بسم الله وله الحمد غفار الذنوب التواب الرحيم والصلاة والسلام على وسيلة التائبين الى رضوان رب العالمين المصطفى الامين واله الاطيبين
سلام من الله عليكم ايها الاخوة والاخوات، على بركة الله نلتقيكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج نتعرف فيها على دور التوبة في ايصال العباد الى قرب ومرضاة ارحم الراحمين واكرم الاكرمين.
مستمعينا الافاضل اجمع اهل المعرفة على ان التوبة الى الله عزوجل هي من الوسائل اللازمة في السير والسلوك الى الله عزوجل والاحتياج الى التوبة مستمر لأنها لاتنحصر في مصداق التوبة من الذنوب الواضحة بل تشمل مختلف المعاصي السلوكية كالغفلة عن الله ولو لفترات قليلة او كضعف الهمة في ابتغاء مرضاته وغير ذلك.
اما عن معنى التوبة واثرها في الحركة السلوكية فننقل لكم قول العارف الفقيه المولى الشيخ صالح المازندراني في شرحه القيم اصول الكافي قال قدس سره "التوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه ومنعه من الوصول الى الحق تبارك وتعالى والندم على مافرط والعزم على ترك المعاودة ودرك ما امكنه ان يتدارك من الاعمال ورد المظلمة الى صاحبها او تحصيل البراءة منه فمتى اجتمعت هذه الامور تحققت حقيقة التوبة وكملت شرائطها وتاب الله تعالى على عبده. والتوبة من اهم قواعد الاسلام واول مقامات السالكين الى الاخرة وقد اتفق اهل الاسلام على وجوبها فوراً ومنافعها كثيرة منها انها تخلع ثوب التناسي وتقطع عرق النجس ومنها انها تورث محبة الرب ورضوانه والدخول في جنانه، قال تعالى (ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) وفيه فضل عظيم وشرف جسيم للتائب حيث نال محبة الحق التي هي اعلى مقاصد السالكين بعدما كان في زمرة الهالكين.
قال الباقر عليه السلام: "ان الله اشد فرحاً بتوبة عبده من رجل اضاع راحلته وزاده في ليلة ظلماء ووجدها فالله اشد فرحاً بتوبته من ذلك الرجل براحلته حين وجدها".
مستمعينا الافاضل وبعد نقل هذا الحديث الشريف يخاطب المولى المازندراني طالب القرب الالهي قائلاً فأنظر ايها اللبيب الى هذا الحديث الشريف وعلو مضمونه تجده كافياً للترغيب الى التوبة والتحريض عليها لو لم يكن غيره ولكن الايات الكريمة والروايات الشريفة في باب التوبة وبيان فضلها اكثر من ان تحصى.
التوبة اعزاءنا المستمعين من صفات العاقل لأن العاقل قصده لقاء الله تعالى دائماً وهمه النزول في ساحة العز وهو يرقبه في كل زمن فأكبر مقاصده ان يطهر نفسه بالتوبة والندامة على مايوجب البعد عنه تبارك وتعالى من رجس الاثام قبل انتهاء وقت التكليف بالموت وانقضاء مدة العمل بالفوت.
ويتابع المولى المازندراني حديثه قائلاً: بخلاف الجاهل فأن وصفه الاصرار على الذنوب والمعاصي والاقامة على الاثام والمناهي اذ هو لعميان بصيرته ونقصان عقيدته محجوب عن درك الاخرة وحالتها وعن نيل عناية الحق عزوجل ومقاماتها فيظن ان غاية خلق الانسان هي وصوله الى هذه اللذات الحاضرة والمنافع الداثرة فيستمر عليها ويستبشر بها وهو من الغافلين او يظن بالاخرة ظناً ضعيفاً يستعد به لقبول مايتلو عليه الشياطين من تسويف التوبة غداً بعد غد الى ان يموت وهو من الخاسرين.
ثم ان الاصرار بالذنب اهم من فعله على الاستمرار فهو يصدق على فعل المذنب مرة على عدم عزمه للتوبة والاستغفار، روي عن ابي جعفر الباقر عليه السلام في قول الله عزوجل "وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"(سورة آل عمران۱۳٥) قال: "الاصرار هو ان يذنب الذنب فلايستغفر الله ولايحدث نفسه بتوبة فذلك الاصرار".
ومن فسر الاصرار بتكرار ذنب واحد او بأيجاد حقيقة الذنب في ضمن انواع مختلفة من الذنوب بحيث يشعر بقلة المبالاة فقد غفل عن معنى الاصرار في ذنب واحد مع عدم التوبة.
كانت هذه مستمعينا الاكارم توضيحات العارف الجليل المولى محمد صالح المازندراني لأهمية التوبة في وصول السالك الى مقصده وهو قرب الله تبارك وتعالى.
وبهذا ننهي لقاء اليوم من برنامجكم الطريق الى الله استمعتم له مشكورين من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، كونوا معنا في حلقته المقبلة بأذن الله دمتم بألف خير وفي امان الله.