البث المباشر

بكاء الحسين(ع) على قتلته وحرصه على هدايتهم حوار مع السيد محمد الشوكي حول اسرار بكاء الحسين(ع) على قتلته

السبت 1 يونيو 2019 - 14:56 بتوقيت طهران

لقد كان من خصوص الطافه وهباته سبحانه وتعالى لأهل البيت النبوي محمد وآله، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، ان منحهم العصمة الخلقية والخلقية، والعصمة الايمانية والتقوائية والعصمة الضميرية والعاطفية، فلم يتجهوا الا الى الحق، ولم يتوجهوا الا الى الخير، وخيرهم رحمة بالناس وعطف عليهم، واشفاق بهم واحسان اليهم، والحسين سلام الله عليه من هذا البيت الطاهر، وهو سليل المصطفى ونبعة الزهراء والمرتضى صلوات الله عليهم، كان عنوان رسالة الاسلام، فدعا الى الهداية والفضيلة، وحزن على من ابى وعاند وضل، وقد ذرف الدموع الكريمة اسفاً على من لم يقبل منه الحق، وكان اعلن هدفه الكبير: اني لم اخرج اشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي صلى الله عليه وآله، اريد ان آمر بالمعروف وانهي عن المنكر، واسير بسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب، فمن قبلني بقبول الحق، فالله اولى بالحق، ومن رد عليَّ هذا اصبر، حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين.
فالحسين بن علي عليه السلام من الحق والى الحق، ومن الخير والى الخير، وقد فاض على الناس رحمة ورأفة، اذ اراد لهم السعادة، واختار لهم طريقاً سهلة رحبة الى مرضاة الله تعالى وطيب نعيمه الابدي، فأبوا الا ضلالاً وتضليلاً على انفسهم وعلى الناس، فاحزنه ذلك حتى ابكاه وهو يهتف فيهم بحرص ابوي رؤوف رحيم، ايها الناس، ان الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة باهلها حالاً بعد حال، فالمغمور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا، فانها تقطع رجاء من ركن اليها، وتخيب طمع من طمع فيها!

*******

لقد بكى سيد الشهداء عليه السلام حتى على قتلته كما ورد في بعض الروايات فكيف يفسر ذلك، الاجابة نستمع لها من ضيف البرنامج سماحة السيد الشوكي في الحوار الهاتفي التالي:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم احبائنا ورحمة الله وبركاته، شكراً لكم لطيب متابعتكم لهذا البرنامج، معنا على خط الهاتف مشكوراً سماحة السيد محمد الشوكي، سلام عليكم سماحة السيد.
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
المحاور: سماحة السيد واقعة كربلاء اشتملت على جملة من الظواهر الفريدة التي لا يوجد نظير لها في غير هذه الواقعة منها ما روي عن بكاء سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء على قتلته والحوار الذي تنقله كتب المقاتل بشان توضيحه هذا البكاء لأخته العقيلة زينب، كيف تفسرون هذه الظاهرة الغريبة؟
السيد محمد الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين، الحقيقة ان ذلك ليس مستغرباً من الحسين سلام الله عليه اذا مررنا الى الرحمة التي تختزلها الذات الحسينية المباركة، نحن نعرف ان الكون قام برحمة الله تبارك وتعالى ورحمة الله وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ وهو الرحمن الرحيم واول ما نبتدأ القرأن باسمه الرحمن الرحيم وهذه الصفة الالهية الكريمة لها تجليات، تجليات في كل الكون، انت اذا ما اردت ان ترى رحمة الله عزوجل فبامكانك ان تلمسها في كل مفردة من مفردات الكون، في الكائنات الحية فضلاً عن الانسان تجد وتلمس الرحمة الالهية او تجلي رحمة الخالق تبارك وتعالى في مخلوقاته، التجلي الاعظم للصفات الالهية والتجلي الاعظم لهذه الصفة المباركة هو في شخص النبي صلى الله عليه واله وسلم ولهذا القران يعبر عنه انه رحمة وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ وانت تعرف ان ما ولا تفيد الحصر فانما انت رحمة يا رسول الله وهو ايضاً يقول انما انا رحمة مهداة، هذه الرحمة تجلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتجلت في آل البيت سلام الله عليهم فهم ايضاً رحمة مهداة من قبل الله تبارك وتعالى، طيب لما ناتي الى الرحمة الالهية هناك رحمة رحمانية رحيمية كما يقال، الرحمة الرحمانية كما ورد في تفسيرها عن اهل البيت سلام الله عليهم والا هناك كلام كثير عن المفسرين لكن تفسير اهل البيت للرحمة الرحمانية الرحيمية في انها فيها عموم وخصوص، الصفات الرحمانية والرحيمية فيها عموم وخصوص فالرحمة الرحمانية تشمل كل الكائنات وتشمل الانسان سواء كان مؤمناً او كان كافراً «كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا» والرحمة الرحيمية مختصة بالمؤمنين، يقول تعالى «وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا»، اذن هناك رحمتان نوعان صنفان او نوعان من التجلي للرحمة الالهية الرحمة الرحمانية والرحمة الرحيمية هاتان الصفتان او هذان التجليان موجودان فيذوات اهل البيت صلوات الله عليهم كما ان الله يرحم الكافر فيعطيه ويرزقه ويرأف به ويشافيه والخ مع انه معاند لله لا يؤمن بالله عاصي لله، هذا ايضاً الرحمة الرحمانية اين تجلت تجلت في الحسين سلام الله عليه.
المحاور: سماحة السيد يعني البكاء على قتلته هو من مظاهر الرحمة الرحمانية؟
السيد محمد الشوكي: نعم.
المحاور: يعني هل يمكن ان يكون منبع ذلك تحليه صلوات الله وسلامه عليه بما وصف به جده الاكرم صلى الله عليه واله بانه لعلك باخع نفسك على اثارهم ان لا يكونوا مؤمنين او هذا المضمون؟
السيد محمد الشوكي: هو هذا المعنى، الحسين سلام الله عليه، اهل البيت ينظرون الى الانسان امير المؤمنين في وصيته لمالك ماذا يقول لمالك الاشتر يقول انما هم صنفان انما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق، هذا الانسان عندما يراه الائمة الاوصياء الاولياء ينحرف عن المسيرة الالهية ليدخل نفسه نار جهنم يبكون له وهذا ما فسر له بكاء الحسين قال انما ابكي عليهم لانهم سيدخلون النار بسببي، الحسين يتألم على هذه النفس الانسانية التي كرمها الله واختارها الله تبارك وتعالى ان يلقي الانسان بها في النار.
المحاور: طيب سماحة السيد هل يمكن ان يستفاد من هذه القضية نزاهة الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه عن اي تأثير للمواقف الشخصية على مشاعره بحيث انه يبكي على قتلته لانهم سيدخلون النار بسبب فعلهم الشنيع هذا، يعني دون ان يكون لهذا الموقف العدائي تأثير على رغبته بان يكون الناس جميعاً من سلاك طريق الهداية؟
السيد محمد الشوكي: نعم لاشك، لا حظوا اقول كلمة، الاخلاق صنفان هناك اخلاق فطرية وهناك اخلاق تجارية، الاخلاق الفطرية التي تكون سجية في الانسان هذه لاتكون ردة فعل لما يقوم به الاخرين هي كالنبع النبع يجري سائغاً صافياً حتى وان رميته بالحجارة يبقى يجري ويجري لان طبيعته الجريان، هناك اخلاق دافقة بغض النظر عن ردة فعل الاخرين، وهناك اخلاق تجارية اقول تجارية لان التجارة علاقة تبادلية ثمن ومثمن عوض ومعوض، بعض اخلاق الناس هكذا زورني ازورك، سلم علي اسلم عليك، تعطيني اعطيك، تضربني اضربك، تقاطعني اقاطعك، اخلاق اهل البيت ليست اخلاقاً تجارية وانما هي حقيقة الاخلاق، هي سجية في ذواتهم، سجية بغض النظر عن موقف الاخر ولهذا اهل البيت.
المحاور: يعني فيهم غنى من الله تبارك وتعالى عن الاخلاق التجارية او التعاملية، يعني تخلقوا بخلق غني عن ذلك.

*******

نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج الدمعة الساكبة بالاشارة الى ان الحسين عليه السلام توجه بنصائحه الى اعدائه والقادمين على مقاتلته وجاهر بان الناس في الماء والكلأ شرع سواء وذلك يوم نزل في طريقه الى كربلاء منطقة شراف عند السحر، فأمر فتيانه ان يستقوا من الماء، بعدها طلع الحر الرياحي في الف فارس بعثه ابن زياد ليحبس الحسين عن الرجوع الى المدينة اينما يجده، او يقدم به الى الكوفة فوقف الحر واصحابه مقابل الحسين في حر الظهيرة ودونهم الماء، فلما رأى سيد شباب اهل الجنة ما بالقوم من العطش امر اصحابه ان يسقوا الحر وجيشه، ويرشفوا الخيل، فسقوهم وخيولهم عن أخرهم، ثم اخذ اصحاب الحر يملأون القصاع والطساس ويدنونها من الفرس، فاذا عب عزلت عنه وسقي آخر حتى سقوا الخيل كلها، وجاء آخرهم علي بن الطعان المحاربي، وقد اضر به العطش، فقال له الحسين انخ الراوية أي الجمل بلغة الحجاز، فلم يفهم المحاربي مراد الحسين، فاعاد الحسين عليه، انخ الجمل، فلما اراد ان يشرب قال له الحسين اخنث السقاء، فلم يفهم المحاربي معنى ذلك ولم يدر ما يصنع لشدة عطشه، فقام الامام الحسين بنفسه الشريفة وعطف السقاء عليه حتى ارتوى المحاربي وسقى فرسه.
هكذا كان الحسين صلوات الله عليه يلطف بالناس ويحن عليهم ويحرص على خيرهم، ويحسن اليهم، وهم قادمون على قتله ولم يبدر منه الا المحبة والعطف وهو ريحانة المصطفى:

احشاشة الزهراء بل يا مهجة

الكرار، يا روح النبي الهادي

عجباً لهذا الخلق هلا اقبلوا

كل اليك بروحه لك فادي

لكنهم ما وازنوك نفاسة

انى يقاس الذر بالاطواد

عجباً لحلم الله جل جلاله

هتكوا حجابك، وهو بالمرصاد

وهل اكتفى الحسين سلام الله عليه بذلك، لا والله، حتى راح يقدم لهم جواهر نصائحه ومواعظه وتذكيره، عن قلب دام آسف عليهم، قائلاً لهم: انها معذرة الى الله عز وجل واليكم، واني لم آتكم حتى اتتني كتبكم، وقدمت بها عليَّ رسلكم، ان اقدم علينا، فانه ليس لنا امام، ولعل الله يجمعنا بك على الهدى، فسكتوا جميعاً، وحان وقت الزوال فاذن الحجاج بن مسروق وهو من اصحاب الحسين لصلاة الظهر، فالتفت الحسين للحر يسأله اتصلي باصحابك؟
فأجابه الحر: لا، بل نصلي جميعاً بصلاتك. فصلى عليه السلام بهم، حتى اذا فرغ من الصلاة اقبل عليهم يخطبهم، فحمد الله واثنى عليه، وصلى على النبي الاكرم صلى الله عليه وآله، ثم قال: ايها الناس، انكم ان تتقوا الله وتعرفوا الحق لاهله، يكن ارضى لله، ونحن اهل بيت محمد صلى الله عليه وآله، اولى بولاية هذا الامر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان. وبكى قلب الحسين على هذا الملأ الذي ابى الا ان يعصي الله تعالى، ويخالف رسول الله وآل بيته، وابى الا ان يدخل النار مصراً على مقاتلة امام الحق والهدى، فهم القوم يقتلون اصحاب الحسين وهم قلة قليلة، فاجرى ذلك دمعة الحسين، وعاد القوم يقتلون اهل بيت الحسين وهم الاقلون، فاجرى ذلك عبرة الحسين، ثم مالوا وقد اخطأوا حظهم وتمادوا في غيهم واصروا على كفرهم فهجموا على الحسين نفسه، فأجرى ذلك دماء الحسين حتى فاضت روح الحسين.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة