البث المباشر

كيف يُمكن إنعاش الثروة السمكية في اليمن؟

الإثنين 17 نوفمبر 2025 - 11:39 بتوقيت طهران
تنزيل

فيديوكاست خاص يسلط الضوء على الثروة السمكية اليمنية وتجيب علي هذا السوال بان كيف يُمكن إنعاش الثروة السمكية في اليمن؟

تُركز في هذه الأيام معظم الأخبار المنشورة في الفضاء الإلكتروني ووسائل الإعلام التقليدية فيما يخص اليمن على أخبار عسكرية ونضال شعبه البطل الدؤوب ضد الكيان الصهيوني ودعمًا لشعب غزة المظلوم.

 

لكن لليمن وجه آخر؛ فهو بلدٌ يتمتع بساحل يمتد 2500 كيلومتر، ويُمكن أن يكون أحد أهم مراكز صيد الأسماك في المنطقة. وبطاقة صيد سنوية تزيد عن 350 ألف طن من الأسماك، يُمكن أن تُنشئ اقتصادا بمليار دولار لهذا البلد. إلا أن عدوان التحالف السعودي الإماراتي، بدعم كامل من الولايات المتحدة، والحرب الأخيرة مع الكيان الصهيوني، قوّضا فرصة هذا البلد البالغة مليار دولار.

 

سنتناول بالتفصيل آثار حرب اليمن مع التحالف السعودي الإماراتي والكيان الصهيوني الغاشم على قطاع الثروة السمكية اليمنية، ونُجيب على هذا السؤال:

***

يُعتبر قطاع الثروة السمكية أحد القطاعات الرئيسية في الاقتصاد العالمي والأمن الغذائي. وقد حققت سلطنة عُمان، جارة اليمن، إيرادات بلغت 731 مليون دولار أمريكي من قطاع الصيد في عام 2024.

تُعدّ الصين أيضًا من أكبر اللاعبين في هذا القطاع، حيث تجاوزت صادراتها 20 مليار دولار أمريكي في عام 2024. إضافةً إلى ذلك، تُعدّ النرويج، بسواحلها الطويلة ومياهها الباردة والنظيفة، وإدارتها المستدامة، من أبرز اللاعبين في هذا المجال. وتشير التقديرات إلى أن النرويج حققت أرباحًا تقدر بحوالي 12 مليار دولار أمريكي من قطاع الصيد في عام 2024. بالإضافة إلى الدخل الكبير، يلعب قطاع الصيد دورًا هامًا في خلق فرص العمل.

بلغ عدد العاملين في هذا القطاع فيما يخص الصين حوالي 7.4 مليون شخص في عام 2024، بينما تم تقدير هذا الرقم في النرويج في عام 2023 بحوالي 96,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. كما أن لقطاع الثروة السمكية دورا مباشرا في ضمان الأمن الغذائي وقدرتها العالية على خلق فرص العمل، وهو يتمتع بمكانة استراتيجية وحيوية في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية.

يتمتع اليمن أيضا بقدرة كبيرة في صناعة الثروة السمكية نظراً لموقعها الاستراتيجي وساحلها الذي يمتد لـ 2500 كيلومتر، ويمكنها صيد حوالي 350 ألف طن من الأسماك سنوياً.

ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة الثروة السمكية اليمنية عام 2012، شكّل هذا القطاع ما يقارب 3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وكان يُعتبر ثاني أكبر مصدر لدخل الصادرات اليمنية بعد النفط. لذلك، فإن الاستخدام الذكي للثروة السمكية يمكن أن يُحدث تحولًا كبيرًا في الاقتصاد اليمني.

بدأ هجوم التحالف السعودي الإماراتي عام 2015 بدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، وبدور مباشر من المملكة العربية السعودية، واليوم اشتدت الحرب مع الهجوم المباشر للكيان الصهيوني. وقد ألحقت هذه الظروف أضرارًا جسيمة بلاقتصاد اليمني الذي يبلغ حجمه مليار دولار.

وفي مواصلة حديثنا، نعتزم دراسة كيف أضرت هذه الحرب المدعومة من قوى عالمية وإقليمية ضد الشعب اليمني، بصناعة صيد الأسماك اليمنية. كما سنتناول عواقبها على الاقتصاد اليمني وأمنه.

 

في واقع الأمر، أثرت الحرب على هذا القطاع المهم (الثروة السمكية) من الاقتصاد والأمن الغذائي اليمني بطريقتين رئيسيتينم

السبب الأول يتعلق بانخفاض أعداد الصيادين والقوى العاملة المرتبطة لأجل انعدام الأمن الناجم عن الحرب.

تشير الإحصائيات إلى أن العمالة المباشرة وغيرها في هذه الصناعة اليمنية قبل بدء الحرب كانت حوالي 500 ألف شخص، منهم حوالي 90 ألف صياد مرخص. كما أثرت هذه الصناعة بشكل مباشر وغيره على حياة حوالي 1.7 مليون شخص.

وفقًا لبيانات الوكالة الأمريكية الدولية، انخفض عدد الصيادين اليمنيين إلى حوالي 70 ألفًا في عام 2018. وقبل الصراع، كان إنتاج اليمن السنوي من الأسماك والمأكولات البحرية حوالي 200 ألف طن، يُصدّر منها ما بين 40% و50%، محققًا دخلًا للبلاد يبلغ حوالي 300 مليون دولار. ومع بدء الحرب وتدخل التحالف السعودي الإماراتي، المدعوم بالكامل من الولايات المتحدة، انخفض تصدير هذه المنتجات إلى أقل من النصف، ولم يُصدّر سوى حوالي 70 ألف طن سنويًا.

إضافةً إلى ذلك، فإنه يُعدّ اعتقال الصيادين اليمنيين والقيود المفروضة على تصدير المنتجات من العواقب الأمنية المباشرة الأخرى لهذه الحرب.

السبب الثاني يرجع إلى نقص الوقود نتيجة نهب المحتلين للموارد النفطية وقصف الأعداء لها. وهذا يؤثر على الثروة السمكية اليمنية في ثلاثة مجالات رئيسية.

 

الأول: قوارب وسفن الصيد:

يعتمد الصيادون على محركات الديزل والبنزين للتنقل على طول الساحل اليمني، إلا أن نقص الوقود وارتفاع تكلفته تسببا في جنوح العديد من القوارب وقصر أنشطتهم على مسافات قصيرة. ونتيجة لذلك، انخفض صيد الأسماك وتقلص الوصول إلى المخزون السمكي في المياه البعيدة.

 

2. اضطراب التوزيع:

بعد الصيد، يجب نقل الأسماك بسرعة إلى مراكز المعالجة أو الأسواق. وقد تسبب نقص الوقود في انخفاض نشاط الشاحنات والمستودعات المبردة، ويفسد جزء كبير من الأسماك على الساحل أو يُعرض فقط في الأسواق المحلية. لذلك، وبسبب نقص السوق والطلب، فإنه ينخفض معدل ​​مصيد فعليًا.

 

3. المعالجة والتصدير:

تعتمد الورش والمصانع الصغيرة لمعالجة وتعبئة الأسماك على مولدات الديزل. وقد أدت أزمة الوقود إلى انخفاض حاد في سعة مخازن التبريد ومصانع الثلج ومراكز التخزين، وواجهت الصادرات، التي تتطلب سلسلة تخزين مبردة، مشاكل خطيرة.

نتيجةً لذلك، لم يقتصر نقص الوقود على خفض كميات الصيد فحسب، بل عطّل أيضًا سلسلة التوريد والصادرات، مما أثر بشكل مباشر على دخل صغار الصيادين وإيرادات اليمن من النقد الأجنبي.

وخلال الحرب التي استمرت عقدًا من الزمان، استُهدفت أيضًا معظم البنية التحتية للوقود في اليمن، بما في ذلك مرافق التخزين، محطات الطاقة وشبكات النقل. وألحق هذا الدمار أضرارا بالغة بسلسلة التوريد في قطاع صيد الأسماك، مما أدى إلى القضاء على جزء كبير من الطلب على الأسماك.

إن من نتائج وتبعات هجوم التحالف السعودي الإماراتي على اليمن لتدمير استقلاله ونهب موارده هي فرض عقوبات اقتصادية على الشعب اليمني. فبعد اندلاع الحرب عام ٢٠١٥، فرض مجلس الأمن الدولي، بمساعدة المملكة العربية السعودية ودعم الولايات المتحدة، عقوبات على اليمن، شملت قيودًا صارمة على حركة السفن والطائرات، بحجة الحفاظ على استقراره، مما أدى فعليًا إلى حصاره.

كما صعّبت هذه العقوبات تحويل الأموال ومنعت الدول من التعاون مع اليمن. ونتيجةً لذلك، بالإضافة إلى عملية التصدير، واجهت البنية التحتية الصناعية ومعدات الإنتاج اليمنية إلى اليمن قيودا شديدة، وتراجعت قدرتها على إعادة بناء وتطوير صناعة صيد الأسماك والقطاعات الاقتصادية الأخرى.

 

بالإضافة إلى المشاكل المذكورة، يُعدّ التلوث البيئي أيضًا أحد أخطر التحديات التي تواجه الثروة السمكية في اليمن. وحذّرت وزارة الزراعة والثروة السمكية اليمنية من أن ممارسات التحالف السعودي الإماراتي، بما في ذلك الصيد المدمر وإطلاق النفايات النفطية والطبية، تُشكّل تهديدًا خطيرًا للموارد البحرية اليمنية. ولا يقتصر هذا التوجه على تقويض الأمن الغذائي للمواطنين فحسب، بل يُشكّل ضغطًا على صحة المجتمع، وقد أدى في نهاية المطاف إلى انخفاض حاد في كميات الصيد والإنتاج في قطاع صيد الأسماك.

إن اليمن يحتاج إلى تنفيذ سلسلة من التدابير الرئيسية التي تضمن تطوير هذه الصناعة الحيوية (الثروة السمكية) لاستعادة قدرات هذا قطاع.

تتمثل الخطوة الأولى لإنعاش قطاع الثروة السمكية اليمني في تعليم استخدام طرق حفظ الأسماك، مثل التجفيف والتمليح، والتي لا تتطلب معدات متطورة. فهذه الطرق لا تسمح فقط بالحفاظ على الثروة السمكية لفترة طويلة، بل أيضًا، يمكن أن تلعب دورًا فعالا في إنعاش قطاع صيد الأسماك اليمني نظرًا لتوفر سوق مناسب لهذه المنتجات في دول الخليج الفارسي.

الخطوة التالية تتمثل في تعزيز صادرات الثروة السمكية. يمكن لليمن تصدير منتجاته السمكية وكسب النقد الأجنبي من خلال إنشاء خطوط شحن مع حلفائه، وخاصة إيران.

تُعد إيران من الدول التي تتمتع بالتكنولوجيا والقدرة التصديرية في مجال المنتجات السمكية، وفي عام ٢٠٢٤، صدّرت ما قيمته ٣٧٢ مليون دولار من منتجاتها السمكية إلى ٤٥ دولة حول العالم، خاصة الصين، العراق والإمارات العربية المتحدة.

وأخيرا، وبإمكان اليمن في ظل الظروف الراهنة، بناء مصانع تعليب صغيرة يمكنها أيضا ضمان أمنه الغذائي بالإضافة إلى أخذ القضايا الدفاعية بعين الاعتبار أثناء الحرب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة