفيُّ المذهب عن (المناقب) للخوارزميِّ الحنفيِّ أيضاً، بسنده إلي واثلةَ بنِ الأسقع، عن جابرِالأنصاريِّ قال: دَخلَ جَندلُ بنُ جُنادةَ بن جُبير اليهوديُّ علي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فقال: يا محمّد، أخبِرني عن أوصيائك مِن بعدِك لأتمسك بهم. قال: أوصيائي الاثنا عَشَر.
قال جندل: هكذا وجَدناهُم في التوراة، سَمِّهِم لي.
فقال (صلّي الله عليه وآله): (أَوّلُهم سيّد الأوصياء أبوالأئمّةِ عليّ، ثمّ ابناهُ الحسنُ والحسين، فآستمسِك بِهِم ولا يغُرّنّك جَهلُ الجاهلين، فإذا وُلِد عليُّ بنُ الحسينِ زينُ العابدين يقضي اللهُ عليك، ويكون آخرُزادِك شِربةَ لبنٍ تشرُبه) .
فقال جندل: وَجَدنا في التوراة وفي كتبِ الأنبياء (عليهم السلام): إيليا وشُبّراً وشَبيراً، فهذهِ آسمُ: عليٍّ والحسنِ والحسين، فَمَن بعدَ الحسين؟ وما أسماؤُهم؟ قال (صلّي الله عليه وآله):
إذا انقَضَت مدّةُ الحسين فالإمامُ ابنُه عليّ، ويلقـّب بـ (زَين العابدين)، فَبَعده ابنُه موسي يُدعي بـ (الكاظم)، فَبَعدَه ابنُه عليٌّ يُدعي بـ (الرضا)، فبَعده ابنُه محمّد يُدعي بـ ( التقيّ) و(الزكيّ)، فبَعدَه ابنُه عليٌّ يُدعي بـ (النقيّ) و(الهادي)، فبَعدَه ابنُه الحسنُ يُدعي بـ (العسكريّ )، فبَعدَه ابنُه محمّدٌ يُدعي بـ (المهديّ)، و(القائم) و(الحجّة).
إلي آخرالحديث الشريف الذي يقول راويه في نهايته:
فقال جندل: الحمدُ لله الذي وَفّقني إلي معرفتهم. ثمّ عاش جندل إلي أن كانت ولادةُ عليِّ بنِ الحسين، فخرج إلي الطائف ومرض، وشَرِب لبناً وقال: أخبَرَني رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون آخِرُ زادي من الدنيا شِربةَ لَبن ومات فدُفن بالطائف، في الموضع المعروف بـ (الكوازة).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة