البث المباشر

تفسير موجز للآيات 33 الى 46 من سورة القمر

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:46 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 984

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا حبيب الله محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات، تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تتابعون عبر إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنستأنف فيها تفسير سورة القمر المباركة نستهلها بالإستماع الى تلاوة مرتلة من الآيات الثالثة والثلاثين حتى الأربعين منها فكونوا معنا مشكورين..

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ{33} إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ{34} نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ{35} وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ{36} وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ{37} وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ{38} فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ{39} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{40}

"نذر" إخوتنا الأفاضل، هو جمع نذير بمعنى المنذِر وبمعنى الإنذار أيضاً. ومعنى "حاصب" الرياح القوية التي تحمل معها الرمل والحصى. و"البطش" تناول الشيء بصولة. و"الطمس" المحو والإزالة. و"المماراة" هي المجادلة.

ويبدو أن الذين أرادوا بضيف لوط (ع) سوءاً، أُصيبوا بالعمى أولاً ثم أبادهم الله بقلب مدينتهم رأساً على عقب. وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أن قوم النبي لوط تكاثروا عليه ودخلوا بيته عنوةً، فصلح جبرئيل يا لوط دعهم يدخلوا، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذبهت أعينهم وهو قوله تعالى (فطمسنا أعينهم).

ووردت كلمة "نذر" أربع مرات في قصة قوم لوط، كما وردت كلمة "عذاب" ثلاث مرات، وهذا يشير إلى أهمية الإنذار قبل نزول العذاب.

وما يمكن الأخذ من هذه الآيات المباركات أولاً: تكذيب نبي واحد بماثبة تكذيب الأنبياء جميعاً.

ثانياً: لا شيء يقيد يد الله في ما يريد أن يختاره من أصناف العذاب.

ثالثاً: عندما ينزل العذاب الإلهي لا يحرق الأخضر واليابس دائما فيتولى الله نجاة المؤمنين.

رابعاً: الإيمان بالأنبياء شكر لله، وسبب من أسباب النجاة.

خامساً: التشكيك في الحق وزلزلة اعتقاد الناس به، بمثابة التكذيب.

سادساً: عندما يكبر المجرم، لا يجوز تأخير العقوبة.

سابعاً: من الوسائل التي يعتمدها القرآن في التربية والإرشاد، نقل القصص المشتملة على العبر.

وسابعاً: لا تغني قراءة القرآن عن تدبره وإمعان النظر في آياته.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الحادية والأربعين حتى السادسة والأربعين من سورة القمر المباركة..

وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ{41} كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ{42} أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ{43} أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ{44} سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ{45} بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ{46}

إخوتنا الأفاضل، في الآية الخامسة والأربعين، حول معنى "سيهزم" فأصل الهزم غمز الشيء اليابس حتى ينحطم كهزم الشنّ، وهزم القثاء والبطيخ ومنه الهزيمة، لأنه كما يعبّر عن ذلك بالحطم والكسر، والداهية هي المصيبة الكبيرة.

وينحصر التكذيب الذي صدر عن قوم نوح ولوط، وعن عاد وثمود، بتكذيب الإنذار، وأما فرعون وجماعته فقد كذبوا الإنذار وأنكروا المعجزات.

وتشير هذه الآيات الى الجماعة الخامسة والأخيرة من الكفار الذين تتحدث عنهم هذه السورة.

ومما تفيدنا هذه الآيات الكريمات أولاً: من يطع شخصاً يحسب من آله وجماعته بقوله تعالى (آل فرعون).

ثانياً: يتم الله الحجة على الناس، قبل إدانتهم.

ثالثاً: عندما يسد الإنسان سبل الحق في وجهه، فلا بدّ من أن ينزل عليه الغضب الإلهي.

رابعاً: عندما يكون الداعية في مقام الإستدلال والتبليغ، عليه أن يستدل بطريقة تسقط حجج الخصم وادعاءاته كلها.

خامساً: الكفر والتكذيب من أسباب التشتت والتفرقة، في أي أمة وُجدا.

سادساً: إن أشد مصائب الدنيا وأعظمها، لا يعدل شيئاً من مصائب الآخرة وشدائدها.

وسابعاً: هزيمة الكفار في الدنيا مقدمة لعذاب أشد في الآخرة.

إلى هنا أيها الأفاضل وصلنا وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر دمتم بخير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة