البث المباشر

بكاء الحسين(ع) في مصاب آبائه عليه السلام حوار مع السيد محمد الشوكي حول الجذور الفكرية للبكاء عند المصاب وموقف الاسلام

السبت 1 يونيو 2019 - 14:38 بتوقيت طهران

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين.
السلام عليكم ـ اخوتنا المؤمنين ـ واحسن الله لنا ولكم العزاء بمصابنا بسيد الشهداء ابي عبد الله الحسين، وانه ليحسن بنا ان نقول: (اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك على مصابهم، الحمد لله على عظيم رزيتنا، اللهم ارزقنا شفاعة الحسين يوم الورود، وثبت لنا قدم صدق عندك مع الحسين واصحاب الحسين، الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام).
ايها الاخوة الاكارم لما تنزه الله تبارك وتعالى عن الحدود المكانية والصور الحسية، اظهر علائم رضاه وغضبه ومحبته وعطفه جلية على وجوه اوليائه، واودع ذلك في قلوبهم المقدسة، وهم محمد وآل محمد صلوات الله عليه وعليهم، لان الله عز وجل، شاءت رحمته وحكمته، ان يكون رضاهم عين رضاه، وغضبهم عين غضبه، وحبهم هو نفسه حبه وكذا بغضهم هو نفسه بغضه، كذلك كل العواطف التي فاضت عن اولئك الاولياء الاصفياء، كانت معبرة عن معنى الهي، اذ هم صلوات الله عليهم، معصومون، مبرأون من كل عيب ونقص، بعيدون غاية البعد عن كل زلل او باطل او نزعة الى هوى لا يقع في مرضاة الله جل وعلا، فهم حق محض وخير محض، وكل عواطفهم ومشاعرهم واحاسيسهم الهية طاهرة، نورانية قدسية شريفة، لا تعبر الا عما يريده الله تعالى ويقصده.
والامام الحسين سلام الله عليه الذي ابكت مصيبته العالمين حزن، وبكى وتفجع وهو مظهر رحمة الله وعطفه، وكان ذلك كله في الله، فلم يكن اللا كمالاً سامقاً يفهم منه معنى يريده الله عن العلل الفطرية للبكاء عند المصاب يدور حوار زميلنا الهاتفي مع ضيف البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي نستمع معاً:
المحاور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من برنامج الدمعة الساكبة، معنا على خط الهاتف مشكوراً سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد سلام عليكم.
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة السيد من القضايا الاساسية التي تثار بشأن البكاء على مصائب اهل البيت عليهم السلام عموماً لاسيما مصيبة سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام هي قضية الجنبة او الجذور في هذا البكاء، كيف تبينون هذا المعنى، كيف يكون البكاء حالة فطرية على اشخاص آخرين تمر قرون على مصائبهم؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلاة والسلام على رسول الله وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين، في الواقع فأن البكاء يمثل استجابة فطرية لبعض الموقف التي يمر بها الانسان والموقف التي تفجر البكاء والدموع في عين الانسان كثيرة جداً، من تلكم الموقف فقدان الانسان لعزيز من اعزته او حبيب من احبته عاش معه عمراً طويلاً فمن الطبيعي حينئذ ان يبكي له ويتفجع لفقده بأعتبار ان الانسان كائن مكون من مجموعة من الاحاسيس ومجموعة من المشاعر التي في الواقع تمثل الحالة الانسانية للانسان اذ ان الانسانية بدون هذه العواطف وهذه المشاعر الجياشة والانسان بدون عاطفة يتحول الى الة صماء تجيد الحديث وتجيد الكلام لا اكثر ولا اقل، بالتالي الانسان مكون من هذه الاحاسيس التي تضغط على الانسان وتستدر لها الدموع ولهذا نجد الشرع جاء منسجماً مع هذه الحالة الفطرية ...
المحاور: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله عندما توفي ولده ايراهيم عليه السلام (ان القلب ليحزن والعين لتدمع) يعني بكى رسول الله.
السيد محمد الشوكي: نعم بكى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعندما جاء الى المدينة او رجع الى المدينة بعد معركة احد رأى النساء يندبن قتلاهن استأثر وقال اما ان حمزة لا بواكي له فراحت مجموعة من نساء الانصار يندبن حمزة سلام الله عليه، وكذلك لما كان عمر بن الخطاب رأى بعض النساء يبكين في وفاة احدى بنات النبي اما رقية واما ام كلثوم نهاهن عمر كما يروي المسلمون جميعاً او اراد ان يضربهن فزجره النبي صلى الله عليه واله وسلم وقلدال له دعهن يا عمر يبكين، بالتالي هذه الموقف جاءت منسجمة مع الحالة الفطرية التي يعيشها الانسان، نعم الاسلام اراد ان يقنن القضية وان يعقلل المسألة، يعني اراد للقضية ان تبقى في اطارها الصحيح سواء في عاطفة الحزن او في الفرح، لن يحرم على الانسان ان يفرح ولكن اراد لفرحه ان لا يخرج عن حد العقل كذلك في مسألة البكاء لايدخله بكاءه في حالة من الاعتراض على الله تبارك وتعالى وقضاءه عزوجل ولكن كما اشرتم في تتمة الحديث ولكن لا نقول ما يسخط الرب وفي نص اخر لانقول الا ما يرضي ربنا تبارك وتعالى، اذن الشرع جاء استجابة منسجمة لهذه الحالة التي يعيشها الانسان والناس جميعاً .
المحاور: سماحة السيد محمد الشوكي هنالك اسئلة اخرى ترتبط بالموضوع نوكلها الى حلقات مقبلة، شكراً لكم وشكراً لكم احبائنا، تفضلوا بمتابعة برنامج الدمعة الساكبة مع زملائنا

*******

ظاهرة البكاء حالة مغروسة في اصل الطبيعة البشرية، ولكنها تصفو وتتسامى وتنبل عند الانبياء والمرسلين، والاوصياء والائمة الطيبين، فتفيض شوقاً الى الله تعالى وخشوعاً في محضره القدسي، وتشرق رحمة على الناس وشفقة بهم، هكذا اشتهر في البكاء آدم ويعقوب ويوسف وعيسى والمصطفى والزهراء فاطمة، صلوات الله عليهم، وكان للامام زين العابدين علي بن الحسين ولزينب العقيلة المكرمة، ولنساء البيت النبوي، وشيج ونحيب وتفجع لما حل باهل بيت الوحي والرسالة من مصائب عظمى ونوائب كبرى.
وكان للامام الحسين عليه السلام حزن عميق ومقدس، فاض بكاءاً شريفاً على جده المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وهو يراه يحتضر على فراش الوفاة، فاخذ هو واخوه الحسن يقبلان قدميه ويبكيان بأعلى اصواتهما، وقد وقعا عليه، فأراد ابوهما ان ينحيهما عنه، الا ان رسول الله أفاق فقال: يا علي: دعني اشمهما ويشماني، واتزود منهما ويتزودا مني، اما انهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلماً! واخرج امير المؤمنين علي عليه السلام من الدار بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله، ففاضت عينا حسن وحسين على ابيهما وقد سمعا الذي سمعاه فيما قيل لابيهما، ثم كانت الفاجعة بشهادة الصديقة الزهراء صلوات الله عليها، فلما رآها ابناها الحسن والحسين على هيئة النائم وقع الحسن عليها يقبلها ويقول لها: يا اماه كلميني قبل ان تفارق روحي بدني، واقبل الحسين يقبل رجلها ويقول: يا اماه، انا ابنك الحسين، كلميني قبل ان ينصدع قلبي وانفجرا بالبكاء، فلما خرجا ليخبرا اباهما وكان في المسجد، سئلا عن بكائهما فقالا: او ليس قد ماتت امنا فاطمة!
وكانت الفاجعة الاخرى، لما ضرب امير المؤمنين في محرابه، وحمل الى منزله وهو مسربل بدمائه، جلس عنده ولده الحسين يناجيه قبيل الرحيل، يا ابتاه، من لنا بعدك؟! لا كيومك الا يوم رسول الله صلى الله عليه وآله، من اجلك تعلمت البكاء، يعز والله عليَّ ان اراك هكذا، وتقرحت اجفان عينيه من البكاء، فأدناه ابوه ومسح دموع عينيه، ووضع يده المباركة على قلب ولده الحزين، ودعا له: ربط الله قلبك بالصبر، واجزل لك ولاخوتك عظيم الاجر، فسكن روعتك، واهدأ من بكائك، ولكن الحسين انفجر باكياً مرة اخرى حينما رأى الروح القدسية قد فاضت الى ربها، ثم ما هدأت غبرته حتى رأى اخاه الحسن المجتبى سميماً يقذف كبده الشريف في طست، فأبكاه ذلك بكاءاً مراً وقد عانقه عناق الفراق بعد ان يئس منه، والامام الحسن يقول له: لا يوم كيومك يا ابا عبد الله.
وكان الامر الالهي ان يدفن الامام الحسين اخاه بقلب مفجوع، فيقف على قبره يذرف الدموع، وينفث الحسرات والآهات فيقول:

اروح بغم ثم اغدو بمثله

كئيباً ودمع المقلتين سكوب

فللعين مني عبرة بعد عبرة

وللقلب مني رنة ونحيب

فليس حريباً من اصيب بماله

ولكن من وارى اخاه حريب!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة