البث المباشر

تفسير موجز للآيات 42 الى 62 من سورة النجم

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:46 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 980

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين وأفضل والصلاة وأتم التسليم على أفضل الخلق سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيين الطاهرين المنتجبين.. حضرات المستمعين الأفاضل في كل مكان سلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركات.. تحية مباركة لكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنختم في حلقتنا هذه بإذنه تعالى تفسير سورة النجم المباركة ابتداءً بالإستماع الى الآيات الثانية والأربعين حتى الرابعة والأربعين منها...

وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى{42} وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى{43} وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا{44}

أيها الأحبة، لا شك في وجود وسائط يفعل الله من خلالها ما يريد، إلا أنه سبحانه هو الفاعل الحقيقي والأول والأخير، وما يدل على ذلك، تكرار ضمير "هو" في الآيات.

وتشير الآيات الى أن التضاد بين الموت والحياة، والضحك والبكاء، وهو تضاد في عين الإنسان ومن وجهة نظره هو وأما في عين الله، فكل هذه الحالات هي خير مطلق ولا تضاد بينها من هذه الجهة.

ومما نتعلمه من هذه الآيات المباركة أولاً: الوجود الإمكاني كله يسير نحو الله تعالى.

ثانياً: قدرة الله عزوجل على الضدين على حد سواء.

وثالثاً: من أساليب القرآن في التربية، الإشارة الى التوحيد حتى في الحالات المتضادة.

أما الآن، أيها الكرام، ندعوكم الى الإستماع الى تلاوة الآيات الخامسة والأربعين حتى التاسعة والأربعين من سورة النجم المباركة..

وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى{45} مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى{46} وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى{47} وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى{48} وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى{49}

كلمة "أغنى" هي من الغنى بمعنى انتفاء الحاجة، و"أقنى" من القُنية، بمعنى المال المدّخر. والمعنى بناء على هذا التفسير، أيها الأكارم، أعطى ما فيه القنية على حد تعبير الراغب الأصفهاني، ويرى آخرون أن في الآية مقابلة بين الغنى والفقر، وبالتالي يرون أن معنى أقنى هو أفقر.

والشعرى نجم كان يعبده جماعة من المشركين، ويعتقدون أنه رب الغنى والفقر، ولهذا يرد الله عزوجل بهذه الآية ويقرر أن الغنى والفقر بيده، لأنه هو رب الشعرى أيضاً، ويرى بعض المفسرين أن الشعرى اسم صنم من أصنام الجاهلية.

وتشير الآيات الكريمة إلى أن من يخلق الإنسان من قطرة من الماء، قادر على أن يعيد خلق الإنسان من الأجزاء التي يتحلل إليها بعد الموت.

كما تشير الآيات إلى أن الزوجية سر بقاء الكون، ولو انتفت الزوجية من الكون الفعلي لتحول إلى شيء آخر، بل ربما خبا وانطفأت شعلة وجوده.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيات الخمسين حتى السادسة والخمسين من سورة النجم المباركة..

وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى{50} وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى{51} وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى{52} وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى{53} فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى{54} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ تَتَمَارَى{55} هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى{56}

"المؤتفكات" جمع مؤتفكة، ويقال ائتفكت الأرض إذا انقلبت، وفي الآية إشارة إلى مدائن عاد الذين جعل الله عالي بلادهم سافلها. و"تتمارى" من المماراة أي المجادلة مع الشك والتردد.

أما قوله تعالى " إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى" ربما يكون المراد به وصف قوم نوح، بأنهم أشد ظلماً من عاد وثمود، وربما يكون المراد وصف هؤلاء جميعاً بأنهم أظلم وأطغى من غيرهم من الأمم التي حكم الله عليها بالعذاب.

ومما نستقيه من هذه الآيات أولاً: لا يقتصر الجزاء والعقاب على يوم القيامة، فبعض الأمم تعاقب في الدنيا أيضاً.

ثانياً: علينا، عندما ندرس التاريخ، أن نلتفت إلى علل الأحداث وأسبابها.

ثالثاً: هلاك الظالمين والطاغين، من النعم والألطاف الإلهية.

ورابعاً: أهم مهام الأنبياء وأول واجباتهم، الإنذار والتحذير.

في هذه اللحظات، إخوتنا الكرام، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات السابعة والخمسين حتى الثانية والستين وهي آخر آيات سورة النجم المباركة..

أَزِفَتْ الْآزِفَةُ{57} لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ{58} أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ{59} وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ{60} وَأَنتُمْ سَامِدُونَ{61} فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا{62}

"الآزفة" أي القريبة الوقوع، و"سامدون" أي ساهون غافلون. وتنقل بعض كتب التفسير، أيها الأفاضل، أن النبي (ص) لم يُرَ باسماً بعد نزول هذه الآيات عليه.

وربما يكون المراد بقوله تعالى "هذا الحديث" القرآن الكريم، إذ ورد التعبير عن القرآن بهذه الطريقة في الآية الثالثة والعشرين من سورة الزمر في قوله تعالى " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ".

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الشريفة أولاً: لا ينبغي أن نحسب أن يوم القيامة بعيد عنا.

ثانياً: كل ما يمكن أن يتوفر بين يدي الإنسان، لا يكفي لتخفيف أهوال يوم القيامة، والوسيلة الوحيدة للتخفيف هي الإذن الإلهي.

ثالثاً: على من يعتقد بيوم القيامة، أن يخفف من حالة الفرح والسرور التي تعتريه.

رابعاً: الضحك في بعض الحالات يكون من علامات الغرور والغفلة.

وخامساً: السجود بين يدي الله، من وسائل علاج الغرور والغفلة.

ومع ختام تفسير سورة النجم المباركة، أيها الكرام، وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر آخر من آي الذكر الحكيم، نتمنى لكم أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة