أوروبا منهكة، أمريكا مترددة، وأوكرانيا؟
قد أصبحت قضية يجب أن تُغلق،
حتى لو أدى ذلك إلى خسارة أجزاء من البلاد.
السؤال الرئيسي هو:
لماذا تجد دولة تخلت عن أسلحتها النووية وأعادت بناء اقتصادها وفقاً للوصفات الغربية لتحقيق الأمن فهي الآن وحيدة في اللحظة الأكثر حرجا في تاريخها، وتواجه "اتفاقا مفروضا"؟.
بحسب بيانات رسمية صادرة عن معهد KSE، فإن الحرب تسببت في أضرار مباشرة للبنية التحتية في أوكرانيا تتجاوز قيمتها 155إلى 175 مليار دولار بحلول يناير/كانون الثاني 2024،
ويقدر البنك الدولي تكلفة إعادة الإعمار بأكثر من 500 مليار دولار.
تضررت مئات الآلاف من الوحدات السكنية وعشرات المدن، وشُرد ملايين الأشخاص.
لقد أدى هذا الدمار إلى استنزاف أوكرانيا ليس عسكريا فحسب، بل أيضا سياسيا واقتصاديا.
يعود هذا الوضع إلى التنازلات التي كانت قد منحتها أوكرانيا للغرب في العقود السابقة.
في التسعينيات، تنازلت أوكرانيا عن إحدى أكبر ترساناتها النووية في العالم بموجب "اتفاقية بودابست"، وبالمقابل لم تتلق سوى ضمانات سياسية فاقدة للتنفيذ.
في السنوات التالية، تأثرت بنية الاقتصاد، المناجم والصناعات الرئيسية بنماذج الخصخصة الغربية،
تزايد الاعتماد على الولايات المتحدة وأوروبا في الأمن الاقتصادي، دون أن يقترن هذا الاعتماد بعضوية في حلف الناتو (حلف شمال الأطلسي) أو معاهدة دفاعية ملزمة.
لقد تلاقت هذه الخلفية الآن مع "الإرهاق الاستراتيجي" الذي يعاني منه الغرب.
فقد غيّرت أزمة الطاقة في أوروبا، تراجع الدعم الشعبي، ومحدودية الموارد المالية، أولويات الدول الغربية،
وبحسب صحيفة الغارديان فإن هدف اليوم هو "يوم إنهاء تكلفة الحرب"، وليس "انتصار أوكرانيا".
كما أدت الرشوة التي مارسها زيلينسكي في قطاع الطاقة الأوكراني إلى إضعاف مكانته المحلية، في الوقت الذي يعيش الشعب في ظروف صعبة، وقلصت القدرة التفاوضية لأوكرانيا.
في مثل هذا الوضع، تبدو خطط السلام التي اقترحتها الولايات المتحدة أشبه بـ "استقرار الخطوط القائمة":
التنازل عن الأجزاء المتبقية من دونباس، تقييد الجيش الأوكراني، وغياب ضمان أمني- قانوني.
اتفاق لا يُشكّل أداة ردع فحسب بل لا يضمن مستقبل هذا البلد أيضا.
النتيجة واضحة:
"بعد أن خسرت أصولاً استراتيجية وتكبدت خسائر فادحة، تواجه أوكرانيا اليوم سلاما هو نتاج حسابات مصالح القوى الأخرى، وليس خيارها".