البث المباشر

كنز وصل للمقاومة من قلب التراب

الإثنين 4 نوفمبر 2024 - 17:00 بتوقيت طهران
كنز وصل للمقاومة من قلب التراب

"الحاج علي" هو الفلاح الهمذاني الذي تبرع بـ 2 مليار من أمواله للمقاومة. الفلاح الذي أصبحت مساعدته لجبهة المقاومة متوارثا، كما وهبت زوجته وأولاده ذهبهم للمقاومة.

يصلي في مسجد القرية منذ زمن طويل، وهو يتجه نحو أراضيه الزراعية تحت قبل طلوع الشمس ليكسب لقمة عيشه الحلال من التربة، ويداه المتصلبتان، وقامته المنحنية، ووجهه الذي حرقته الشمس، يذكرنا بالمعاناة والتعب الذي تحمله على هذه الأراضي، المعاناة والمشقة التي يراها الله وتحولت إلى كنز.

يزرع زرعاً حلالاً فيحصد البركات. يومه مبارك لدرجة أنه لم يترك مائدة المحتاجين. نحن نتحدث عن "الحاج علي عظيمي"، نفس الفلاح الهمذاني البالغ من العمر 76 عاماً، والذي تبرع بـ 2 مليار تومان من موارده الزراعية للمقاومة من الكنز والدخل الذي أعطاه إياه الله.

كعادته في كل أسبوع، عندما يتوجب على "الحاج علي" المشاركة في صلاة الجمعة، كان يجلس بين صفوف الصلاة ويستمع إلى خطبة خطيب الجمعة. كان يتحدث الخطيب عن الشعب المضطهد في غزة ولبنان وعن مساعدة الشعب الإيراني لهم. وكان "حجة الإسلام رضا مصباح" يقول إن أمر قائد الثورة الإسلامية ينص على أنه من الواجب على جميع المسلمين الوقوف مع شعب لبنان وحزب الله بمواردهم الخاصة.

وبعد انتهاء الصلاة تحدث الجميع عن إمكانية مساعدة المقاومة. أحد السكان الذي كان يعمل مدرساً تبرع براتبه لمدة شهر. والآخر 12 مليون تومان والآخر 50 مليون تومان. واحد أقل وواحد أكثر. كما تبرعت النساء بذهبهن ونزعن الأساور من أيديهن والأقراط من آذانهن وتبرعن بها. وهنا خطرت شرارة المساعدات المليارية في ذهن "الحاج علي".

 

الجهاد العائلي للفلاح الهمذاني 

صور غزة التي تنشر في الأخبار كانت تؤثر دائماً على "الحاج علي"، حيث كان يجلس هو وزوجته السيدة "هاجر"  أمام التلفاز ويذرفان الدموع على أهل غزة. غزة وحربها الدموية تأخذ "الحاج علي" إلى أيام الحرب المفروضة، الأيام التي ترك فيها منزله وعائلته وهو في الأربعين من عمره وتوجه بنفسه إلى جبهات الحرب. لقد ناضل "الحاج علي" من أجل الوطن لمدة عامين، وحتى الآن، إذا سمح له بذلك، فإنه كان يحمل السلاح ويصل إلى حدود لبنان وغزة للدفاع عن شعبيهما.

في ذلك اليوم، عندما دعا "حجة الإسلام رضا مصباح" الناس للمساعدة أثناء صلاة الجمعة، استجاب "الحاج علي" بكل ما في وسعه وأعطى بطاقته المصرفية حتى يكون ملياري تومان نصيبه من تدمير إسرائيل. همس الرجل العجوز بهدوء في أذن المسؤول عن جمع التبرعات العامة. لكن بعد دقائق قليلة، نادوا باسمه عبر مكبر الصوت وشكروه. ويقول بلهجة همذانية:

"تعلمين يا ابنتي أنني فعلت هذا في سبيل الله، لم أكن أريد لأحد أن يعرف ذلك أو يكتب في الصحف، لكنهم قالوا دعنا نقول ذلك حتى يكون للشباب قدوة".

وهذه ليست المساهمة الأولى للحاج علي وعائلته في جبهة المقاومة، فقبل بضعة أشهر فقط، عندما قمن النساء الإيرانيات ودعمن المقاومة بمساعدتهن الذهبية خلف جبهات الحرب، فقد وهبت السيدة "هاجر"، زوجة هذا المزارع الهمذاني طقما من الذهب إلى غزة ولبنان. وبالطبع، شيئاً فشيئاً، أصبح هذا العمل الخيري منتشراً ومتوارثاً، وتبرع أبناء "الحاج علي" والسيدة "هاجر" الستة، بما استطاعوا. واحد أعطى نقدا والآخر ذهبا و...

 

لماذا غزة ولبنان؟!

يبني "الحاج علي" دنياه وآخرته على نفس الأراضي الزراعية، في حقول القمح والبطاطس. كان "الحاج علي" منذ شبابه يملأ مائدة المحتاجين من دخله، ويشتري مهور البنات، وينظم حفلات أفراح للشباب، ويمسك بأيدي المحتاجين، و... كان ينفق ماله على زيارة الأربعين والمواكب، أو على مساعدة المحتاجين في بلاده، لكن بعد انتشار شهرة مساعداته البالغة 2 مليار في المدينة، كان هناك عدد محدود من الأشخاص الذين انتقدوه ولوموه على عدم إنفاق نفس المبلغ على المحتاجين في بلاده.

تكون لصوت "الحاج علي" اللطيف ولهجته العذبة إجابة قوية لهؤلاء:

يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يُنادِي يا لَلْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَيْسَ بِمُسْلِم". نحن جميعاً مسلمون، سواء كانت في حرب أو فيضان أو زلزال، سواء كانت بلادنا متورطة أو مسلمي البلدان الأخرى، فقد أعطانا النبي (ص) واجب الذهاب للمساعدة ولكي نثبت إسلامنا علينا أن ننصر المظلومين، ولا ينبغي لنا أن نحدث أي فرق في هذا الاتجاه أيضاً".

لا يحب "الحاج علي" أن يحصي حسناته ويسردها لي واحدة تلو الأخرى، لكنه يقول إنه بقدر استطاعته كان يترك دائما نصيب المحتاجين ويأخذ بيد صديق ومعارف. وزوجته تسبقه في الخير. كلما افتقد "الحاج علي" أحداً فتستمع إليه زوجته لمساعدته وحلت مشكلته قدر استطاعتها.

 

الكفن ليس له جيوب!

لا يأتي يوم إلا ويجلس "الحاج علي" والسيدة "هاجر" أمام صور غزة ولبنان، يتابعان الأخبار، ويدعوان من أجل انتصار المقاومة، ويذرفان الدموع من حزنهم، وقلوبهم هناك، ولكن منذ اليوم الذي بذلت فيه العائلة ما في وسعها من أجل غزة ولبنان، أصبح العبء الثقيل لما يحدث أقل على قلوبهما.

على الأقل يشعران بالارتياح لأنهم لم يكونا محايدين في حرب الكرامات هذه. وعندما أسأل" الحاج علي" كسؤال أخير، لماذا تبرعت بـ 2 مليار؟! لماذا لم تبرعت بجزء فقط من هذا المبلغ؟!. يرتجف صوت الرجل العجوز من خلف الخط:

"الكفن ليس لديه جيوب لنحتفظ بهذه الممتلكات".

لكن جملته الثانية تجعل قلبي يرتعش:

"أطفال غزة ليس لديهم حتى كفن، وليس من الإنسانية ونحن كمسلم أن نجمع أموالا هائلة ونفكر في أنفسنا فقط".

 

وكالة فارس

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة