البث المباشر

نزول آية التصدق بالخاتم في علي(ع)

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 15:10 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 29

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ذي الجلال والاكرام، والفضل والانعام، وأزكى صلواته وأسمى تحياته، على المصطفى سيد الانام، وعلى آله الميامين الكرام. إخوتنا وأعزتنا المؤمنين الافاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في لقاء طيب معكم، وآية اخرى هي من المآثر القرآنية العظمى لأمير المؤمنين علي صلوات الله عليه، حيث قال تبارك وتعالى في سورة المائدة: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"(الآية: ٥٥)، قال أصحاب المعرفة والبيان: إن هذه الآية الشريفة تعالج موضوعاً هو من أهم الموضوعات العقائدية والحياتية للأمة، بل واكثرها حساسية وخطورة في حياة المسلمين ومستقبلهم الدنيوي والاخروي. فالآية الكريمة ايها الاخوة الاحبة، تشير الى اولئك الذين يجسدون الطاعة لله تعالى تجسيداً رائعاً، بل تكون الطاعة لله محور حياتهم وحركتهم، متمثلة في العبادات بأنواعها ومضامينها العليا من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وتحمل أعباء الولاية العظمى وأداء أمانتها بكل غيرة وإخلاص.
وللآية ايها الاخوة، دلالة دقيقة فيما تعنيه من معنى الولاية، حيث جاءت على صيغة المفرد، وبمستوى واحد: لله والرسول والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. فتوحد لفظ الولاية يختزن بحد ذاته معاني سامية وبليغة، فلو تعددت الولاية للمستويات الثلاثة لاختلف الموضوع تماماً. وقد سبقت بـ (إنما) وهي أداة تفيد الحصر والقصر، بمعنى أنها مخصصة لما أثبتت بعدها، نافية لما لم تثبت. والولاية بكسر الواو تعني النصرة والاعتقاد. أما الولاية بفتح الواو فتعني تولي الامر، فالولي هو الذي يلي يدبر الامر. قال الكميت الاسدي يمدح علياً أمير المؤمنين عليه السلام:

ونعم وليّ الامر بعد وليه

ومنتجع التقوى ونعم المؤدب


أما المعنى الاجمالي للآية المباركة ايها الاخوة الاكارم فهو: أن الذي يتولى الامر ويدبر أموركم، وله الولاية والحاكمية المطلقة على الخلق والكون هو الله جل وعلا، فيكون أصل الولاية لله تعالى بالذات، ولرسول الله صلى الله عليه وآله بالتبع، ثم لخاصة المؤمنين الذين وصفهم الله بقوله: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"(الآية: ٥٥)، وقد تحددت هذه المواصفات، بل تعينت بشخص عليّ بن أبي طالب عليه السلام كما يتبين ذلك من خلال الروايات المفسرة التي بلغت حدّ التواتر. من ذلك ما رواه الحافظ أبو نعيم في (النور المشتعل) عن ابن عباس أن بلالاً أذن فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله والناس في المسجد يصلون، فإذا هو بمسكين يطوف ويسال الناس، فدعاه رسول الله وسأله: هل أعطاك احد شيئاً؟ أجاب: نعم، قال صلى الله عليه وآله: ماذا اعطاك؟ قال: خاتم فضة. من أعطاكه؟ قال: ذاك الرجل القائم. فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو علي بن أبي طالب، فسأله مرة اخرى: على أي حال اعطاكه؟ قال: أعطانيه وهو راكع. فقراً رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان نزل عليه من قوله عزوجل: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"(الآية: ٥٥). وفي رواية اخرى أن النبي صلى الله عليه وآله بعد أن سمع قول السائل وجوابه: أعطاني وهو راكع، كبر الله تعالى ثم قرأ قوله جلّ وعلا: "وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"(سورة المائدة:٥٦).
ونبقى اخوتنا الاماجد مع آية الولاية، فنجدها مفسرة من خلال عشرات الروايات، في عشرات المؤلفات، عن عشرات الطرق والرواة، بولاية الله تبارك وتعالى المطلقة، ثم ولاية رسوله وأئمة الهدى من بعده بالتبع عن ولاية الله العظمى. يروي الحاكم الحسكاني الحنفيّ في (شواهد التنزيل) عن ابن عباس قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام: لقد باهى الله بك ملائكته اليوم، إقرأ: "وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ". كذا يروي الطبري في تفسيره (جامع البيان) عن مجهد قوله في ظل الآية الشريفة: نزلت في علي بن ابي طالب، وقد تصدق وهو راكع. كذلك روى ابن المغازلي الشافعي في (مناقب علي عليه السلام) عن ابن عباس أنه قال في بيان الآية المباركة: نزلت في عليّ. وابن كثير لم تفته روايات الآية في تفسيره المعروف بـ (تفسير القرآن العظيم)، ذكرها باسانيد منها عن ابن عباس، ثم علق قائلاً: وهذا إسناد لا يقدح به. والحبريّ هو الآخر أورد الرواية في تفسيره ولكن عن عبدالله بن محمد بن الحنفية، والخوارزميّ الحنفيّ أورد عدداً من الاخبار في ذلك أودعها كتابه (المناقب) تحت عنوان: في بيان ما نزل من الآيات في شأن علي عليه السلام، كان منها عن ابن عباس، تنتهي بعد جواب السائل: أعطاني وهو راكع، بأن كبّر النبي صلى الله عليه وآله، ثم قرأ قوله تعالى: "وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"(سورة المائدة:٥٦)، فأنشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك يخاطب علياً عليه السلام:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطىء في الهدى ومسارع

أيذهب مدحك والمحبّر ضائعاً

وما المدح في حبّ الاله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً

فدتك نفوس القوم يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

فبينها في محكمات الشرائع


فيما روى الواقعة عن عبد الله بن سلام: النسائي في صحيحه، حتى قال: فأعطى عليّ خاتمه للسائل وهو راكع، فأخبر السائل رسول الله. قال عبدالله بن سلام فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ{٥٥} وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ{٥٦}"

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة