البث المباشر

الشيخ جعفر النقدي

الثلاثاء 12 فبراير 2019 - 13:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 250

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين الذين اشتهروا بجهودهم وجهادهم ببركاتهم هو العالم الجليل والاستاذ الكبير الشيخ جعفر النقدي رحمه الله، هذا الاستاذ الكبير هو ممن جمع العلم والادب وهو ايضاً اشتهر انه مربي ربى جيلاً انشأه على ثقافة اهل البيت، هينئاً له، الشيخ جعفر النقدي هو من مواليد مدينة العمارة في العراق عام 1303هـ نشأ في عائلة ثرية‌ في مدينة العمارة وظهر وهو شاب بمظهر المثالية والخلق والاتزان والوقار وكان مولعاً بالعلم والادب وهو في العقد الاول من عمره يعني هو ابن عشر سنوات لكن كانت مواهبه تحكي حجماً اكبر من هذا السن ونظراً لمواهبه دفع به والده الى حاضرة العلم النجف الاشرف مهد التحصيل ومفخرة العالم الاسلامي فأنصرف شيخنا التقي الى تحصيل العلم بجدية حتى اصبح مرموقاً بين اقرانه وكان من تلاميذ المرحوم الحبر الاعظم السيد كاظم اليزدي اعلى الله مقامه صاحب العروة الوثقى وكان ينتهل من نميره العذب كما كان المرحوم الشيخ جعفر النقدي تلميذاً اصولياً بارعاً عند الملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية، كما انه درس الفنون العلمية الاخرى‌ عند الحجة السيد هبة الدين الشهرستاني اعلى الله مقامه فصار الشيخ جعفر النقدي يشار اليه بالبنان وصار من الشخصيات الموهوبة وحلق في عالم التدريس والدراسة وكسب المعلومات وبحسب الحاجة الملحة لتواجده في مسقط رأسه طلب اليه آنذاك المرحوم السيد كاظم اليزدي اعلى الله مقامه التوجه الى العمارة وعززه بالشهادات العلمية العالية وخوله الصلاحيات الكاملة بالنيابة عنه في كل مايحتاجه الناس فأستمر في مدينة العمارة يوجه الناس بخطبه ودروسه وكان واعظاً مؤثراً بالنفوس وكان موضع احتفاء الناس به وانتفاعهم منه، في ايام تواجده هناك كان ينظم الشعر ويؤلف ويدون وكانت من اوائل ما نظم شعره في الامام امير المؤمنين(ع)هذه لعلها من بواكير قصائده ومن جملة ما يقول فيه:

اخ الرسول اب السبطين

زوج البتول كريم الاصل والنسب

الباسم الثغر والابطال عابسة

والثابت الجأش والفرسان في رهب

ثم يقول: 

قطب عليه رحى الاكوان دائرة

وهل تدور الرحى الا على قطب

واتذكر له قصيدة وهي من اشهر قصائده قصيدته في الحوراء زينب(ع) وذلك بعد ان بني قبر الحوراء زينب بالوهلة الاولى والبناء القديم في الشام وطلب آنذاك الى شعراء النجف الاشرف بنظم الشعر في هذا فنظم العديد من العلماء والشعراء قصائد ولكن قصيدة المرحوم الشيخ جعفر النقدي طغت على كل القصائد بمضامينها وسلاستها واذكر انها هي من القصائد التي حفظتها منذ الصغر وكنت اقرأها دائماً على المنبر وكنت اشعر انها من الشعر المقبول وهي سلسلة ومطلعها:

وان داهمتك ظروف الزمان

تذكر عقيلة آل النبي

تذكر مصائبها سلوة

وحمر الدموع عليها اسكبي

وقرأت له قصيدة رائعة يستنهض فيه الامام المهدي(عج) يقول فيها:

طالت بغيبتك الاعوام والحجج

فداك نفسي متى يأتي لنا الفرج

ماذا اعتذارك للدين الحنيف

اذا وافاك يشكو الرزايا وهو منزعج

ينظم الشيخ جعفر النقدي قبل ثمانين سنة ولا اعرف ماذا كان ينظم اذا كان اليوم حاضر:

حتى متى الصبر والدنيا قد امتئلت

جوراً وقد زاد في آفاقها الهرج

ورغم ان الشيج جعفر النقدي هو ابن مدينة العمارة الا انه كان يتشوق الى النجف ويتلهف الى ‌لقاء اخوانه وزملاءه، اضف الى ذلك يعني منطقة العمارة تعج بالمشاكل العشائرية كم وكم كانت هذه النزاعات تنتهي بصراعات دموية عنيفة، كانت السلطة والدولة تواجه عجزاً في حلها وما تستطيع ان توقف تصعيدها وكانت بالاخير السلطة المحلية وحتى المركزية تلجأ اليه وتستجدي منه التحرك فكان يتحرك المرحوم بصفته نائب للمرحوم السيد كاظم النودي آنذاك كان يتحرك ويخمد الفتنة في نطفتها ويذكر رجال العشائر القدامى له ذلك الفضل الكبير سواء من عشائر البومحمد، من عشائر ال زيرج بن ايلام وافخاذهم هؤلاء يشعرون بالجميل الكبير لهذا العالم الجليل في نشر الثقافة وفي اخماد الفتن واطفاء نيران العداوات فهو كان عنصر اغناهم بكثير من الفضل والفيض وكان شوقه يتصاعد الى النجف الاشرف ونلاحظ ذلك مثلاً ضمن قصيدة له رائعة نظمها بمناسبة يوم الغدير ولكنه بدأها وهو يعكس شوقه الى النجف فقال: 

جرت دموع المعنا من مآقيه

شوقاً الى ‌النجف الاعلى ومن فيه

وصدعت قلبه آلام فرقته

مقام قدس حباه الفخر باريه

لدينه اختاره بيتاً وعظمه

شأنا وشاد على التقوى مبانيه

حدائق الفضل تزهو من جوانيه

وانهر العلم تجري من نواحيه

الى ان يعرج في القصيدة الى ‌ذكر الغدير يقول: 

هو الامام الذي عقد الولاء

جرى يوم الغدير له من عند باريه

يوم به جاء جبريل الامين

الى خير الورى عن اله العرض ينبيه

فقام بالناس والاحداج منيره

والمرتضى في ذرى الاحداج ثانيه

فقال من كنت مولاه وسيده

هذا علي له مولى وواليه

فأنزل الله ذكراً ليس ينكره

في شأن حيدر الا من يعاديه

اليوم بالمرتضى اكملت دينكم

ونعمتي لكم اتممتها فيه

ويجدر ذكره ان الشيخ جعفر النقدي مارس القضاء لفترة ما في مناصب عالية ورئاسة محكمة التمييز العليا. توفي رحمه الله يوم التاسع من المحرم في الكاظمية في حسينية آل ياسين عام 1369 هـ ووفاته كان يحضر مجلساً حسينياً ليلة العاشر وحينما استعرض الخطيب مصائب الطف وذكر مصيبة الحسين الفاجعة العظمى استعبر المرحوم واجهش بالبكاء فأغمي عليه حركوه واذا به فارق الحياة فأرتج البلد وشيع تشيعاً مهيباً الى النجف ودفن يوم العاشر من المحرم في الصحن الحيدري تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة