لا نزال نحدثك عن الزيارة الجامعة للائمة عليهم السلام، ونعني بها: الجامعة الكبيرة، حيث حدثناك في لقاءات سابقة عن مقاطع متسلسلة منها، وانتهينا من ذلك الىمقطع يقول: (بموالاتكم تمت الكلمة) الى ان يقول: (وبموالاتكم تُقبل الطاعة المفترضة، ولكم المودة الواجبة، والدرجات الرفيعة...).
ان هذا النص تضمين واقتباس يعتمد النص القراَني الكريم فضلا عن النص النبوي الكريم من حيث على مفهوم الولاية او الموالاة للائمة عليهم السلام.
العبارة الاولى تقول (بموالاتكم تُقبل الطاعة المفترضة) هنا نتساءل: ما هي الطاعة المفترضة؟
ونجيب: لقد كررنا الاشارة الى الآية القرانية الكريمة الامرة بطاعة الله تعالى وطاعة الرسول وطاعة أُولِي الأَمْرِ، وقلنا ان أُولِي الأَمْرِ(كما هو صريح النص التفسيري) هم الائمة عليهم السلام وهذا يعني ان فقرة الدعاء تقول بان بموالاتهم عليهم السلام تقبل الطاعة التي امرنا بها الله تعالى وفقا للاية المتقدمة.
*******
هذا الموضوع يتناوله خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي من زاوية اخرى، فلنستمع معا لهذه المقابلة الهاتفية التي اجراها زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا وشكراً لكم على طيب متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة، معنا مشكوراً على خط الهاتف سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ كثير من النصوص الشريفة اكدت على ان الاعمال وحتى الطاعات لا تقبل من الله تبارك وتعالى الا بالولاية فما السر في ذلك؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، ورد عن الامام الباقر عليه السلام في حديث معتبر عن زرارة عن الامام الباقر قال بني الاسلام على خمس على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج والولاية، فقال للامام الباقر سيدي أي من هذه الاشياء الخمس اهم فقال: الولاية، قلت ولما؟
قال: لان الولاية مفتاح هذه الاشياء والوالي هو الدليل عليهن، الامام الباقر يريد ان يقول ان الصلاة والزكاة والصوم والحج جاءت بالقرآن وفي الكتاب بشكل مجمل، فروع متعلقة بالصلاة بالزكاة بالصوم بالحج هذه من أين نعرفها الامة من اين تأخذ ذلك؟ طبعاً ترجع الى الوالي والوالي هو الذي يبين، والوالي ينبغي ان يكون معصوماً وعنده احاطة بالشريعة، وفي زمن النبي صلى الله عليه وآله، «آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا»، وما بعد النبي الائمة الهداة المعصومون، الله عز وجل اصطفاهم واطلعهم على تفصيلات الشريعة وبذلك لا نجد امام من الائمة سئل عن مسألة الا وكان الجواب حاضر عند الامام، فاذن الولاية مرتبطة بالوالي والولاية ليست هي مثلاً غير ضروري او يمكن للانسان ان يأتي به او لا يأتي به، فاذا كانت الولاية بهذا المستوى من الاهمية بلا شك ان التفريط او التقصير بها يكون اخلال بجانب التقوى، وقبول الاعمال بلا شك مرتبط بالتقوى، انما يتقبل الله من المتقين، الذي يترك شيئاً مهماً من الاوامر الالهية لا يرتبط بذلك او لا يأتي به فقد اخل بالتقوى، وبالتالي لا يقبل منه العمل، من هنا نعرف ان سر ان الاعمال لا تقبل الا بالولاية لائمة الحق باعتبار انهم جملة الاشياء التي فرضت وليست انها نافلة مستحبة لابد للانسان، حتى الامام الشافعي قد ذكر ذلك قال: يا آل بيت رسول الله حبكمُ فرض لم يقبل نفل فرض من الله في القرآن انزله كفاكمُ من عظيم الشأن انكمُ من لم يصلي عليكم لا صلاة له، (اللهم صلى على محمد وآل محمد)، ثم ابن العربي وهو من علماء العامة قال رأيت ولائي آل طه فريضة لم يقل نفلاً او مستحباً، لا قال فريضة على رغم اهل البعد يورثني القربى فما طلب المبعوث اجراً على الهدى بتبليغه إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى، من هنا التفريط بها او الاخلال بها سيكون قد اخل بشيء مهم يخل بالتقوى، وبالتالي لا يقبل منه ذلك العمل، من خلال النصوص الشريفة والروايات الواردة عن اهل البيت عليهم السلام حينما نخاطب امير المؤمنين اشهد ان بولايتك تقبل الاعمال، كذلك في زيارة الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف، فمن جاء بولايتك قبلت اعماله، فمن خلال هذه الشواهد نعرف ان الولاية شيء مهم ولا تقبل الطاعات الا بالايمان بها وبالاعتراف بها وبالتصديق بها، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
المحاور: سماحة الشيخ باقر الصادقي جعلنا الله واياكم من اهل الولاية وشكراً لكم، وشكراً لكم احباءنا وتفضلوا مشكورين بمتابعة ما تبقى من هذه الفقرة من برنامج امناء الرحمان.
*******
والآن مستمعينا الاعزاء نتجه الى الفقرة التي تلي اية الطاعة لاهل البيت او الائمة عليهم السلام، فماذا تقول العبارة؟
تقول العبارة (ولكم المودة الواجبة) فماذا تعني؟
كل من قرأ القران الكريم لابد وان مرت عليه العبارات المشيرة الى مودة اولي القربى تبعا للاية المباركة «قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى...».
اذن العبارة الثانية في مقطع الدعاء تشير بدورها الى النص القراني الكريم في ايجابه لمودة ذوي القربى، اي: اهل البيت عليهم السلام وبهذا نتبين مدى خطورة هذه (الموالاة) التي كررها الدعاء فقال (بموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة، ولكم المودة الواجبة).
تقول العبارة الثالثة بان للائمة عليهم السلام (الدرجات الرفيعة)، هنا نتساءل مع وضوح العبارة المتقدمة: ماذا نستخلص من الاشارة الى الدرجات الرفيعة؟
واضح، ان الدرجات الرفيعة لائمة عليهم السلام لم تات عبثاً او اعتباطا بل بما انهم مطاعون بالتوصية القرانية والنبوية ولابد حينئذ ان تكون لهم الدرجات الرفيعة تبعا لسلوكهم العبادي الذي عرفه الله تعالى ومنحهم بسببه الدرجات الرفيعة: كما هو واضح...
ولنتابع عبارات المقطع، ومنها ان للائمة عليهم السلام (المقام المحمود، والمكان المعلوم عند الله عز وجل، والجاه العظيم، والشأن الكبير، والشفاعة المقبولة).
ان هذه الفقرات او العبارات المتنوعة والمشيرة من جانب الى دلالة مشتركة، والى دلالة مستقلة من جانب آخر، تدفعنا الى التساءل الملح: الا وهو: ماذا نستخلص من عبارات قد يظن العابر من القراء انها متماثلة او مترادفة: مع انها ايست كذلك، لنقرأ العبارات، وهي: الدرجات، المقام، المكان، الجاه، الشأن الا متماثل ظاهراً هذه العبارات المشيرة الى موقع الائمة عليهم السلام عند الله تعالى؟
انها لا تتماثل ابداً، بل البلاغة التي يصوغها الامام علي الهادي(ع) هي: المتكلفاته بهذا الموضوع، ونعني به: ان لكل مصطلح من العبارات المذكورة: دلالته البلاغية التي سنحدثك عنها في لقاء مقبل ان شاء الله تعالى.
ختاماً لامناص لنا من الاشارة ايضاً الى ان لكل كلمة تتحدث عن موقع الائمة عليهم السلام: سمة قد الحقها الدعاء بالكلمة مثل: الرفيع، المحمود، المعلوم، العظيم، ان هذه الصفات او السمات للها بلاغها ودلالتها التي سنحدثك عنها ايضاً ان شاء الله تعالى.
في النهاية نسأله تعالى ان يوفقنا الى الموالاة الحقة للائمة عليهم السلام، انه ولي التوفيق.
*******