البث المباشر

شرح فقرة: "يا من استسلم كل شيء لعظمته..."

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 22:00 بتوقيت طهران

( الحلقة 18 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا من استسلم كل شيء لعظمته..."

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء (الجوشن الكبير)، حيث يتضمن مائة فقرة، كل واحدة منها تتضمن عشر سمات او ظواهر او عشر خطابات، وقد حدثناك عن المقطع او الفقرة السادسة في لقاء سابق، ووقفنا عند اولاها وهي عبارة (يا من تواضع كل شيء لعظمته) ونحدثك الآن عما بعدها، وهي فقرة (يا من استسلم كل شيء لقدرته) هنا، نحتمل او نتوقع بانك ستثير سؤالاً هو: ما هي الفوارق بين الفقرتين المذكورتين، وهما: تواضع الوجود لعظمة الله تعالى واستسلامه لقدرته؟ 
من البين ان العظمة ـ وهي الكبر ـ يقابلها الصغر، او لنقل: ان العظمة تقابلها الضعة، ولذلك قال النص: ان كل شيء هو:ضعة او تواضع امام العظمة، انه تعالى يقول للشيء «كُن فَيَكُونُ» وهذا القول هو قدرته تعالى: كما هو واضح، ولذلك جاءت الفقرة الثانية بعبارة (يا من استسلم كل شيء لقدرته)، ومعنى ذلك ان الاستسلام (وهو الانقياد) يصدر من الوجود حيال قدرة الله تعالى، هنا يثور السؤال الاتي: 
ما الفارق بين التواضع والاستسلام من الوجود؟ وما هو الفارق بين العظمة وبين القدرة عند الله تعالى؟
الجواب: عندما تتضع ـ في ميدان التجربة البشرية ـ فان التفاعل هو: ان تحس بدونيتك امام رفعة الآخر مثلاً: كالعبد امام الاسياد واما الاستسلام فهو: تقبل لما يامرك به الاسياد، فيكون الفارق بين الاتضاع: فارقاً بين الاحساس او الشعور بخطورة الموقف، بينما الاستسلام هو: اطاعة لما يأمر به السيد، وحينئذ يتضح الفارق بجلاء بينهما، اي: بين الاتضاع والاستسلام واما الفارق بين موقع (السيد) او منزلة او حجم شخصيته وبين امكاناته العملية في ميدان السلوك اليومي وهذا فيما يتصل بالفارقية في نطاق السلوك البشري، واما اذا نقلنا الموضوع الىالله تعالى وصلة مخلوقاته به، فان الامر يتضح بجلاء، الا وهو ان عظمته تعالى تقابلها ضعة المخلوقات، وان قدرته تعالى تقابلها الاستسلام لما يامر به الله تعالى بحيث يقول للشيء كُن فَيَكُونُ. 
بعد ذلك نواجه عبارة او خطابا هو (يا من ذل كل شيء لعزته)، هنا ايضاً نجد تجانسا بين العزة وما يقابله من الذلة، اي: عزة الله تعالى وذلة المخلوقات حياله ومن جديد يثورالسؤال المتكرر: ما هو الفارق بين ما تقدم من العظمة والمقدرة وبين العزة، ثم ما بين ما يقابلها من الضعة والاستسلام وبين الذلة؟ 
الجواب: ان العزة هي المنعة قبالة الذلة وهي: عدم العزة تماماً، اي: غلبة السيد على العبد من حيث سيادته التي لا تنحني لاحد مقابل الذليل الذي ينحني امام المسيطر عليه، وهذا في التجربة البشرية، فاذا نقلنا، الى الساحة الالهية: حينئذ فان الامر ليتضح تماماً، حيث ان (العزة) له وحده، والمخلوقات جميعاً تذل له،اي: تقف منحنية امام الله تعالى.
ونواجه خطابا بعد ذلك هو: (يا من خضع كل شيء لهيبته)، هنا ايضاً يتكرر السؤال عن الفارق بين ما تقدم من معانى العظمةوالقدرة والعزة وبين الهيبة الالهية؟ 
الجواب: الهيبة هي: خوفك واتقاؤك وحذرك منن الآخر، فاذا نقلنا السمة الى الله تعالى: فمعنى ذلك: ان المخلوقات جميعاً تخاف الله تعالى وتتقية وتحذر منه: حيث يترتب على ذلك: خضوعها للهيبة المشار اليها، هنا قد يثور سؤال آخر: الخضوع هو مقابل: السكون الى الآخر، او الطاطاة له، وحينئذ: ما هو السر الكامن وراء صياغتها في هذا المقطع من الدعاء مقابلا للهيبة؟ 
الجواب: عندما تجد نفسك امام الآخر في وقاره وجديته ومنزلته: حينئذ تحذره وتخشاه ولا تج رأ على مخاطبته او تحديه، وهذا في التجربة البشرية، فاذا نقلناها الى البشر حيال الله تعالى، فان اتقاءه والحذر منه يظل من الوضوح بمكان. 
ختاماً نساله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة