كيف تمكن "اختبار جيني بسيط" من أن يتحول إلى أحد أهم البنى التحتية للأمن القومي في العالم؟
هذا السؤال هو نقطة البداية لملف يتوسع ويستمر بهدوء وصمت:
"بنوك الحمض النووي (DNA)".
وفقًا للبيانات الرسمية، مع حلول عام 2025 تم تخزين أكثر من مليار ملف جيني بشري في مصادر مختلفة؛
إلى جانب النفط والبيانات المالية تعتبر هذه البيانات أحد أهم الممتلكات الاستراتيجية القيمة.
كما أن التقنيات الجديدة مثل "كريسبر" (CRISPR) ونماذج "الذكاء الاصطناعي البيولوجي" قد غيرت المعادلة.
وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة RAND، واستنادًا إلى إحدى التجارب، يمكن لنموذج ذكاء اصطناعي مصمم لإنتاج الأدوية أن ينتج حوالي 40,000 جزيء سام في أقل من ست ساعات، وذلك بمجرد تغيير الوصفة؛
بما في ذلك مركبات مشابهة لغاز الأعصاب " VX " وجزيئات جديدة كان مستوى السم المتوقع فيها أعلى من العينات المعروفة.
تشير هذه النتيجة إلى أن الفجوة بين "البيانات الجينية" و"العامل البيولوجي" يمكن تقليصها إلى بضعة أيام.
لكن التهديد لا يقتصر على تصميم مسببات الأمراض؛ الأهم من ذلك، هو أمن البيانات.
في عام 2023، وضمن هجوم إلكتروني تمت سرقة بيانات لأكثر من سبعة ملايين مستخدم لإحدى الخدمات الجينية.
تعتبر بنوك الحمض النووي اليوم جزءًا من نطاق هجمات الحرب الإلكترونية،
إذا ما تعرضت هذه البنوك للاختراق، فإنها تتمكن أن تصبح الأساس للعمليات النفسية، والاضطرابات الاجتماعية، وحتى الحرب الهجينة دون إطلاق رصاصة واحدة.
ربما لا تُصدقون، منذ الحرب الكورية، الأسلحة البيولوجية قيد التطوير.
تُظهر الوثائق التي تمت مراجعتها في كتاب The United States and Biological Warfare " أي الولايات المتحدة والحرب البيولوجية" أن أمريكا ومنذ الأربعينيات وحتي أوائل الخمسينيات أجرت عشرات الاختبارات الميدانية البيولوجية في قواعد مثل داجوي وهورن آيلاند، وأنها كانت قد أكملت القدرة التشغيلية للأسلحة البيولوجية قبل الحرب الكورية.
أفادت التقارير في الفترة ١٩٥١-١٩٥٣، بأن الهياكل التشغيلية للقوات الجوية الأميركية والوحدات الكيميائية التابعة للجيش الأميركي "جاهزة " لتنفيذ هجمات بيولوجية.
بالطبع فإن الاستخدام الفعلي للولايات المتحدة لهذا السلاح في الحرب الكورية لا يزال موضع خلاف.
لكن هذه الوثائق تظهر بأن البرنامج البيولوجي للولايات المتحدة هو بمثابة قدرة عسكرية متكاملة.
مع التقدم التكنولوجي اليوم يُمكن لقواعد البيانات الجينية نفسها تحديد شدة الأمراض بناءً على الأنماط الجينية لمجموعات محددة من الناس.
ولا يزال السؤال الأخير يطرح نفسه:
"البيانات التي نجمعها اليوم من خلال اختبار بسيط، في أي ساحة معركة سيتم استخدامها غدا؟.