موضوع البرنامج:
فاطمة وصية المصطفى
السلام عليكم إخوتنا محبي مولاتنا فاطمة الزهراء.
معكم أيها الأعزاء في حلقة أخرى من هذا المسلسل نعود بكم فيها الى السنة الثالثة بعد العاشرة من البعثة المحمدية المباركة.
ونستشرف معكم أيها الأخوة والأخوات أولا دار الندوة في مكة حيث اجتمع رؤوس الشرك في قريش للتداول في أمر مهم.
أبوجهل: يا معشر سادة قريش أشيروا بما ترون في شأن ابن أبي كبشة، فمنذ وفاة حاميه أبي طالب وهو يبحث عمن يمنعه منكم ليواصل دعوة السفهاء الى دينه الجديد ويهدد زعامتكم للعرب.
ابوسفيان: لا مناص من قتل محمد فلا أمن لقريش مادام حيا.
العاص بن وائل: ومن يجرأ على قتله وقد أجاره مطعم بن جبير.
أبوجهل: بل ومن يحمي قاتليه من سيوف بني هاشم وفيهم علي وحمزة.
العاص بن الوائل: أرى أن نحبسه في برج في ضيق العيش حتى يستضيفه الموت ما نعين الناس عنه.. هذا ما رأينا أنا وابنا أبي خلف، أمية وأبي.
أبوجهل: بئس ما رأيتم يا عاص بن وائل، فمن يمنع القريب الحميم والمولى الحليف عن إمداده ورفده، ألم نقاطعه وكل بني هاشم في شعب أبي طالب دونما جدوى؟
ابوسفيان: بل لا تذكروا الناس بما فعلته دابة الأرض حيث محت صحيفة المقاطعة ووسمتنا بالظلم سبة لازالت العرب تتناقل أخبارها.
العاص: إذن ما الرأي يا أباسفيان؟
ابوسفيان: لقد رأينا أنا وعتبة وشيبة ابنا الوليد أن نوثق ابن أبي كبشة ببعير صعب ونضربه بأطراف الرماح ونسرحه فيذهب به هائجا حتى يقطعه إربا إربا في البرية.
العاص: ماصنعتم شيئا بقولكم، فكيف بكم إن خلص به البعير سالما الى بعض الأعراب فأخذ بقلوبهم سحره وطلاوة لسانه، فصبا القوم اليه واستجابت له القبائل قبيلة قبيلة.
أبوجهل: إن كان ذلك، ماذا لوبعث الينا ابن ابي كبشة بالكتائب فكيف هلاكنا.. فمالرأي إذن؟ لازلنا في حيرة من أمر محمد..
وظل طواغيت قريش حيارى لايهتدون الى مايخلصهم من رسول الله – صل عليه وآله- حتى أمدهم الشيطان بمكيدته فنطق على لسان أبي جهل:
أبوجهل: أرى يا سادة قريش أن تعمدوا الى قبائلكم العشرة، فتنتدبوا من كل منها رجلا نجدا قويا، ثم تسلحوه حساما عضبا حتى إذا غسق الليل بيتوا بابن أبي كبشة معا بياتا، فيذهب دمه في قبائل قريش فلا يستطع بنو هاشم وبنو عبدالمطلب مناهضة قبائل قريش كلها في صاحبهم، فيرضون حينئذ من قريش بدية العقل...
ابوسفيان: أصبت يا أباالحكم.. نعم الرأي ما رأيت.
العاص: هذا هو الرأي فلا تعدلوا به رأيا يا سادة قريش.
ابوسفيان: ولكن حذار من أن يعرف به أحد حتى يستتب أمركم.
أبوجهل: اكتموه يا سادة قريش وأبشروا بالخلاص من ابن ابي كبشة.
خرج طواغيت قريش من دار الندوة وهم يوصون بعضهم بعضا بكتمان مكيدتهم لاغتيال رسول الله – صلى الله عليه وآله-، ولكن جبرئيل سبقهم بالوحي بما كان من كيدهم، فنزل من ربه بقوله تعالى: "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" .
ومع هذه الآية الكريمة نزل الأمر الإلهي للنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله- بالهجرة الى يثرب.. الى طيبة.. الى المدينة المنورة...
أم أيمن: يا علي.. إن رسول الله يطلبك لأمر أراه مهما يا بني يبدو أن الأمين قد نزل عليه بوحي من ربه، لا أدري بماذا... لقد ناجى قبلك ابنته فاطمة.. لقد وجدته في هم عظيم.. كأنه مفارق لها.. أسرع يا بني فرسول الله ينتظرك..
ولما حضر علي –عليه السلام- بين يدي رسول الله أخبره الصادق الأمين بأمر الله وأوصاه بوصاياه.
قال –صلى الله عليه وآله-: يا علي، إن الروح الأمين هبط علي بهذه الآية آنفا يخبرني أن قريشا اجتمعوا على المكر بي وقتلي، وأنه أوحى إلي ربي عز وجل أن أهجر دار قومي، وأن انطلق الى غار ثور جنح ليلتي، وأنه أمرني أن آمرك بالمبيت في مضجعي ليخفى بمبيتك على القوم أثري، فما أنت قائل؟
فتبسم علي –عليه السلام- وقال: أو تسلم بمبيتي في مضجعك يا نبي الله؟
قال -صلى الله عليه وآله-: نعم، يا علي يكتب الله لي السلامة بذلك.
فتبسم علي –عليه السلام- ضاحكا، وأهوى الى الارض ساجدا شكرا بما أنبأه رسول الله من سلامته وكانت هذه أول سجدة شكر لله في الاسلام وكان علي أول من سجد لله شكرا من هذه الأمة بعد رسول الله –صلى الله عليه وآله-.
أم أيمن (مع نفسها): أرى وجه فاطمة قد أشرق سرورا لما عرفته من أن الله قد كتب السلامة لرسول الله.. الحمد لله.. الحمد لله.. آه.. ما لي أرى الدموع بدأت تنحدر على خديها.. يا إلهي هو ذا رسول الله تدمع عيناه أيضا.. ما الذي جرى؟ أرى عليا أيضا يجهش بالبكاء!
وكانت تلك دموع الشوق لفراق رسول الله –صلى الله عليه وآله- تفجرت بها عيون فاطمة وعلي -عليهما السلام- وهما يعيشان ساعات الوداع فيما كان طواغيت قريش يبثون جلاوزتهم حول بيت رسول الله استعدادا لتنفيذ مؤامرتهم.
ثم أوصى –صلى الله عليه وآله- بوصاياه وكبرى وصاياه بضعته فاطمة.. قال:
يا علي، إنهم لن يصلوا اليك بأمر تكرهه حتى تقدم علي، فأد أماناتي على أعين الناس ظاهرا، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي، ومستخلف ربي عليكما ومستحفظه عليكما.