ورفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، ما رفع معدل الفائدة على الودائع إلى 3,50% ليصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2001.
وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إنّ "التضخم ينخفض لكن من المتوقع أن يظل مرتفعاً للغاية لفترة طويلة".
وتأتي هذه الخطوة غداة امتناع الاحتياطي الفدرالي الأميركي عن رفع الفائدة بعد عشر زيادات متتالية.
وقالت لاغارد "لا نفكر في التوقف"، مضيفةً أنّ البنك المركزي الأوروبي لا يزال لديه "عمل لينجزه" بشأن المعدلات بعد أن رفعت المؤسسة التي تتخذ مقراً في فرانكفورت توقعاتها للتضخم للفترة 2023-2025 في تقديراتها الجديدة المعلنة الخميس.
وقالت للصحافيين إنّه "من المرجح جداً أن نستمر في زيادة المعدلات في تموز/يوليو".
ورفع المركزي الأوروبي تكاليف الاقتراض بأسرع معدل على الإطلاق لكبح التضخم بعد أنّ أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، وقد زاد أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار أربع نقاط مئوية منذ تموز/يوليو الماضي.
وفي الأثناء، تباطأ التضخم في منطقة اليورو إلى 6,1% في أيار/مايو على أساس سنوي، بعدما بلغ ذروته عند 10,6% في تشرين الأول/أكتوبر، ويرجع ذلك أساساً إلى الانخفاض السريع في تكاليف الطاقة.
وأوضح البنك أنّ جهوده لخفض التضخم "لها تأثير تدريجي"، مع تباطؤ الطلب على القروض بشكل حاد بسبب ارتفاع تكاليفها، لكن ذلك يلقي بظلاله على الأسر والشركات في منطقة اليورو.
ولا يزال التضخم أعلى بثلاث مرات من هدف البنك المركزي الأوروبي في حين أن التضخم الأساسي - الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة - تراجع بشكل طفيف فقط إلى 5,3% في أيار/مايو بعد 5,6% في نيسان/أبريل.
كررت لاغارد الخميس أن البنك المركزي الأوروبي "سيتبع نهجاً يعتمد على البيانات" في رسم الطريق قدماً.
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي في بنك "إي إن جي" كارستن برزيسكي "لا يمكن للبنك المركزي الأوروبي تحمل تكلفة أن يخطئ بشأن التضخم"، مضيفاً "يريد البنك ويجب أن يتأكد من كبح التضخم قبل التفكير في تغيير سياسته".
"غير مؤكدة"
ومثل كل البنوك المركزية، يتعين على المركزي الأوروبي أن يوازن بحذر بين رفع معدلات الفائدة بما يكفي لخفض الطلب واحتواء التضخم، والحرص في الآن نفسه على ألا يتسبب ذلك في تباطؤ الاقتصاد. لكن ثبت أن اقتصاد منطقة اليورو أقل مرونة مما كان يعتقد.
وأظهرت بيانات منقّحة الأسبوع الماضي أن الاقتصاد في منطقة اليورو المكونة من 20 دولة انكمش بنسبة 0,1% لربعين متتاليين في نهاية عام 2022 وبداية عام 2023، ما يعني فنياً أنه دخل في ركود.
ورغم أنّ الركود لا يزال معتدلاً، إلا أنه يلقي بظلال من الشك على التوقعات الاقتصادية الأكثر تفاؤلاً لعام 2023.
ففي توقعاته المحدثة، يرى البنك أنّ اقتصاد منطقة اليورو سينمو بنسبة 0,9% عام 2023 - انخفاضاً من 1,0% سابقًا.
وقالت كريستين لاغارد إنّ الاقتصاد "سيتعزز خلال العام" مع تباطؤ التضخم وتحسن سلاسل التوريد واستمرار مرونة قطاع الخدمات.
لكن المسؤولة شدّدت على أن التوقعات لا تزال "غير مؤكدة إلى حد كبير"، مشيرةً إلى عوامل مثل الحرب في أوكرانيا واحتمال ضعف النمو العالمي.
"غير مرضية"
هذا وأظهرت التوقعات المحدثة الخميس أن التضخم سيصل إلى 5,4% عام 2023، و3,0% عام 2024 و2,2% عام 2025 - بزيادة 0,1% لكل عام عن آخر توقعاته في آذار/مارس.
ووصفت لاغارد التوقعات بأنّها "غير مرضية" مع بقاء هدف التضخم البالغ 2% بعيد المنال بحلول عام 2025.
وقالت إنّ ضغوط الأجور أصبحت "مصدراً متزايد الأهمية" للتضخم، حيث يدفع العمال في ظل انخفاض البطالة في منطقة اليورو إلى زيادة الأجور للمساعدة في التعويض عن ارتفاع تكاليف المعيشة.
كما أعربت عن قلقها بشأن أرباح الشركات المرتفعة، وحضّت الشركات والموظفين على تجنب الضغط للحصول على تعويض كامل عن التضخم - ما قد يؤدي إلى حدوث دوامة غير مرغوب فيها من ارتفاع الأسعار والتضخم.
كذلك قالت كريستين لاغارد إنّ البنك المركزي الأوروبي يراقب من كثب النقاشات والتطورات بين مختلف الأطراف في سوق العمل.
وشدّدت على أن البنك "سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة لإعادة التضخم إلى 2% ويمكن الاعتماد عليه".