البث المباشر

تفسير موجز للآيات 18 الى 22 من سورة المجادلة

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1005

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. حضرات المستمعين الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية طيبة لكم وأهلاً بكم وأنتم تستمعون الى هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها تفسير سورة المجادلة نشرعها بالإستماع الى تلاوة الآيتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة من هذه السورة المباركة...

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ{18} اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ{19}

أيها الأحبة، ورد ذكر القسم الكاذب يوم القيامة أكثر من مرة في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى في الآية الثالثة والعشرين من سورة الأنعام حيث يقول عزوجل عن لسان الكاذبين (والله ربنا ما كنا مشركين). وبما أن القسم يجر الناس شيئاً فشيئاً إلى التصديق كان لابدّ من تحذير الناس من الأيمان الكاذبة كي لا يصدقوا ما يسمعونه ممن يقسم كاذباً.

وحول الآية التاسعة عشرة ورد في الخطبة الخمسين في كتاب نهج البلاغة عن الإمام علي (ع) حيث يتحدث عن أن الحق عندما يكون صريحاً وصافياً يعرف، وكذلك الباطل، ولكن المشكلة عندما يتم المزج بينهما، قائلاً: "ولكن يؤخذ من هذا ضغث، ومن هذا ضغث، فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه" وجاء عن الإمام الحسين (ع) مخاطباً جيش يزيد: "استحوذ الشيطان على أوليائه"

ومن تعاليم هاتين الآيتين المباركتين أولاً: عندما يتحول الكذب إلى طبع وملكة، يبقى ملازماً للإنسان حتى في الآخرة ويوم القيامة.

ثانياً: حياة المنافقين مملوءة بالكذب والمداهنة.

ثالثاً: المؤمن يذكر الله عندما يشعر باقتراب الشيطان منه، وأما المنافق فلأنه وصل إلى مرحلة الإتحاد بالشيطان، فإنه لا يذكر الله ولا يلتفت إليه سبحانه وتعالى.

رابعاً: يقترب الإنسان من حزب الشيطان ويدخل في دائرة أعوانه، بحسب درجة نسيانه ذكر الله تعالى.

وخامساً: الخسران الحقيقي هو أن يخسر الإنسان نفسه بدخوله في حزب الشيطان وجماعته لا أن يخسر أمواله.

أما الآن، أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيتين العشرين والحادية والعشرين من سورة المجادلة..

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ{20} كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ{21}

يبدو أن الآية العشرين، أيها الأكارم، تقع في سياق استكمال الآيات السابقة وبالتالي هي في سياق وصف المنافقين والحديث عنهم، ولا سيما بالنظر إلى حديث الآيات السابقة عن كبتهم بسبب معاداتهم لله وللرسول (ص).

ومن السنن الإلهية التي تحكم العلاقة بين الحق والباطل، انتصار الأول على الثاني. فإلى أين وصلت التهم والإفتراءات التي حيكت ضد النبي (ص) وغيره من الأنبياء؟ إسم من خلده التاريخ، هل خلد إسم إبراهيم (ع) أم إسم نمرود؟ هل الإمام الحسين (ع) هو العزيز أم يزيد؟ فقد حقق الإمام الحسين (ع) هدفه وهو فضح بني أمية وتعليم البشرية كلها درس الحرية والتحرر من الظلم.

ويستفاد من الروايات الواردة في التراث الإسلامي أن النصر النهائي والكامل للحق لن يتحقق إلا في زمان ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف).

ومما نستلهمه من هاتين الآيتين الشريفتين أولاً: يفضي النفاق بالإنسان إلى أن يتحول إلى عدو لله ولرسوله.

ثانياً: كما أن أوامر الرسول ونواهيه هي أوامر الله ونواهيه، فكذلك معاداة الرسول هي معاداة لله وإعلان للحرب عليه سبحانه.

وثالثاً: من يقف في وجه الحق، لن يكون مصيره إلا الذل.

والآن، مستمعينا الكرام، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآية الثانية والعشرين من سورة المجادلة..

لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{22}

مقام الرضا، أيها الأفاضل، أرفع من مقام التسليم، والفرق بين المقامين هو أن الإنسان تارة يسلم بما يصيب من الأقدار الإلهية، وأخرى يكون راضياً بها مسروراً بما يصيبه منها.

كما تشير الآية الكريمة إلى أنه لا يجتمع الإيمان مع الكفر بأي وجه من الوجوه.

ومما تعلمه إيانا هذه الآية الشريفة أولاً: لا يجتمع حبين في قلب واحد، فحب الله وحب أعدائه لا يجتمعان في قلب واحد.

ثانياً: العلاقات والولاء والبراء في الإسلام يجب أن يكون على قاعدة رضا الله عزوجل.

ثالثاً: ينبغي أن يستقر الإيمان في القلب ويثبت، ثم يأتي بعد التأييد والنصرة.

رابعاً: دوام النعمة هو بحد ذاته نعمة من النعم في الجنة.

وخامساً: أن نرضى عن الله، فهذا وجه من وجوه القضية، والمهم هو رضا الله تعالى عنا.

مع ختام تفسير سورة المجادلة المباركة، أيها الأحبة، وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" ، نشكركم لحسن إصغائكم وطيب متابعتكم وحتى لقاء آخر وتفسير ميسر من آيات القرآن الكريم، نستودعكم الباري عزوجل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة