فبعد كل مرة يوغل الاحتلال فيها في عدوانه وجرائمه سواء ضد المسجد الأقصى والمقدسات، أو ضد شعبنا بالقتل والاغتيال كان الكل يترقب شفاءً للصدور، وسرعان ما يأتي الرد ببصمات القسام وتكتيكاته العسكرية التي تفاجئ الجميع.
يستعرض “المركز الفلسطيني للإعلام” تفاصيل ستة عمليات نوعية بدلالات الزمان والمكان وآلية التنفيذ، نفذها فرسان كتائب القسام خلال العام الجاري، وتبقى غيرها عشرات العمليات في سجل المجد وما خفي أعظم.
عملية حوارة
من النقطة صفر، تمكن القسامي البطل عبد الفتاح خروشة، مساء الأحد 26 فبراير/شباط 2023، من مهاجمة مركبة للمستوطنين في بلدة حوارة جنوب نابلس شمال الضفة المحتلة، ليقتل مستوطنين قبل أن يتمكن من الانسحاب ليرتقي شهيداً خلال اشتباك مسلح بعد مطاردة استمرت لأسابيع.
وجاءت هذه العملية بعد 4 أيام من المجزرة التي اقترفتها قوات الاحتلال في نابلس وأدت لاستشهاد 10 مواطنين وإصابة عشرة مواطنين فلسطينيين، بينهم ثلاثة مدنيين، منهم طفل، وأصابت 90 آخرين بجروح، بينهم 15 طفلاً، و9 حالتهم خطيرة.
وتمكن البطل خروشة من إطلاق النار على سيارة صهيونية على شارع 60، في حوارة ثم انسحب من المكان مشيًا على الأقدام.
واعترف العدو أن القتيلين هما هاليل يانيف، وهو جندي في جيش الاحتلال، وشقيقه يغيل يانيف، وهما يقطنان في مستوطنة هار براخا في الضفة المحتلة.
ونقلت قناة كان الإخبارية الصهيونية أنه عثر بموقع عملية حوارة على 12 رصاصة من عيار “9 مليمترات”، ما يعني أن المنفذ استخدم مسدسا أو سلاحا صناعة يدوية، وأطلق النار من مسافة صفر، وانسحب سيرا على الأقدام.
واستنفر الاحتلال الصهيوني قواته وأجهزته الأمنية وفشل على مدار أسابيع من الوصول إلى منفذ العملية التي وصفها بالصعب والمؤملة، والتي خلقت أجواء من الرعب والخوف للمغتصبين والجنود في بلدة حوارة.
وارتقى منفذ العملية البطل عبد الفتاح خروشة شهيدًا الثلاثاء7 مارس/آذار 2023م، بعد اشتباكه مع قوات الاحتلال الصهيوني في مخيم جنين بالضفة المحتلة.
عملية ديزنقوف
وفي شارع “ديزنغوف” الشهير وسط تل أبيب، قال الفدائي القسامي المعتز بالله خواجا مساء الخميس 9 مارس/آذار 2023، كلمته بالرصاص والنيران مستهدفًا المستوطنين وأمن الكيان الذي اعترف بإصابة 5 مستوطنين، وسط حالة من الذعر والخوف أثبتت أنه لا مكان آمن داخل كيان الاحتلال.
وجاءت هذه ثائراً لدماء الشهداء الثلاثة الذين اغتالتهم قوات الاحتلال الصهيوني في بلدة جبع، قبل ذلك بساعات قليلة فجر اليوم نفسه، بإطلاق النار على مركبتهم، وهم: سفيان عدنان إسماعيل فاخوري (26 عاماً)، ونايف أحمد يوسف ملايشة (25 عاماً)، وأحمد محمد ذيب فشافشة (22 عاماً)، وهمن سرايا القدس.
وارتقى القسامي المعتز بالله الخواجا (23 عاماً) ذلك المساء، بعد أن خاض معركة بطولية سُجّلت بمداد المجد، وقاوم بها حتى الرمق الأخير، ليبقى الموكب القسامي يحمل الراية ويتقدم، ويأتي شهيد من خلفه شهيد يرسمون بالدم حدود الوطن ويكتبون فصول التحرير.
عملية الأغوار
المحطة الثالثة لعمليات القسام، نفذت قرب مفرق “الحمرا” بالأغوار وبآلية فاجأت الجميع من حيث الزمان والمكان، ولا سيما أنها وقعت بمنطقة توصف بأنها “أمنية” بامتياز لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ففي صبيحة الجمعة، الموافق 7 أبريل/ نيسان الماضي، نفذ فدائيان قساميان عملية إطلاق نار من داخل مركبة تجاه مركبة أخرى كانت تقل مستوطنين، قبل أن يتمكنا من الانسحاب.
وأسفرت العملية عن مقتل مستوطنتين شقيقتين مجندتين في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وإصابة والدتهما المستوطنة بجروح خطيرة التي سرعان ما لحقت بهم.
ووقعت العملية وقعت في مثلث يعدّ من أخطر المربعات الأمنية لجيش الاحتلال، والمعروف بمثلث جسر الحمرا، وهي منطقة غاية في الخطورة الأمنية بالنسبة للاحتلال؛ إذ أنها مراقبة بالأبراج العسكرية وبالكاميرات التي حدَّثها جيش الاحتلال مؤخرا وضاعف أعمدة الإنارة فيها، وهي قريبة أيضا من مستوطنة الحمرا ومعسكر آخر لجيش الاحتلال في الجهة المقابلة للمستوطنة.
والأعقد من كل ذلك أن العملية نفذت على بعد مئات الأمتار من حاجز الحمرا العسكري، المعروف بقبضته الأمنية على المنطقة وإجراءاته العسكرية المعقدة.
ووفق رواية الاحتلال، فإنّ مقاومين فلسطينيين تجاوزوا المركبة، وأطلقوا نيرانًا كثيفة صوبها على مفرق الحمراء بالأغوار ثم وقع حادث مع مركبة فقُتلت مستوطنتان، وأُصيبت ثالثة بجراح بالغة، قبل انسحاب المنفذين، حسب صحيفة معاريف العبرية.
وجاءت العملية، بعد يومين فقط، من اقتحام قوات مدججة بالسلاح والهراوات لحرم المسجد الأقصى، فجر الأربعاء، والاعتداء على المعتكفين والمرابطين بصورة هزت أركان الجميع، حيث انهالت بالضرب على المعتكفين داخل المسجد، واعتقلت عددًا كبيرًا منهم.
ونجح الفدائيان القساميان حسن قطناني، ومعاذ المصري، في الاختفاء عن الأنظار نحو 27 يومًا، حتى أُعلن عن استشهادهما الخميس 4 مايو/ أيار، خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال التي اقتحمت حارة الياسمينة في البلدة القديمة بنابلس وارتقى معهما الشهيد القسّامي المجاهد: إبراهيم جبر.
عملية عيلي
وفي مستوطنة عيلي المقامة عنوةً على أراضي المواطنين بين نابلس ورام الله، نفذ الفدائيان القساميان مهند شحادة وخالد صباح، في 20 يونيو/حزيران الماضي، عملية إطلاق نار بطولية وجريئة، أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين وإصابة 4 آخرين بجروح غالبتيهم حالتهم خطيرة.
وذكر جيش الاحتلال أن مقاومين ترجلا من سيارة وأطلق النار من بندقية “إم-16″، في الشارع الرئيسي في المستوطنة وأطلقا النار على المستوطنين داخل موقف للحافلات، واستشهد أحدهما ونجح الآخر في الانسحاب من المكان.
واستشهد أحد منفذي العملية وهو القسامي مهند فالح شحادة (25 عامًا) برصاص أحد المستوطنين في المكان، في حين استشهد المنفذ الثاني القسامي خالد مصطفى صباح (4عاماً) جراء إطلاق قوات الاحتلال النار تجاهه بعد اعتراض مركبة أجرة كان يستقلها على الشارع الرئيسي طوباس – جنين، في عملية اغتيال وإعدام ميداني.
وجاءت هذه العملية بعد يومٍ واحدٍ فقط من مجزرة دامية اقترفتها قوات الاحتلال في جنين، أدت لاستشهاد خمسة مواطنين، أحدهم طفل، وإصابة 91 آخرين، بينهم 23 حالتهم خطرة.
عملية تل أبيب
وفي والوقت الذي كان الاحتلال يقتحم مخيم جنين محاولاً القضاء على جذوة المقاومة فيها، جاء الرد القسامي سريعًا ظهر الثلاثاء 4 يوليو الجاري، وهذه المرة أيضًا في وسط الكيان الصهيوني، بعملية فدائية مزدوجة في تل أبيب وأسفرت عن إصابة 8 مستوطنين، بينهم 3 حالات خطيرة.
وقالت قوات الاحتلال: إن عملية دهس وطعن نفذها شخص واحد شمالي تل أبيب ولم تشمل إطلاق نار، مؤكدة أنها على خلفية قومية (أي عملية فدائية).
ووفق وسائل الإعلام العبرية؛ فإن فلسطينيا نفذ عملية دهس لمجموعة من المستوطنين ثم ترجل من السيارة من نوع تندر وطعن مستوطنين آخرين.
وأضافت أن أحد المستوطنين أطلق النار على المنفذ في المكان ما أدى إلى استشهاده وأعلنت كتائب القسام أن المنفذ هو البطل عبد الوهاب عيسى حسين خلايلة (20 عامًا) من بلدة السموع في الخليل، منفذ العملية البطولية في “تل أبيب” ظهر اليوم الثلاثاء.
عملية كدوميم
وبعد يومين، عادت كتائب القسام لتضرب من جديد، وهذه المرة ترجل القسامي البطل أحمد ياسين غيظان، لينفذ عملية إطلاق نار مساء الخميس 6 يوليو الجاري؛ ليقتل جنديا صهيونيًّا، ويصيب أحد حراس المستوطنات، قرب مستوطنة “كدوميم” شرق مدينة قلقيلية.
وأعلنت إذاعة الجيش الصهيوني، أن الشاب الفلسطيني منفذ العملية وصل بمركبته ونزل منها، وفتح النار على مستوطنين في منطقتين قريبتين، قبل أن ينسحب باتجاه مزارع قريبة، ولاحقته قوة صهيونية ليستشهد في اشتباك معها.
وتبنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس رسميًّا، عملية إطلاق النار قرب مستوطنة كدوميم غرب نابلس عصر اليوم الخميس.
وقالت الكتائب في بيانها: “بعون الله وقوته وتوفيقه تعلن كتائب الشهيد عز الدين القسام مسؤوليتها عن العملية البطولية التي وقعت في مغتصبة كدوميم عصر اليوم وأسفرت عن مقتل جنديٍ صهيونيٍ وإصابة آخر بجراحٍ حرجة، ونزف إلى أبناء شعبنا وأمتنا فارس هذه العملية البطولية الشهيد القسامي المجاهد/ أحمد ياسين هلال غيظان”.
وشددت الكتائب على أن هذه العملية البطولية تأتي ردا سريعا على عدوان الاحتلال وتغوله على أهلنا وشعبنا في مخيم جنين، ورداً على تدنيس مقدساتنا، وتمزيق المصحف الشريف في بلدة عوريف.
وأضافت أن هذه العملية جاءت لتقول للوزير الصهيوني المجرم “سموتريتش” إن القسام كاد أن يطرق عليك باب بيتك، وتوعدت الاحتلال بالمزيد بقوة الله، فمن يزرع القتل والإجرام ضد أبناء شعبنا لن يحصد سوى الموت والرعب والهزيمة، وسيبقى مجاهدونا يجرعونه الويلات حتى تطهير أرضنا ومقدساتنا من دنسه.
وفي تعليقه على هذا التنوع في العمليات يقول الكاتب والمحلل السياسي، في مقال له: من يراقب المشهد في الضفة يدرك أنَّ دخول كتائب القسام بشكل صريح أو شبه صريح لم يعد سراً، وأنّها وجّهت العديد من الضربات المؤلمة إلى الاحتلال خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن كتائب القاسم تمتلك تكتيكات مختلفة، ولديها خلايا عسكرية تستطيع تحريكها وقت الحاجة عند توافر الظروف الملائمة، ولا تعلن مسؤوليتها عن الكثير من العمليات التي تنفذها لضرورات أمنية ولضمان قدرتها على الاستمرار في تنفيذ عمليات نوعية.