ورغم ترحيب وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون بما تحقق من تقدم من مفاوضات مع حركة طالبان، الا ان التسليم لحركة طالبان بعد طائل الاموال وكثير الارواح التي زهقت يسجل اعترافا اميركيا مريرا بالهزيمة امام هذه الحركة بعد اكثر من 18 عاما على هذه الحرب التي قرر شنها بشكل متسرع ومنفعل الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الابن بعد نحو 3 اشهر فقط من احداث الحادي عشر من سبتمبر.
ان تبادر دول الجوار الافغاني الى الوساطة بين الحكومة الافغانية وحركة طالبان لانهاء سنوات من الحرب الاهلية المدمرة امر يمكن تفهمه من خلال حرص دول الجوار على المساهمة في بناء افغانستان آمنة ينعم شعبها بالاستقرار وبالتالي تحقيق اهداف قومية عليا بتامين حدود هذه الدول مع افغانستان. كما ان هذه الدول لم تعلن يوما انها في حرب مع طالبان او انها تريد تدمير هذه الحركة، لكن ان تكون الولايات المتحدة بعد كل وعدها ووعيدها هي المتسرعة في التفاوض مع طالبان أمر يثير التعجب والاستغراب.
ورغم ان قرارات الانسحاب العسكري الاميركي من بلدان مسلمة دخلتها بالقوة والاحتلال مثل افغانستان والعراق وسوريا هو لصالح امن المنطقة بل ومطلب من مطالب دول المنطقة الا ان اصرارها على عدم الاعتبار واخذ العبرة من الاخطاء السابقة يبعث على الحيرة ويجعل دول المنطقة متوجسة ابدا من النوايا الاميركية في المنطقة وخاصة وان من بين رسميات المنطقة وبكل اسف من يريد ان يغري الاميركان على البقاء في المنطقة لمنافع سياسية ضيقة.
فالقوات الاميركية اليوم تريد انسحابا آمنا من افغانستان كما انسحبت في عام 2009 من العراق وكما قررت الانسحاب من سورية، لكنها ان تعود عن قرار الانسحاب من سورية وتريد ان تعزز وجودها العسكري في العراق رغم الراي الرسمي والشعبي العراقي الرافض لهذا الوجود العسكري، فان ذلك يعني انها لا تعتبر ولا تتعض من مغامراتها وما سببته من فوضى في المنطقة وهذه المرة تحت ضغوط لوبيات اسرائيلية وسعودية واماراتية لما تستشعره هذه اللوبيات من تعاظم قوة محور المقاومة ومحاصرته كيان الاحتلال الاسرائيلي من ثلاث جبهات وبعد فشل السعودية والامارات بتحقيق ما ترومانه من حرب اليمن.
وكما تجر الولايات المتحدة اذيال الخيبة في افغانستان بعد 18 عاما من الحرب والاموال والارواح وتركع امام طالبان فانها ليس لها من خيار سوى ترك المنطقة عسكريا وترك امنها لاهلها ولا يغرها مليارات الدولارات التي تسحبها من بقرها الحلوب، فحلفاؤها يريدون شراء الحماية بالاموال والراي العام الاميركي لا يريد اي تورط جديد في اي حرب بعد ان ذاقوا ما ذاقو من حرب العراق وافغانستان وما الحقته هذه الحروب من آثار مدمرة على الاقتصاد الاميركي الامر الذي جعل الحمائية واميركا اولا شعارا انتخابيا للرئيس الشعبوي دونالد ترامب.
وما هذا التحشيد الاعلامي والسياسي الذي تقوده الولايات المتحدة ويحركه كيان الاحتلال الاسرائيلي وتساق فيه انظمة عربية ضد ايران، الا خوف من محور المقاومة وهلع من تمدد هذا المحور عبر الشعوب وليس عبر القواعد العسكرية او المرتزقة، ويوما بعد يوم، يضيق الخناق على الاميركان وحلفائهم من قبل محور المقاومة وكما ركعوا امام طالبان مجبرين مستسلمين، سيفرون من سوح المواجهة امام محور المقاومة لان ارادة الشعوب اقوى واشد من انظمة تشتري الحماية بالاموال وان فقدت سيادتها وثرواتها وارتهنت الى الاجنبي.
احمد المقدادي