البث المباشر

زيارة الرئيس بزشكيان إلى العراق.. رسائلها ونتائجها

السبت 14 سبتمبر 2024 - 22:23 بتوقيت طهران
زيارة الرئيس بزشكيان إلى العراق.. رسائلها ونتائجها

زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق، كانت متميزة بشكل لافت، فهي أول زيارة خارجية له بعد انتخابه رئيسا.

كما أن الزيارة امتدت على مجمل الجغرافيا العراقية، وكان الجانب الشعبي فيها واضحا. الأمر الذي دفع المراقبين إلى مقارنتها بالزيارات السرية التي يقوم بها رؤساء أمريكا إلى العراق، والتي تجري عادة بليل وبالخفاء، تصل إلى حد إطفاء أضواء الطائرة الرئاسية التي لا تهبط في مطار بغداد، بل في قاعدة عين الأسد، ولا يتم الإعلان عن الزيارة إلا بعد أن يغادر الرئيس الأمريكي الأجواء العراقية.

العالم كله شاهد الرئيس الإيراني بزشكيان، الذي نزل في مطار بغداد في وضح النهار، وزار 6 مدن عراقية في غضون 3 أيام، حيث زار العراق من الشمال غلى الجنوب، فقد زار بغداد، كما زار أربيل والسليمانية في إقليم كردستان العراق، وزار النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، واختلط مع الناس هناك كإي زائر، وزار مدينة البصرة في جنوب العراق، واستقبل هناك استقبالا حافلا من قبل أهالي المحافظة الكرماء والأصلاء. ومن هنا يمكن فهم طبيعة العلاقة التي تربط الشعب العراقي بإيران، وطبيعية العلاقة التي تربط الشعب العراقي بأمريكا.

الاختلاف في الكيفية التي تتم فيها زيارات الرؤساء الإيرانيين والأمريكيين الى العراق، تعود في الأساس إلى بوصلة الشعب العراقي في تحديد الصديق من العدو، وهي بوصلة لم ولن تنحرف أبدا، حتى لو تكالبت عليها أعتى القوى السياسية في العالم، بكل جيوشها العسكرية والإعلامية، فالشعب العراقي الفطن والواعي والذكي، مازال يرى في امريكا، دولة، تتربص بثرواته وخيراته، وتعمل جاهدة على إضعافه وتفتيتيه، مرة عبر "داعش"، ومرة عبر العصابات الصدامية، ومرة عبر الإعلام والحرب الناعمة، التي تستهدف الإسلام والتقاليد العراقية العريقة والشعائر الحسينية والمجتمع والأسرة.

وفي المقابل كان ومازال هذا الشعب العريق ينظر إلى ايران كصديق وإلى الشعب الإيراني كشقيق، وقف ويقف إلى جانبه في السراء والضراء، دون مقابل، وقدم خيرة أبنائه للدفاع عن وحدة ومقدسات العراق، وليس بمقدور لا امريكا ولا داعش ولا ايتام ولقطاء البعث، إعطاب أو حرف البوصلة العراقية.

من مظاهر ثبات البوصلة العراقية، هو الاحترام الكبير الذي يكنه الشعب العراقي لقادة النصر، والذي تجلى في إقامة نصب تذكاري لقادة النصر الشهيدين الخالدين الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس ورفاقهما الأبرار، في مكان الجريمة الأمريكية الجبانة، هو تأكيد عراقي واضح على أن دم العراقيين والإيرانيين، هو دم واحد، ولا يمكن للعراقيين ولا الإيرانيين، ان ينسوا تلك الدماء الطاهرة، الأمر الذي جاء كدليل إضافي على فشل الدعاية الامريكية وذيول أمريكا القذرة، في خلق هوة بين العراق وإيران، والتقليل من شأن من قدم حياته قربانا لوحدة العراق ومقدساته.

لذلك بدأ الرئيس بزشكيان زيارته غلى العراق، صباح الأربعاء الماضي، بزيارة نصب القائدين قرب مطار بغداد الدولي، في تأكيد لا لبس فيه أن ايران والعراق، لن ينسيا ولن يغفرا تلك الجريمة النكراء.

