إذا لم تقل وسائل الإعلام الحقيقة، فمن سيفعل ذلك؟.
عندما يُقصف استوديو بث مباشر لشبكة إخبارية بصاروخ أمام ملايين المشاهدين، لا يُدمر المبنى فحسب بل يُدمر مفهوم حرية التعبير وقول الحقيقة والأخلاق المهنية.
في 16 يونيو/حزيران المنصرم استهدفت إسرائيل صحفيين إيرانيين وقصفتهم أثناء البث المباشر. انهم لم يكونوا في ميدان القتال ولا في قاعدة عسكرية؛ بل كانوا خلف الطاولة وفي مكتبهم أمام الكاميرا ينقلون الحقيقة للعالم.
والنتيجة ماذا؟
استُشهد إعلاميان في هذه الحادثة. وفي أعقاب الهجمات الإسرائيلية، استُشهد سبعة إعلاميين آخرين في إيران.
فوفقًا للمادة 79 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف، يُعتبر الصحفي "مدنيًا" حتى في ساحة المعركة. ووفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يُعدّ "استهداف المدنيين عمدًا" كالصحفيين جريمة حرب.
والسؤال الواضح الآن هو:
عندما يُستهدف مبنى يعمل فيه الصحفيون والمحررون والمذيعون والطاقم الفني على مدار الساعة بصواريخ متعددة، فماذا نُسمي ذلك؟
حادث ؟ دفاع عن النفس؟ أم هجوم مُخطط له لإسكات الصوت؟.
ويشكل هذا الهجوم انتهاكا واضحا لقراري مجلس الأمن 1738 و2222، اللذين يتناولان على وجه التحديد حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة.
وهذه ليست المرة الأولى. فلإسرائيل تاريخ طويل في اغتيال الصحفيين:
من شيرين أبو عاقلة وإلى عشرات الصحفيين الآخرين في غزة والضفة الغربية، والآن في إيران. وفي كل مرة هناك قاسم مشترك في الإجرام: "الإفلات التام من العقاب".
لماذا؟
لأن السياسيين الغربيين الذين يُفترض أنهم يدافعون عن القانون، هم أنفسهم العائق الأكبر أمام تطبيقه.
هنا ليس فقط الصحافيون هم الذين يُقتلون؛ بل الحقيقة هي التي تُدفن تحت الأرض.
إن القرن الحادي والعشرين يحمل رسالة واضحة لوسائل الإعلام:
"إما أن تقول الحقيقة، حتى لو كلفك ذلك حياتك...
أو أن تظل صامتًا إلى الأبد".