بسم الله وله عظيم الحمد وخالص الشكر والثناء إذ رزقنا مودة وموالاة سيد الأنبياء أبي القاسم محمد وآله الأصفياء – صلوات الله عليهم آناء الليل وأطراف النهار –.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله، تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع حلقة أخرى من هذا البرنامج نخصصها لنقل حكاية تحمل عدة عبر مهمة فيما يرتبط بطبيعة علاقة النبي المصطف بوصيه المرتضى عليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام.
وننقل لكم هذه الحكاية بروايتين الأولى على لسان أميرالمؤمنين – عليه السلام – والثانية على لسان أحد صفوة صحابة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – كان شاهد عيان لها هو الصحابي الجليل ذوالإيمان الراسخ المقداد بن الأسود – رضوان الله عليه –، تابعونا على بركة الله.
الرواية الأولى نقلها الشيخ الجليل المحدث الثقة الطبرسي في الجزء الأول من كتابه (الإحتجاج) والذي صرح في مقدمته بأن ما ينقله فيه هو المشهور بين علماء مدرسة أهل البيت – عليهم السلام –، روى رضوان الله عليه عن مولانا الإمام علي أميرالمؤمنين – عليه السلام – قال: (سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ليس له خادم غيري، فأخذتني الحمى ليلة فأسهرتني فسهر رسول الله صلى الله عليه وآله لسهري، فبات ليلته بيني وبين مصلاة يصلي ما قدر له، ثم يأتيني يسألني وينظر إلي فلم يزل ذلك دأبه حتى أصبح فلما صلى بأصحابه الغداة قال: "اللهم اشف عليا وعافه فإنه أسهرني الليلة مما به" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بمسمع من أصحابه ((أبشر يا علي)) قلت بشرك الله بخير يا رسول الله وجعلني فداك، قال: (إني لم أسأل الله الليلة شيئا إلا أعطانيه، ولم أسأله لنفسي شيئا إلا سألت لك مثله، وإني دعوت الله عزوجل أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يجعلك ولي كل مؤمن ومؤمنة ففعل وسألته أن يجمع عليك أمتي بعدي فأبى علي، قال الإمام علي – عليه السلام – فقال رجلان أحدهما لصاحبه: أرأيت ما سأل؟ فوالله لصاع من تمر خير مما سأل: ولوكان سأل ربه أن ينزل عليه ملكا يعينه على عدوه، أو ينزل عليه كنزا ينفقه وأصحابه فإن بهم حاجة كان خيرا مما سأل).
أيها الإخوة والأخوات وفي إشارة الإمام علي – عليه السلام – إلى اعتراض الرجلين على قول وفعل رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى تنبيه إلى احد مصاديق مسألة عدم اجتماع الأمة على الوصي المرتضى المشار إليها في الدعوة المحمدية الأخيرة، فهي دعوة حالت دون تحققها الأحقاد وأشكال الحسد الذي وجه عباد الدنيا سهامه لأميرالمؤمنين – عليه السلام –.
مستمعينا الأفاضل أما الرواية الثانية لهذه الحكاية فهي تشترك مع الرواية الأولى في أصولها وتضيف إليها تفصيلات أخرى، وقد رويت في كتاب سليم بن قيس الهلالي وجاء فيها: (عن سليم، قال: سألت المقداد عن علي عليه السلام، قال: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وآله – وذلك قبل أن يأمر نساءه بالحجاب – وهو يخدم رسول الله صلى الله عليه وآله ليس له خادم غيره، فأخذت عليا عليه السلام الحمى ليلة فأسهرته، فسهر رسول الله صلى الله عليه وآله لسهره، فبات ليلة مرة يصلي ومرة يأتي عليا عليه السلام يسليه وينظر إليه حتى أصبح. فلما صلى بأصحابه الغداة قال: "اللهم اشف عليا وعافه، فإنه قد أسهرني مما به من الوجع" فعوفي، فكأنما أنشط من عقال ما به من علة لما سأل رسول الله صلى الله عليه وآله ربه لعلي عليه السلام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبشر يا أخي قال ذلك وأصحابه حوله يستمعون. فقال علي عليه السلام: بشرك الله بخير يا رسول الله وجعلني فداك. قال: إني لم أسأل الله الليلة شيئا إلا أعطانيه ولم أسأل لنفسي شيئا إلا سألت لك مثله. إني دعوت الله أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يجعلك ولي كل مؤمن بعدي ففعل، وسألته إذا ألبسني ثوب النبوة والرسالة أن يلبسك ثوب الوصية والشجاعة ففعل، وسألته أن يجعلك وصيي ووارثي وخازن علمي ففعل، وسألته أن يجعلك بمنزلة هارون من موسي وأن يشد بك أزري ويشركك في أمري ففعل، إلا أنه قال: (لا نبي بعدك) فرضيت، وسألته أن يزوجك ابنتي ويجعلك أبا ولدي ففعل، فقال رجل لصاحبه: أرأيت ما سأل؟ فوالله لو سأل ربه أن ينزل عليه ملكا يعينه على عدوه أو يفتح له كنزا ينفقه هو وأصحابه – فإن به حاجة – كان خيرا له مما سأل وقال الآخر: والله لصاع من تمر خير مما سأل.
نشكر لكم أيها الإخوة والأخوات جميل الإصغاء والمتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (دعوات وإجابات) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين والحمد لله رب العالمين.