وخلال زيارة بزشكيان للعراق، ونظرا للدور الخطير للإعلام الهادف والموضوعي، وكذلك من أجل سد الطريق على المغرضين والحاقدين وذيول وأيتام البعث الصدامي لتحريف الحقائق وطمسها وزرع الأحقاد والعزف على الوتر الطائفي والعنصري، الذي كان سمة مميزة للإعلام الوسخ للنظام الإجرامي الصدامي خلال 35 سنة ، وقع وزيرا خارجية إيران سيد عباس عراقجي، ونظيره العراقي فؤاد حسين، وثيقة للتعاون الإعلامي المشترك بين البلدين، وبناء على هذه الوثيقة، يتعاون البلدان في مجال المؤسسات الإعلامية من خلال تشكيل فريق عمل مشترك، وتطوير إنتاج المحتوى، والتغطية الإعلامية لمراسم الأربعين السنوية، وإنشاء مكاتب تمثيلية إعلامية في البلدين.

كما ينص هذا التعاون على تنظيم زيارات للوفود الإعلامية، وإعداد دراسات وتبادلات إعلامية، وإنتاج محتوى مشترك بهدف دعم الشعب الفلسطيني المظلوم والتأكيد على حقه التاريخي في الأرض الفلسطينية.

بات واضحا ، لاسيما بعد سقوط صنم بغداد، إن ايران هي عمق استراتيجي للعراق، وإن العراق هو عمق استراتيجي لإيران، ولن يسمح الشعبان الشقيقان فيهما، للحقبة الصدامية السوداء أن تتحول إلى عقبة أو تعكر صفو العلاقات بينهما، أو تخلق هوة بين الأشقاء، فالنظام الصدامي وسنينه السوداء ذهبت إلى مزبلة التاريخ، وآفاق المستقبل باتت مشرقة أمام إيران والعراق، لبنائه على أسس مباديء حسن الجوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة المشروعة بعيدا عن فرض الإرادات والأجندات المشبوهة.

وخلال زيارة الرئيس الإيراني الى العراق والتي استغرقت ثلاثة أيام، اجرى بزشكيان محادثات مع نظيره العراقي عبداللطيف رشيد، و رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ونائب رئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، وزعيم إقليم كردستان مسعود بارزاني، ورئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وعدد كبير من الزعماء السياسيين العراقيين، في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.

كما تم خلالها التوقيع على 14 مذكرة تفاهم في مجالات التعاون الضريبي والزراعة والموارد الطبيعية والاتصالات والنقل الحديدي والرياضة والتربية والسياحة والتبادل الثقافي والفني والتدريب المهني وتطوير التعاون بين الغرف التجارية إلا أن الجانب الأهم في هذا الخصوص يعود إلى الاتفاق على اعتماد لغة مشتركة وتشكيل فريق يضم مسؤولين عراقيين وإيرانيين لإعداد خطط استراتيجية مشتركة وطويلة الأمد، ليتم توقيعها خلال الزيارات اللاحقة.

ومن أهم رسائل زيارة بزشكيان، كانت الرسالة التي كتبت بحروف كبيرة، تقول غن من يراهن على تعكير صفو العلاقة بين إيران والعراق ، وخاصة مع إقليم كردستان العراق، رهان على حصان خاسر.

فإيران والعراق يدركان جيدا، أن الأمن في البلدين، هو أمن واحد، ولا يمكن للعراق أن يستقر والأمن الإيراني يتعرض للخطر، ولا يمكن لإيران أن تستقر وأمن العراق يتعرض للخطر، وبات الجميع يعلم ان الأمريكيين، ما انفكوا يراهنون على هذا الحصان الأعرج، عبر محاولات مستميتة للإساءة إلى الأمن في البلدين، بهدف خلق حالة من الفوضى، تتحول إلى غطاء لشرعنة تواجدها غير الشرعي في المنطقة.

وهذه الحقيقة تلمّسها الرئيس بزشكيان، خلال لقاءاته مع القيادات الكردية في أربيل، خاصة التصريح الواضح والصريح لرئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، الذي أكد أن الاقليم لن يشكل أبدا تهديدا لإيران، بل على العكس، فإنه سوف يسعى ليكون فرصة بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

العالم

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة