موضوع البرنامج:
أم العفة والحجاب
السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله.
شكراً لكم وأنتم ترافقوننا في هذا اللقاء نستلهم فيه عبر الحياة الطيبة من سيرة سيدة نساء العالمين.
وها نحن ننقلكم في مطلع هذا اللقاء إلى المسجد النبوي حيث جلس رسول الله –صلى الله عليه وآله- وحوله جمع من أصحابه.
عبد الله بن مكتوم: يا زيد ماذا قال رسول الله آنفاً.. أخبرني رحمك الله فلم أسمع قوله جيداً.
زيد: لقد سألنا سؤالاً حيرنا جوابه.. ولم يصب أي منا الجواب.
ابن مكتوم: وماذا كان سؤاله لعلي أجيب عنه.
زيد: من يدري.. لعلك يابن مكتوم تقدر على ما عجزنا نحن عنه، لقد سألنا رسول الله قائلاً:
أخبروني أي شيء خير للنساء؟
ابن مكتوم: أي شيء خير للنساء، أي شيء خير للنساء؟
زيد: ها يابن مكتوم، هل عرفت الجواب؟
ابن مكتوم: لا والله.. كأنني عييت مثلكم عن الإجابة.. إن حصلت على الجواب من رسول الله فأخبرني رحمك الله.
زيد: ترى أي شيء خير للنساء؟ وما الذي عناه رسول الله؟
أم أيمن: بما تفكر يا أبا أسامة؟ أراك مشغول البال!
زيد: ها، أم أيمن، أفكر في سؤال عرضه علينا رسول الله ولم يجبنا عنه فعيينا جميعاً عن جوابه حتى تفرقنا.
أم أيمن: لا تعجل يا زيد، سيجيبكم عنه لاحقاً.. ولكن لم تقل ما هو هذا السؤال الذي حيركم.
زيد: أنا أسألك يا أم أيمن هذا السؤال وأسمع ماذا تقولين فهو يرتبط بكن يا نساء المسلمين.
أم أيمن: إن كان يرتبط بنا فقل سأجيبك، لقد عييتم عن الجواب لأنه ليس من شأنكم.. قل يا زيد، قل.
زيد: حسن، أخبريني يا أم أيمن أي شيء خير للنساء؟
أم أيمن: أي شيء خير للنساء؟ ما هو بالسؤال الصعب يا زيد، ما هو خير للمرأة أن تكون مؤمنة وزوجها طيب مثلك وأولادها صالحون.
زيد: مهلاً يا أم أيمن لا تسترسلي.. لقد أجبنا رسول الله بمثل ما تقولين فلم يستوصب جوابنا، وكأنه يريد أن يهدينا إلى أمر يكون به حفظ كل هذه الأمور التي فيها الخير.
زيد: ها يا أم أيمن.. أراك مشغولة البال، بم تفكرين؟
أم أيمن: لقد شغلت فكري يا أبا أسامة بسؤال رسول الله.. لم أتوصل بعد إلى جوابه.
زيد: لا بأس عليك يا أم أيمن، لقد رفع بلال آذان الظهر، أنا ذاهب إلى المسجد.. قد يخبرنا رسول الله بالجواب بعد الصلاة..
أم أيمن: ما أشوقني لمعرفة الجواب يا زيد، فلعلنا معشر النساء أحوج منكم معشر الرجال لمعرفة جواب هذا السؤال.
زيد: لا أدري، قد يكون الأمر كما تقولين، ولكنني أرى إننا نحن أيضا بحاجة لمعرفة الجواب وإلا لما عرضه رسول الله علينا.
أم أيمن: إذن فاذهب على بركة الله فإن حصلت عليه فعجل بإخباري.
زيد: إن شاء الله.. أستودعك الله يا بركة.
وكان علي عليه السلام قد رجع إلى فاطمة سلام الله عليها وأخبرها بما جرى.
قال: يا فاطمة، لقد كنا جلوساً عند رسول الله فقال: أخبروني أي شيء خير للنساء، فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا، وليس أحد منا علم الجواب ولا عرفه.
فبادرته عليها السلام بالجواب قائلة: ولكني أعرفه، خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال.
زيد: تقبل الله صلاتك يابن مكتوم.. تقبل الله.
ابن مكتوم: من زيد بن حارثة؟ وتقبل الله منك يا زيد.
زيد: وكأن علياً يا ابن مكتوم قد جاء بجواب على سؤال رسول الله.
ابن مكتوم: لقد دعوت الله أن أسمع الجواب من رسول الله.. لنسمع ما يقول علي.
جاء علي إلى رسول الله وقال: يا رسول الله سألتنا أي شيء خير للنساء، وخير لهن أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال.
زيد: ما أجمل البسمة التي علت ثغر رسول الله وهو يستمع لكلام علي، لقد ظهرت والله ثناياه الناصعة كاملة يابن مكتوم.
ابن مكتوم: ليتني أبصر لأرى وجه رسول الله، والله ما تمنيت أن أكون مبصراً لأرى وجهه.
زيد: زاد الله النور في قلبك يا ابن مكتوم وزادك بصيرة، لنسمع ما يقول رسول الله لعلي.
قال –صلى الله عليه وآله-: من أخبرك يا علي بهذا الجواب، فقد كنت عندي ولم تعلمه.
زيد: إن لم يكن هذا الجواب من علي فممن هو إذن؟
ابن مكتوم: كأني عرفت من الذي أجاب على سؤال رسول الله، إنها والله إبنته فاطمة يا زيد.
زيد: وما ادراك يابن مكتوم.. مهلاً.. لنسمع ماذا يقول علي.
قال علي –عليه السلام-: يا رسول الله، لقد أخبرت فاطمة بسؤالك فأجابت بهذا الجواب.
زيد: أرى البسمة البيضاء تعلو مرة ثانية ثغر رسول الله يا ابن مكتوم، الله.. ما أجملها وما أشد سروره بسماع قول ابنته.
فقال –صلى الله عليه وآله-: الحمد لله إن فاطمة بضعة مني.
زيد: لن أتركك يا ابن مكتوم حتى تخبرني كيف عرفت أن هذا الجواب من فاطمة؟
ابن مكتوم: أخبرك يا زيد لا تعجل... لقد عرفت ذلك لأني سمعت من فاطمة من قبل نظير هذا الجواب قالته لرسول الله.
زيد: وكيف يا ابن مكتوم؟
ابن مكتوم: تعلم يا زيد، أن نساء المسلمين لم يكن يتحجبن مني لأني أعمى، فلا أستطيع النظر إليهن ولا أراهن.
زيد: صدقت، فلا حاجة لأن يتحجبن منك.
ابن مكتوم: هذا ما تقولونه، ولكن فاطمة عرفتنا بأمر آخر هو ما يرضاه الله ورسوله.
زيد: وما هو يا ابن مكتوم؟ أخبرني رحمك الله.
ابن مكتوم: لقد استأذنت بالأمس للدخول على رسول الله وكان في بيت فاطمة، فحجبتني إذ لم يكن عندها حجاب، فقال لها رسول الله: لم حجبتيه وهو لا يراك؟
قالت –عليها السلام-: يا أبتاه إن لم يكن يراني فإني أراه وهو يشم الريح.
فقال رسول الله: أشهد أنك بضعة مني.. فداك أبوك.
زيد: ها قد أخبرتك يا أم أيمن بجواب فاطمة عن سؤال رسول الله، وما نقله عبد الله بن مكتوم.. فماذا عرفت من كلام فاطمة؟
أم أيمن: إنها بضعة رسول الله يا زيد، وقولها قوله، وما عرفته من كلامها أن عفة المرأة هي التي تصونها من كل سوء وتحفظ لها كل خير، والذي يحفظ لها العفة أن تجتنب الإختلاط لغير ضرورة وتتورع عن كل ما يفتح عليها أبواب الوساوس.
زيد: صدقت ونعم ما قلت يا بركة، بارك الله فيك يا محبة فاطمة.