البث المباشر

شرح فقرة: "وقولكم حكم وحتم ورأيكم علم وحلم وجزم" حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول سرّ تأثير أقوال أئمة أهل البيت(ع) في القلوب

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 13:58 بتوقيت طهران

الحلقة 152

نحن الان مع فقرة جديدة من زيارة الجامعة، ونعني بها: الجامعة الكبيرة الخاصة بزيارة الائمة عليهم السلام، وقد سبق ان حدثناك عن مقاطع كثيرة من الزيارة، ومنها: المقطع المخاطب للائمة عليهم السلام بعبارة: (وقولكم حكم وحتم، ورأيكم علم وحلم وحزم).
ان هذه الفقرة من الزيارة تتحدث عن قول المعصوم(ع) ورأيه،... والسؤال هو: ما هي النكات الكامنة وراء الفارق بين القول وبينالرأي؟
من الحقائق المعروفة في ميدان السلوك، ان ثمة نظرية و ثمة عملية، او ثمة نظر و ثمة عمل، او ثمة قول يتعارض او يتساوى معالرأي.
طبيعياً ينبغي ان نعرف بان المعصوم(ع) لا ينسحب عليه هذا الفارق، لانه معصوم من الذنب، فلا مجال للحديث عن النظرية والتطبيق، او بين قول الامام(ع) وبين عمله. 
ولكن النكتة هنا، ان الزيارة ليست في مقام التقويم او الثناء على هذا الجانب، بل في سياق آخر هو: ان (الرأي) من المعصوم له قيمته، وان القول الصادر منه له قيمته ايضاً، بمعنى ان للرأي الصادر عنهم قيمته، وللقول الصادر كذلك واذا عرفنا هذه الحقيقة نتجه الى ملاحظة النكات التي وردت في التعريف بقول الائمة عليهم السلام ورأيهم بعد ان نستمع الى مايقوله ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي بشأن سر تأثير كلام واقوال ائمة اهل البيت عليهم السلام في القلوب:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم احباءنا تحية طيبة لهذه الفقرة من برنامج امناء الرحمان معنا فيها مشكوراً خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ الزيارة الجامعة تتحدث بعبارات خاصة ومؤثرة عن كلام اهل البيت وتأثيره في قلوب المؤمنين بل عموم بني الانسان كل من له فطرة سليمة ما هو سر هذا التأثير لكلامهم في القلوب؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، اولاً الجانب الاول الذي يمكن ان يشار اليه ان اهل البيت مؤذن لهم من قبل الله عز وجل في تبليغ الرسالة وهذا الاذن في الحقيقة طبعاً له يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ، هذا الاذن حينما يتحقق طبعاً له اثر هذا جانب، الجانب الثاني مطابقة الاعمال وموافقة اقوال أهل البيت مع اعمالهم يعني كما ورد عن امير المؤمنين اني ما امرتكم بشيء الا واتمرت به قبلكم، بلا شك هذه الموعظة حينما تصدر من انسان صادق ومن انسان واقعي ومن انسان معصوم بلا شك تؤثر في الطرف المقابل، طبعاً انا لا اتكلم عن الذي حقق المانع يعني هناك من حقق المانع مثلاً نفرض الامام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء وعظ مجموعة من الذين خرجوا لقتاله لكن الامام بين السر قال وكأنا لكم باجتماع موعظتي او قبول هذه الموعظة وقد ملئت بطونكم من الحرام، في الوقت الذي تكون هناك موانع للقبول، والعيب ليس في الامام ولا في موعظة الامام فموعظة الامام مؤثرة، لكن الطرف المقابل ليس له استعداد لسبب هناك بعض الموانع، ومع الفطرة السليمة ان الانسان السليم حينما يستمع قول المعصوم بلا شك يتاثر ويجد في نفسه حالة من الاستجابة والحالة من النزول وتذكر الآخرة، كما تنقل الروايات حينما يأتي بعض المسلمين الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويستمعون الى مواعظه فكانوا يعيشون حالة من الخشوع وحضور القلب والبكاء حتى ذكر ذلك بعضهم وقال: يا رسول الله اذا رجعنا الى نساءنا واهلنا لا تحدث عندنا هذه الحالة عندما نكون جنبك ونذكر الآخرة، فنخشى على انفسنا النفاق. 
قال لهم: لا هذا ليس نفاق، طبيعي ان المعصوم حينما يتحدث بلا شك يملك القلوب وله هيمنة، بعد ذلك يوجد نقطة مهمة، ان الامام هادي بأمر الله عز وجل فحينما يكون هناك فطرة سليمة والطرف المقابل لديه استعداد بلا شك ربما كلمة واحدة تؤثر اثر مباشر، كما نقل عن الامام موسى بن جعفر روحي فداه لما قال لتلك الجارية صاحب هذه الدار حر ام عبد؟
فقالت: حر. 
قال: صدقتي لو كان عبداً لخاف من مولاه، فلما نقلت هذا الكلام "هذه مجرد جارية نقلت كلام الامام"، الى بشر الحافي في الحال اكسر اواني الخمر واقبل حافياً يمشياً خلف الامام موسى الكاظم عليه السلام وتاب على يديه وصار من العباد والزهاد، وهذا في الحقيقة من جملة الاشياء التي امتاز بها اهل البيت عليهم السلام في امتلاكهم للقلوب وهيمنتهم على النفوس، والسر في ذلك هو ارتباطهم مع الله واخلاصهم الدعوة فهم الدعاة الى الله، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
المحاور: صلوات الله عليهم اجمعين سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان.

*******

نرجع الى عبارة هذه الحلقة من شرح الزيارة الجامعة وهي (قولكم حكم وحتم) ترى ماذا نستلهم من العبارة المذكورة؟
اما ان (قول) الامام الهادي(ع) هو (حكم)، فيمكن توضيحه بأن الصادر عنه(ع) هو حكم شرعي دون ادنى شك، ينبغي العمل بموجبه ولكن: ماذا نستلهم من (الحتم) اي: قول الامام(ع) حكم وحتم ...، فما هو المقصود من الحتم؟
في تصورنا ان كلمة (حتم) هي صفة توكيدية لضرورة العمل بما يحكم به الامام(ع) ... اي: بما ان قول الامام(ع) هو (حكم) فحينئذ يتحتم علينا ان نعمل به، ولا مجال للتشكيك في ذلك والنكتة هنا هي: ان غير المنتسبين الى خط الامامة لم يوفقوا الى الالتزام بكلامهم عليهم السلام، ولذلك فان النص قد استهدف الاشارة الى هذا الجانب، حيث اكد بان قول المعصوم(ع) هو (حكم) انما يتسم هذا الحكم بالحتمية وليس مجرد استحسان للموضوع وهذا فيما يتصل بقول الامام(ع)، ولكن: ماذا بالنسبة الى الرأي؟
بالنسبة الى رأي الامام(ع) تقول الزيارة مخاطبة الائمة عليهم السلام (ورأيكم علم وحلم وحزم).
ان هذه السمات الثلاث تحتاج الى تفصيل كبير، لا نعتقد ان حجم الحديث يتسع لذاك ولكن لنختصر ذلك فنقول: العلم هو الاحاطة بالموضوع، وهذا واضح بالنسبة الى الائمة عليهم السلام مادام النبي(ص) اوصل المعرفة لهم كما هو واضح .
واما (الحلم) فهو صفة اخلاقية وليست فكرية، والنكتة هي: ان العلم اذا لم يقترن بالحلم، فأن توصيله الى الآخرين يتعذر دون ادنى شك فلا بد للشخصية المعرفية الحريصة على ايصال المعرفة الى الاخرين، أن بالصبر وبسعة الصدر وبتحمل الاذى وبكتمانه، وهي خصائص سمة (الحلم) وهذا يعني ان الزيارة تستهدف الاشارة الى ان ما يصدر عن الائمة عليهم السلام من الفكر او الرأي انما هو مقترن بالحلم الذي يعني الصبر على توصيل المعرفة الى الآخرين ومداراتهم.
واما السمة الاخيرة فهي (الحزم) ولعل التساؤل هو: ما صلة (الحزم) بكل من العلم والحلم؟ 
الجواب هو: ان التراخي في توصيل الرأي للآخرين يتسبب - بلا شك - في تراخي تلقيه ايضاً، اي: ان الآخرين اذا لم نكن حازمين في تعاملنا واياهم، فان الهدف من الصعب ان يتحقق.
فكما ان (الحلم) وهو الصبر مطلوب، كذلك فان الحزم وليس التراخي مطلوب ايضاً، حيث ان الوسط هو الصحيح وهذا ما نستلهمه من العبارات المتقدمة.
نلخص مما تقدم الى ان توصيل المعرفة الى الآخرين، يقترن بحلم وحزم، وهذا ما يتسم به سلوك الائمة عليهم السلام، وهذا ما يقتادنا الى ان نساله تعالى بان يوفقنا الى الالتزام باقوال الائمة عليهم السلام وبأفعالهم، انه ولي التوفيق.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة