هل تعتقد بأنه يمكن بناء الهوية من خلال خلق المفردات؟.
لأن البعض يقول إن اللغة التي تُسمى اليوم بالعبرية الحديثة ليست في الواقع لغة أصيلة وتاريخية!.
هذه اللغة، التي يتم تقديمها وإشاعتها كلغة رسمية للشعب الإسرائيلي، هي في الواقع نتاج هندسة ثقافية في القرن العشرين، وليست استمرارا طبيعيا للغة العبرية القديمة!.
يعتقد العالم اللغوي الإسرائيلي وأستاذ جامعة أديلايد الأسترالية جلعاد زوكرمان بأنه ينبغي تسمية هذه اللغة باللغة "الإسرائيلية"، وليس العبرية.
ووفقًا له، فإن العبرية الحديثة هي مزيج من العبرية التوراتية، اليديشية، الروسية، البولندية والألمانية، وحتى العربية؛ إنها، تماما مثل العلم الإسرائيلي ونشيدها الوطني.
يقول بول وكسلر في كتابه بعنوان "الطبيعة الانفصامية للعبرية الحديثة":
"إن البنية النحوية والصرفية للعبرية الحديثة مشتقة في الواقع من اليديشية، وليس من العبرية القديمة، اللغة التي كان يتحدث بها يهود أوروبا الشرقية. لذلك، تُعدّ العبرية الحديثة "لغةً مزدوجة الشخصية": في الظاهر تبدو عبرية لكنها ذات أصل لغوي أوروبي".
إليعازر بن يهودا، الذي يُعتبر مؤسس العبرية الحديثة، حاول إحياء لغة ميتة من ثمانينيات القرن التاسع عشر. إلا أن ما برز في الواقع لم يكن إحياء للغة، بل كان إعادة بناء قائمة على تشكيل مفردات اصطناعية من جذور قديمة واقتراض واسع النطاق من اللغات الأوروبية.
كما يؤكد ويليام تشومسكي، والد نعوم تشومسكي، أن العبرية تحولت من لغة دينية ومذهبية إلى لغة وطنية في هذه العملية؛ لكن هذا التحول لم يكن ممكنا دون تغييرات جوهرية في بنيتها اللغوية.
في الواقع، يبدو أن مشروع إحياء اللغة العبرية كان مشروعا سياسيا وثقافيا لبناء الأمة أكثر منه حركة لغوية؛ فهي محاولة لخلق يهودية جديدة وفصل الجيل الجديد عن الجذور الدينية والهوية ذات اللغات المتعددة لليهود المهاجرين.
كما يقول زوكرمان:
"اللغة العبرية الحديثة ليست عبريةً أُعيد إحياؤها من جديد؛ إنها لغة يديشية في ثوب عبري".
ومع ذلك، فهذه وجهة نظر مثيرة للجدل بين اللغويين.
من جهة أخرى، هناك رأي يعتقد بأن اللغة العبرية الحديثة هي لغة سامية تم إحياؤها بعد تأثيرات قوية من التواصل اللغوي.
وبطبيعة الحال، فإن هذا الواقع يثير سؤالا أساسيا هو:
إذا كانت اللغة التي تعتبر من الجذور الثقافية والذاكرة التاريخية للأمة، وقد أعيد بناؤها في إسرائيل، فما مدى اعتبار الأمة الأسرائيلية وجذورها في الواقع التاريخي؟.