البث المباشر

شكر الله على نعمه إغناء لإنسانيتنا!

الثلاثاء 10 يناير 2023 - 18:09 بتوقيت طهران
شكر الله على نعمه إغناء لإنسانيتنا!

يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء الصَّباح والمساء: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَوَفِّقْنا في يَوْمِنَا هَذا وَلَيْلَتِنَا هَذِهِ وَفِي جَمِيعِ أيَّامِنَا... لشُكْرِ النِّعَمِ...".

 

اللَّهمَّ اجعلني ممّن يتحسَّس نعمك الظاهرة والباطنة في وجدانه، فكراً في خطّ الوعي وفي حياته، وإحساساً في خطّ الواقع، فيمتلئ بها عقلي، وينفتح لها قلبي، وتتحرَّك بها حياتي، لأراك في كلِّ واحدةٍ منها ربّاً منعماً في إحسانك إليَّ، ولأعيش في مواقع نعمك عندي الَّتي لا تخلو كلّ حركة عمري منها، وقد قلت في محكم كتابك: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا}(إبراهيم: 34)، وقلت – سبحانك- : {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ}(النَّحل: 53).

فلا حياة لنا إلا من خلال نعمتك، لأنَّ الوجود كلّه هو عمق النعمة الكبرى، حيث أخرجتنا من العدم، وجعلت - من كلّ واحد منّا - شيئاً مذكوراً. وهكذا نجد أنّنا نتقلّب في نعمك عندما نطيعك بوسائل نعمك، أو نعصيك باستعمال ما أنعمت به علينا في معصيتك، ما يجعل من الطاعة معنىً يتَّصل بك، ومن المعصية شيئاً يوحي إلينا بالسقوط النفسي والروحي، لأنّنا نستعين بنعمك على معاصيك، وذلك هو منتهى الحقارة الإنسانيَّة.

اللَّهمَّ اجعلنا ممّن يشكر نعمتك؛ شكر الكلمة في مفهومها الحيّ المتطلّع إليك، المنفتح على لطفك ورحمتك، وشكر العمل في طاعتك المعبّر عن تجسيد الإحساس بالجميل بالموقف الإيجابي في طاعتك، فإنَّ الشكر يغني إنسانيَّتنا من خلال انفتاحها على سرّ الربوبيَّة في رعايتك لعبادك، واحتضانك لكلِّ آلامهم وأحلامهم في الحياة، لترتفع بهم - في شكرهم لك - في الدار الآخرة.

واجعلنا - يا ربّ - ممن يشكر عبادك الذين ينطلقون بالنعم علينا من خلال ما أنعمت به عليهم، حتى يكون شكرنا لهم تعبيراً عن اعترافنا العميق بالجميل، وتشجيعاً لهم على المزيد من العطاء للإنسان وللحياة من جهدهم في فكرهم ومالهم وجاههم، وشكراً لك في العمق، لأنّك وليّ النعم في كلّ خلقك، وطاعةً لك في ما أمرتنا به أن نشكر والدينا كما نشكرك، باعتبارهما النموذجين البارزين للنّعمة التي يقدّمها المخلوق إلى المخلوق، لأنّ من يكفر بالنعمة المحسوسة التي تصدر عن المخلوق، فقد يكفر بالنعمة للخالق، باعتبار أنّه لا يستشعر العطاء الصادر عنه لعباده.

 

* من كتاب "آفاق الرّوح"، ج1.

 السيد محمد حسين فضل الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة