في يوم من أيامِ الحرب السورية، دوى صَدى صرخة من بينِ الغبار والدخان:
"أين أبو علي؟"
سؤالٌ لم يَنبُعْ من الفضولِ، بل من الخوفِ. كانَ الأعداء يَهتِفونَ باسمِ رجلٍ أَربكَ وجودُه في الميدانِ ميزانَ المعركةِ.
كانوا يَتحدَّثونَ عن رجلٍ بَرزَ من بينِ مُحاربي " لواء فاطميون"، وكانَ له أثرٌ بالغٌ في القلوبِ، حتى أنَّ غيابَه الجسدي كانَ يُعَدُّ حضوراً أبرزَ من أيِّ قائدٍ آخر.
كتابُ "أين أبو علي؟"
هو قصةُ الرجلِ نفسِه، "مرتضى عطائي"، الذي خُلِّدَ لاحقاً في قلوبِ رفاقِه باسمِ "أبو علي".
هذا الكتابُ ليسَ مجردَ قصةِ حياةِ قائدٍ، بل هوَ أيضاً مرآةٌ لروحٍ تُجسِّدُ الحبَّ والإيمانَ والتضحيةَ.
هذا الكتابِ، يتحدث عن رجلٍ يَرتدي زياً قِتالياً بلونِ الترابِ، بيدٍ مُجبَّسةٍ، ونظرةٍ هادئةٍ. ابتسامتُه من نورٍ؛ ابتسامةٌ لا تَزالُ تَبعثُ الأملَ وَسَطَ الدمارِ والبارودِ.
تلكَ النظرةُ دعوةٌ للتَّعرفِ على رجلٍ عاشَ ببساطةٍ، وقاتَلَ ببسالةٍ، واستشهدَ ليكونَ حياً يُرزقُ عندَ ربِه. في حياتِه اليوميةِ لم يَنقَصْه شيئٌ من أبطالِ الأساطيرِ.
في مدينةِ مشهد، كانَ يَعملُ عامِلَ بناءِ. وكانتْ بقايا الترابِ المجتَمعِ تحتَ أظافرِه تُذكِّر ُبأيامٍ العملِ المضني. لكنَّه في أعماقِ وجودِه كانَ يَشعرُ بنارٍ مُلتهبةٍ، نارُ شوقٍ ورَغبةٍ لحمايةِ الحقيقةِ التي كانتْ في خطر.
عندما وَصلَ خبرُ تشكيلِ "لواءِ فاطميون" في سوريا، لم يَترددْ أبو علي. فأرادَ القتالَ إلى جانبِ إخوانِه الأفغان. ولتحقيقِ ذلكَ، قدَّمَ نفسَه كواحدٍ منهم دونَ تَردُّدٍ، وانطلقَ إلى الميدانِ بهويةٍ مكتومةٍ ومشاعرَ بارزةٍ.
في نظرِه، لم يكنْ الدفاعُ عن شعبِ سوريا المظلومِ وعن مرقدِ السيدةِ زينب (عليها السلام) مجردَ واجبٍ عسكري، بل كانَ عبادةً بدافعِ الحبِّ والودِّ.
كانَ يُؤمِنُ بأنَّ الجهاد، قبلَ أنْ يكونَ معركةً مع العدو، هو رحلة إلى الذات، رحلةٌ لاكتشافِ الإنسانيةِ وَسَطَ الترابِ والدماء.
يَرسِمُ كتابُ "أين أبو علي؟" صورة حية لهذه الرحلةِ الداخليةِ بلغةٍ ورواياتٍ حميمةٍ مُستمدَّةٍ من حياة ِالشهيدِ نفسِه وكلماتِه. وقد أزالَ المؤلفُ الحدودَ بينَ الواقعِ والمعنى من خلالِ استخدامِه أسلوبَ التاريخِ الشفوي.
في كلِّ صفحةٍ، تَمتزجُ رائحةُ غبارِ الجبهةِ بِعَبيرِ اليقين؛ ويَجدُ القارئُ نفسَه بجوارِ رجلٍ تَجاوزَ ذاتَه لِيَخلُقَ عالَماً من الأملِ.
في جميعِ السردياتِ، لا يَقتصرُ "أبو علي" على كونِه قائداً شجاعاً فَحسبْ، بل كصديقٍ طيبٍ وملجأٍ للمحاربينَ.
في أصعبِ اللحظاتِ، كانَ يُدفِّئُ القلوبَ بابتسامةٍ هادئةٍ. بالنسبةِ له، لم يكنْ القتالُ نابعاً من كراهيةِ أعداءِ الإسلامِ فحسبْ، بل أيضاً من أجلِ إحقاقِ العدلِ في الدنيا والسعيِ وراءَ الحقيقةِ في الآخرةِ.
إلى جانبِ السردياتِ الملحمية، يَعرضُ الكتابُ أيضاً لحظاتٍ من حياتِه البسيطةِ والإنسانيةِ: ذكرياتٌ قصيرةٌ، ونِكاتٌ وديةٌ، ولحظاتٌ يُمكنُ للمرءِ فيها أنْ يَلمِسَ عمقَ طيبةِ هذا الرجلِ. هذه اللحظاتُ الصغيرةُ تخلُقُ وجهاً آخرَ له، إنساناً كاملاً، لا ملاكاً بعيدَ المَنال.
وأخيراً، عندما يُسَّجَلَ اسمُه في قائمة الشهداء، يَتردَّدُ السؤالُ نفسُه في القلوبِ:
"أينَ أبو علي؟"
لكنَّ الجوابَ لم يَعُدْ في الترابِ. إنَّه في القلوبِ. في أصواتِ المحاربينَ الذين ما زالوا يُواصلونَ طريقَهم. في إيمانِ من يَسمعونَ اسمَه ويَتذَّكرونَ إخلاصَه وتَضحيتَه. يُجيبُ القرآنُ على هذا السؤال:
«وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَمواتًا بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقون» نعم، أبو علي حيٌ؛ في قلوبِ جميعِ المؤمنينَ الذينَ ما زالوا يَعتبرونَ الفَناءَ في سبيلِ القيمةِ المُطلقةِ هو التعبيرُ الأسمى عن الحياةِ.
لقد خَطتْ دارُ "راه يار" للنشرِ خُطوةً أخرى في طريقِ قولِ الحقيقةِ بنشرِها هذا الكتاب. إنَّه لا يَستعرضُ مذكراتِ الشهيدِ فَحسبْ، بل هو رحلةٌ لكُلِّ منْ يَرغبُ في سماعِ صوتِ الإيمانِ والإنسانيةِ من جديدٍ في خضمِّ هذا العصرِ الصاخبِ.
في مواضعَ متفرقةٍ من الكتابِ، وبينَ ذكرياتِ الشهيدِ عطائي، يَتكرَّرُ اسمٌ آخر: مصطفى صدر زاده.
"مرتضى عطائي" و"مصطفى صدر زادة" أَشبهُ بأخوينِ يُقاتِلانِ جنباً إلى جنبٍ في سبيلِ اللهِ. لا يُمكنُ تَجاهلُ أحدِهما دونَ الآخر. في قلبِ المعركةِ، خلفَ الجَبَهاتِ، في لحظاتٍ سالَتْ فيها الدموعُ من أعينِهما، حتى عندَما كانا يَضحكانِ من أعماقِ قلوبِهما، كانا إلى جانبِ بعضِهما البعض.
هذا ما حدثَ عندما عَرجَ مصطفى إلى دارِ الخلدِ لم يَستطِعْ قلبُ مرتضى أنْ يَحتمَّلَ فراقَ رفيقِ دربِه، فبعدَ أيامٍ قليلةٍ أمسَكَ الشهيدُ مصطفى بِيدِ رفيقِه لِينطلقا معاً مُخضَبَيْنِ بدمائِهم نحوَ الله.
"أين أبو علي؟"
سؤالٌ يَتكَرَّرُ في كُلِّ وقتٍ. فحيثُما يَنبِضُ قلبُ المؤمنِ بالحقِّ، هناك يوُجَدُ "أبو علي".
قامتْ دارُ المَحَجَّةِ البيضاءِ للنشرِ بتَرجمةِ هذا الكتابِ من الفارسيةِ إلى العربيةِ، لتَكونَ سيرتُه الاستشهاديةُ وحياتُه العِرفانيةُ الجِهاديةُ قدوةً في نفوسِ الشبابِ المُسلمِ في جميعِ أنحاءِ العالم.
شبابٌ يخوضونَ ساحاتِ الجِهادِ تحتَ رايةِ حزب الله، لِينثُروا الدنيا ببذورِ العدلِ والرحمةِ.
يمكنكم شراء كتاب " أين أبو علي؟" عبر :
https://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb392712-390270&search=books
+
https://kotobon.com/book/%D8%A3%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%9B-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D8%B1%D8%AA%D8%B6%D9%89-%D8%B9%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%82%D8%A8-%D8%A8%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D9%86-%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%87/Sm90WVRBaVY5ay9UdTdpTUFGNGNOdz09