بسم الله الرحمن الرحيم، نحمده على جميل صنعه وكمال إحسانه القديم، ونصلي ونسلم على أعلام نهجه القويم محمد وآله الهداة إلى صراطه المستقيم.
سلام من الله عليكم أحبتنا المستمعين، يسرنا أن نلتقيكم أيها الأعزاء في حلقة اليوم من هذا البرنامج نعزز فيه ثقتنا وطمأنينة قلوبنا بسعة رحمة مجيب الدعوات وأرحم الراحمين وذلك بنقل روايتين في استجابة الدعوات، تابعونا مشكورين.
مستمعينا الأفاضل، ننقل لكم الرواية الأولى من الجزء التاسع من موسوعة (المصطفى والعترة) للمرحوم الحاج حسين الشاكري وهو الجزء الخاص بسيرة الإمام الصادق (عليه السلام)، قال الحاج الشاكري (رضوان الله عليه)، إستناداً لما ورد في روايات المؤرخين:
في سنة تسعين من الهجرة انتشر مرض الجدري في يثرب، فأصاب مجموعة كبيرة من الأطفال، وكان عمر الإمام الصادق (عليه السلام) في السنة السابعة أو العاشرة من عمره، فخافت عليه أمه السيدة الجليلة (أم فروة) من العدوى، ففرت به إلى الطنفسة من ريف المدينة، ولما استقرت السيدة أم فروة مع إبنها الصادق، علمت أنها قد أصيبت هي بهذا المرض دون أن تشعر به في بادئ الأمر، فلما ظهرت عليها الأعراض، تنبهت إلى خطورة الموقف ولم تهتم السيدة أم فروة بعلاج نفسها، وإنما كان همها الوحيد إنقاذ ولدها الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فأبعدته عنها إلى مكان آخر، وأخذت تعاني آلام أعراض المرض وسريانه في جسمها، ولما انتهى الخبر إلى الإمام الباقر (عليه السلام) أوقف بحوثه ودروسه العلمية واتجه لعيادة زوجته، وقبل أن يغادر المدينة زار قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعا الله تعالى أن ينقذ زوجته "أم فروة" من هذا المرض. ولما انتهى إليها عظم عليها مجيئه وخافت عليه من العدوى وشكرته لزيارتها والتفت إليها الإمام وبشرها بالسلامة قائلا: " لقد دعوت الله عزوجل عند قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن ينجيك من هذا المرض، وإني واثق أن جدي لا يردني وسيقضي لي حاجتي، فثقي بأنك ستشفين من هذا المرض وأنا أيضاً مصون منه إن شاء الله".
واستجاب الله دعاء وليه الإمام، فقد عوفيت السيدة أم فروة من مرضها ولم يترك أي أثر على جسمها، ومن الجدير بالذكر أن هذا المرض لا يصيب الكبار إلا نادراً، فإن أصابهم كان خطراً على حياتهم فلا ينجو منه إلا قليل.
وهكذا مستمعينا الأفاضل نلاحظ كيف أن الله عزوجل، شكر للسيدة الجليلة (أم فروة) رأفتها بالإمام الصادق (عليه السلام) وتقديمها له على نفسها، فأنجاها من الموت المحتم ببركة هذا الموقف النبيل.
ومثل هذا الشكر الجميل، ظهر (عليه السلام) تجاه إحدى المؤمنات التي وفدت لزيارته (عليه السلام) فحل بها الأجل، لنتدبر معاً أيها الأحبة بالرواية التالية التي نقلها العالم الزاهد قطب الدين الراوندي في كتابه القيم (الخرائج والجرائح) قال قدس سره الشريف:
عن صفوان بن يحيى قال: قال لي العبدي: قالت أهلي لي: قد طال عهدنا بالصادق عليه السلام، فلو حججنا وجددنا به العهد، فقلت لها: والله ما عندي شئ أحج به، فقالت: عندنا كسوة وحلي، فبع ذلك وتجهز به، ففعلت... فلما صرنا بقرب المدينة مرضت مرضاً شديداً حتى أشرفت على الموت، فلما دخلنا المدينة خرجت من عندها وأنا آيس منها، فأتيت الصادق عليه السلام وعليه ثوبان ممصران (نوع من الثياب) فسلمت عليه، فأجابني وسألني عنها، فعرفته خبرها وقلت: إني خرجت وقد أيست منها، فأطرق ملياً ثم قال: يا عبدي، أنت حزين بسببها؟ قلت: نعم. قال: لا بأس عليها، فقد دعوت الله لها بالعافية، فارجع إليها فإنك تجدها (قد فاقت وهي) قاعدة، والخادمة تلقمها الطبرزد (وهو مستمعينا الأفاضل، نوع من السكر الجيد)، قال العبدي: فرجعت إليها مبادراً، فوجدتها قد أفاقت وهي قاعدة والخادمة تلقمها الطبرزد، فقلت ما حالك؟ قالت: قد صب الله علي العافية صبا وقد اشتهيت هذا السكر، فقلت: خرجت من عندك آيساً، فسألني الصادق عنك فأخبرته بحالك، فقال: لا بأس عليها إرجع إليها فهي تأكل السكر.
قالت: خرجت من عندي وأنا أجود بنفسي، فدخل علي رجل عليه ثوبان ممصران (أي نفس الثياب التي رآها العبدي على الإمام الصادق) فقال لي: ما بك؟ قلت: أنا ميتة، وهذا ملك الموت قد جاء لقبض روحي، فقال: يا ملك الموت، قال: لبيك أيها الإمام. قال: ألست أمرت بالسمع والطاعة لنا؟ قال: بلى. قال: فإني آمرك أن تؤخر أمرها عشرين سنة. قال: السمع والطاعة. قالت: فخرج هو وملك الموت من عندي، فأفقت من ساعتي.
تبارك وتعالى أرحم الراحمين الذي أذن لأوليائه بإعانة خلقه والإحسان إليهم وتكريم وفادتهم.
أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وها نحن نصل معاً إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (دعوات وإجابات) نشكر لكم حسن الإستماع وفي أمان الله.