وفي الولايات المتحدة تقاد الطائرات المحطمة وتلك التي انتهت مدة خدمتها أو التي فشلت في تجارب طيرانها إلى محطتها الأخيرة ومقبرتها في قاعدة “ديفيس موتن” الجوية الضخمة التابعة لسلاح الجو الأمريكي في صحراء أريزونا.
وفي أريزونا تتغير فجأة المناظر الطبيعية المألوفة في الولايات المتحدة وتظهر صفوف من الطائرات من مختلف الأحجام بما في ذلك قاذفات القنابل الثقيلة متوقفة تحت أشعة الشمس الحارقة.
وفي قاعدة “ديفيس موتن” الجوية الأمريكية تعمل وحدة لإصلاح وصيانة معدات الطيران رقم 309، وتربض بلا حراك على مساحة عشرة ونصف كليومترات مربعة حوالي 4400 طائرة و13 مركبة فضائية، كانت تتبع القوات الجوية الأمريكية وخفر السواحل وسلاح البحرية ووكالة الفضاء “ناسا” .
وهنا يمكن رؤية جميع أنواع الطائرات، من طائرات الشحن وطائرات النقل العسكري إلى قاذفات القنابل من مختلف الطرازات، والمقاتلات الاعتراضية بما في ذلك “أف – 14” المعروفة أيضا باسم “تومكات” التي كانت شاركت في الفيلم الهوليوودي الشهير “أفضل مطلق للنار”.
ولا تظهر جميع الطائرات في هذه المقبرة، فبعضها تحجبه أغطية واقية تحميها من الرمال والغبار، ولا تبقى بعض الطائرات النفاثة بعد تقاعدها وانتهاء صلاحيتها قطعة واحدة متكاملة، حيث يخزن بعضها في حظائر بعد تفكيكها لتتحول إلى مربع من قطع الغيار.
ومن هذا المكان يتم إرسال أجزاء من الطائرات “الميتة” إلى مختلف أرجاء العالم، لتعود إلى العمل في أجسام طائرات أخرى.
ومقبرة الطائرات في قاعدة “ديفيس موتن” الجوية تعد الأكبر من نوعها في العالم، واختيرت لهذا الغرض بسبب ظروف ولاية أريزونا المناخية، بطقسها الجاف ورطوبتها المنخفضة التي تعد مثالية تبطيء ظهور الصدأ وتآكل هيكل ومعدات الطائرات، علاوة عل وجود مساحات واسعة من الأراضي الصحراوية منخفضة الثمن.
وهذه القاعدة ليست مقبرة للطائرات فقط، بل وتخزن بها نماذج جديدة من الطائرات، حيث توضع في مستودعات يعمل بها خبراء وفنيون متخصصون يسهرون على حماية الطائرات من الأوساخ والغبار ويبعدون عنها الحيوانات البرية ويحرصون على عدم تحولها إلى أعشاش للطيور.
كما يقوم العاملون بتشغيل المحركات والمعدات الأخرى بانتظام ضمانا لسلامتها واستدامة عملها، علاوة على تغيير سوائل الأنظمة الهيدروليكية والحفاظ على وجود وقود مناسب في خزانات الطائرات لتأمين تزييتها وزيادة ثقلها لتقاوم العواصف الشديدة.
إضافة إلى كل ذلك، يتوجب على الكوادر المتخصصة أيضا فصل بطاريات الطائرات وإعادة توصيلها كل 14 يوما، وكذلك إغلاق مناطق إطلاق المحرك النفاذ، ونوافذ الطائرة لحمايتها من أشعة الشمس، والمحافظة على عدم وصول الرطوبة على المحركات النفاثة.
ومن مهام الفنيين في هذه القاعدة تفكيك إطارات الطائرات بين فترة وأخرى حتى تحافظ على خصائصها، الأمر الذي يتطلب سحب الطائرات او رفعها، ولمنع الصدأ يقوم الفنيون بتشحيم هياكل الطائرات.