السلام عليكم، مستمعينا الأفاضل، ورحمة الله وبركاته.. طبتم وطابت أوقاتكم بكل ما تحبون وفوق ما تأملون.. أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج الذي خصصناه لاستعراض قصص الذين هداهم الله عزوجل لدينه الحق، لنعرف ما جذبهم منه إليه فنزداد اعتزازاً به واستثماراً له.
وفي لقاء اليوم نستعرض لكم قصة الأخ الكريم (إبراهيم زنكو) الذي جذبه إلى الإسلام جمال عقيدة التوحيد الخالص فيه فأسلم وجهه لله وأقبل على إعتناق الدين الحق وطلب علومه حتى صار من علمائه، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأحبة، ولد الأخ إبراهيم زنكو سنة ۱۹٦۹ ميلادية في مدينة كينشاسا في الكونغو ونشأ في عائلة مسيحية بروتستانتية المذهب ذات نزعة متشددة، وكما يقول في قصة إسلامه المنشورة في موسوعة المستبصرين، فإنه قد فتح عينيه على تشدد شديد تجاه القبول بكل ما جاء في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، لكنه وجد في أعماق قلبه أسئلة حائرة لا تستجيب لكثير مما كان يسمعه من قصص الكتاب المقدس، كان يعرضها طالباً الإجابة فيواجه بجواب رادع يقول: إنه الإيمان لا نقاش في الكتاب المقدس عليك بتقديسه وعدم الخوض في المحتوى.
وكانت هذه التعليمات تكرر على سمع إبراهيم منذ الصغر موجدة في قلبه رهبة من هذا الكتاب المقدس وقد قالوا له مراراً إن من يسيء إلى الإنجيل يصيبه الجنون!
ولكن أسئلة هذا الفتى كانت تكبر معه وهو يرى في كثير مما يقرأه في كلا العهدين القديم والجديد قصصاً تنسب إلى الله وأنبيائه ما لا يليق، وفيها إثارات انحلالية تناقض رحمة الله وعلاه وروحانية أنبيائه وزهدهم.
وهذا ما أثار الغيرة في قلب إبراهيم زنكو على الله وأنبيائه فعمد ذات يوم إلى تمزيق الأوراق التي حملت تلك الإساءات لله وللأنبياء من الإنجيل، مزقها غيرة على الصورة الجميلة التي اكتنزتها فطرته السليمة عن الله وأنبيائه.
أيها الأكارم، هدأت فورة غضب الفتى إبراهيم زنكو وقفزت إلى ذهنه التحذيرات المشددة التي سمعها من أبيه ومعلميه في المدرسة الإبتدائية الذين كانوا يدرسونه العقائد المسيحية وخاصة عقيدة التثليث، وساءل نفسه: هل سيصيبني الجنون حقاً لأنني مزقت تلك الأوراق من الإنجيل؟
ومرت أيام طويلة من الترقب ولكنه لم يجن، بل أخذ يتفوق في دراسته وحصل على شهادة البكلوريوس بتفوق من جامعة العاصمة كينشاسا في فرع الفيزياء والرياضيات، فشعر وكأن هذا التفوق الدراسي هو هدية من الله جزاءً وفاقاً لغيرته على الله وأنبيائه عليهم السلام.
لقد أثارت عقيدة التثليث كثيراً من التساؤلات في ذهن إبراهيم وهو يدرس العقائد المسيحية دون أن يحصل على الجواب المقنع؛ يقول إبراهيم زنكو: (لقد كنت أسأل كثيراً ولعل أكثر سؤال كنت أردده بعفوية فطرية هو: إذا كان المسيح إبن الله وكان لله ولد فمن زوجة الله؟ شعرت بأن هذا السؤال طبيعي، فكنت أكرره دون أن أحصل على جواب، أو إجابة بتعنيف أو أجوبة ضبابية مبهمة، فبقي سؤالي دون جواب).
ولكن روح طلب الحقيقة والدين الحق كانت تتململ في هذا الفتى وتدفعه للبحث عن جواب سؤاله، فتوجه إلى أستاذ من أصل سوري كان يدرس في مدرسته علم بأنه مسلم، فعمق إبراهيم علاقته به ليعرف منه كيف ينظر الإسلام والمسلمون لله عزوجل، وهل يرونه بالصورة التي لم تقبلها فطرته مما قرأه في العهدين القديم والجديد.
أخذ يلح في السؤال من أستاذه السوري وكان من أتباع مدرسة أهل البيت – عليهم السلام – فعرض عليه عقيدتهم التوحيدية البعيدة عن تحريفات فرق المجسمة والحشوية والمرجئة وغيرهم وزوده بمجموعة من الكتب العقائدية فقرأها وبدأ يناقش والأستاذ يجيبه برحابة صدر وهو يحلل الأجوبة ويقارن حتى أيقن أن إسلام أهل البيت المحمدي هو الدين الحق فاعتنقه وأعلن ذلك في مسجد للمسلمين في العاصمة كينشاسا.
يقول الأخ إبراهيم زنكو عن أقوى ما جذبه للإسلام: (من الأمور المهمة التي أثرت في نفسي وجعلتني أعتنق الإسلام، مسألة التوحيد خصوصاً الإستدلال العقلي المتين الذي يثبته به أهل البيت عليهم السلام).
أيها الإخوة والأخوات، لقد اعتنق الأخ إبراهيم زنكو الإسلام في أواسط الثمانينات تأثراً بالتوحيد الخالص والمرتبة السامية من معرفة الله عزوجل التي عرضها أهل بيت الرحمة المحمدية عليهم السلام للعالمين، فتعرض إثر ذلك لكثير من المضايقات والمصاعب خصوصاً من أهله ووالده الذي طرده من البيت.
ولكن روح التوحيد الخالص وما تبعثه من التوكل على الله والثقة به عزوجل، جعلته يتحمل كل تلك الصعاب، وقد علم أن من تعاليم الإسلام بر الوالدين حتى لو كانا مشركين وصلة الأرحام وإن أساؤوا له، ولذلك لم يقطع صلته بأهله وبقي يتردد عليهم ويحسن إليهم، فعادت علاقته بهم، وإثر التحول الذي أوجده التوحيد في سلوكياته على أشقائه فأسلم اثنان منهم على يديه واختارا اسمين جديدين هما: حسين ومسلم؛ فأقبلا بشوق على تعلم مبادئ أهل البيت عليهم السلام.
ثم كان من فضل الله عزوجل أن هدى إلى الدين الحق على يدي هذا الشاب الموحد الغيور أربعة من أصدقائه تأثروا أيضاً بما سمعوه منه.
وفتح الله قلب هذا الشاب الجامعي للتعرف على مزيد من معارف أهل البيت – عليهم السلام – فانخرط في سلك طلبه العلوم الدينية الحوزوية وواصل دراستها سنوات عدة ليصبح من مبلغي التوحيد الخالص يدعو الناس إليه باللغات الأربع التي يجيدها وهي: العربية والفرنسية والإنجليزية والسواحيلية الإفريقية، يدعوهم بها ليسلموا لله بالدين الحق كما أسلم هو من قبل.
مستمعينا الأفاضل، وبهذا ننهي ما اخترناه من قصة استبصار الطالب الجامعي الغيور ثم الحوزوي الدؤوب ثم المبلغ التوحيدي من الكونغو الأخ إبراهيم زنكو حفظه الله، قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران ضمن برنامج (أسلمت لله) نشكر لكم أيها الأطائب طيب المتابعة ودمتم في رعاية الله سالمين والحمد لله رب العالمين.