و"الطور" هي السورة الـ 52 من المصحف الشريف ولها 49 آية وتصنف في الجزء الـ 27 من القرآن الكريم إنها سورة مكية وترتيبها الـ76 بحسب نزول السور القرآنية علي رسول الله صلى الله عليه وآله.
وسميت سورة الطور بهذا الإسم لورود لفظ "الطور" في مطلعها في الآية الأولى منها في قوله تعالى: {وَالطُّورِ}.
وطور سيناء، هو جبل أو سلسلة من الجبال، يقع في مصر، وورد ذكره في القرآن والتوراة، وحدثت فيه أحداث مختلفة للنبي موسى ـ عليه السلام ـ ومنها: كلّمه الله فيه، وذهابه إلى ميقات ربه مرتين، الأولى وحده واستمر أربعين يوماً، والثانية ذهب بصحبة سبعين نفراً من قومه (بني إسرائيل)، ووقعت فيه وفاة موسى عليه السلام.
ورد عن رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ أن سبب قداسة هذا الجبل: أنه موضع كلّم الله فيه نبيه موسى، وقدست فيه الأرواح، واصطفيت فيه الملائكة، وقد ورد ذكره في الشعر والأدب أيضاً.
وفق تفسير "الميزان" للمفسر الايراني للقرآن الكريم العلامة السيد الطباطبائي ـ رحمة الله عليه ـ فإن التركيز الرئيسي لسورة الطور هو تهديد المعادين لكلمة الحق، وقد حذرت هذه السورة الكفار من عذاب يوم القيامة، وقد وصف النعم التي ينعم بها الله على أهل الجنة.
ولسورة "الطور" 6 محاور كـ التالي: الأول قسم إلهي وإشارة إلي العذاب والنعم الإلهية التي سينعم بها علي المؤمنين والعذاب الذي سيكون جزاء الكافرين يوم القيامة.
والثاني النعم الإلهية التي سيرزق الله بها المتقين يوم القيامة، والمحور الثالث يتضمن الحديث عن نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والمحور الرابع هو التوحيد ووحدانية الرب، والخامس هو المعاد والحديث عن اليوم الآخر، والسادس يتضمن صفات الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الصبر والصمود والحمد والتسبيح لله.
واشتملت سورة الطور على عدة مقاصد، ومما يلي بيانٌ لهذه المقاصد:
1 ـ التهديد والقسم بتحقيق وقوع العذاب يوم القيامة وسط مشهدٍ هائلٍ ترتجّ له الأرض والسماء على المشركين المكذبين بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وما جاء به من إثبات البعث والحساب، وبيان بعض التغييرات والاضطرابات الكونية والآيات الإلهية التي سوف تقع في ذلك اليوم.
2 ـ بيان ألوان العذاب الذي سيحلّ بالمكذبين الجاحدين، وكيف سيجرّون إلى نار جهنم جرّاً، ويُدفعون في ظهورهم دفعاً حتى إذا وصلوا إلى حافة النار، يُقال لهم هذه هي النار التي كذبتم بها وأنكرتموها، هل هي سحر كما زعمتم أم هي الحق؟ المقابلة بين عذاب الكافرين ونعيم المتقين المؤمنين فتجمع السورة بين الترهيب والترغيب، فقد بينت السورة ألوان التكريم والتشريف التي يتمتع بها المتقون في جنات النعيم، وبينت أن الله عز وجل يُلحق الذرية بالآباء إذا اشتركوا معهم في الإيمان وإن كانوا دونهم في العمل، فهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى وإكراماً لعباده المؤمنين لتقرّ عيونهم ويتم سرورهم.
3 ـ تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإبطال أقوال الكافرين فيه، فقد اتهموه وأطلقوا عليه بعض الأوصاف زوراً وبهتاناً فمرة قالوا أنه كاهن، ومرة قالوا مجنون، ومرة قالوا عنه شاعر، ودعوة الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بعدم الحزن والدوام على تبليغ الدعوة، وعدم الالتفات إلى أقاويل المشركين عنه، فهو أمين على وحي السماء، بعيدٌ عن الاتهام بالكذب والجنون.
4 ـ تحدّي المشركين أن يأتوا بمثل هذا القرآن إن كانوا صادقين في دعواهم، لكن هيهات أن يأتوا بمثله، فهو كلام الله عز وجل الذي خلقهم، فهم عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن الكريم. إبطال أكاذيب الكافرين الجاحدين بإعادة الخلق، وببعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ليس من كبرائهم، وبادّعائهم أن الملائكة بنات الله، تعالى الله عما يقولون.
5 ـ إبطال تعدد الآلهة، وذكر تكذيبهم واستهزائهم بالوعيد.
6 ـ التأكيد على أن الوعيد حالٌّ بالمكذبين الجاحدين وواقع بهم في الدنيا ثم في الآخرة، والتأكيد على حقيقتي البعث والحساب يوم القيامة.
7 ـ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر، ووعد الله سبحانه وتعالى له بالتأييد، وشكر الله تعالى في جميع الأوقات. اختتمت السورة بتوصيةٍ من الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بالتصرف الحكيم الذي ينبغي أن يفعله تجاه هؤلاء المشركين الجاحدين الذين وصلوا إلى هذا الحدّ من الغلو في الباطل بإرادتهم الحرة، بأن يتركهم ويعرض عنهم حتى يلاقوا مصيرهم يوم لا ينفعهم كيدهم وكفرهم، والاشتغال بدعوة غيرهم من الذين لم يبلغوا درجة الميؤوس من استجابتهم.