بسم الله والحمد لله وأفضل الصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله آل الله..
مستمعينا الأفاضل.. سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركاته.. أهلاً بكم ومرحباً على مائدة كتاب الله وأنتم تستمعون الى حلقة جديدة من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث سنواصل فيها تفسير آيات أخرى من سورة غافر المباركة بداية من الآية السابعة والسبعين بعد الاستماع الى تلاوتها فكونوا معنا مشكورين....
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ{77}
أيها الأكارم.. بعد أن تعرضت هذه السورة في ثلاثة مواضع وهي في الآيات الـ 35 و56 و 61 ، للمجادلة بغير حق والتعصب الذي كان يتميز به الكفار، يأمر الله عزوجل نبيه الأكرم صلوات الله عليه بالصبر لأن وعد الله حق.
أما بالنسبة للأعداء فالله تعالى يهددهم ويبث الطمأنينة في نفوس المؤمنين، فالآيات السابقة كانت لغتها توجيه التهديد للكافرين، وهذه الآية لبث الطمأنينة في نفس النبي صلى الله عليه وآله ونفوس المؤمنين.
أما ما نتعلمه من هذه الآية الشريفة هي:
أولاً: التذكير بسعة القدرة الإلهية المتعلقة بعقاب المجرمين وحسابهم سبب لبث الأمل ودعامة الصبر.
ثانياً: لا ينبغي أن يؤدي التأخير في معاقبة المجرمين إلى الشك والترديد.
ثالثاً: لا حد للصبر على المكاره، ولابد من الصبر إلى آخر العمر.
ورابعاً: لا يمكن أن يكون عقاب المجرمين عقاباً تاماً في هذه الدنيا، بل لابد من عقاب في العالم الآخر أيضاً.
أما الآن، إخوتنا الأكارم، نستمع وإياكم الى تلاوة الآية الثامنة والسبعين من سورة غافر المباركة:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ{78}
أيها الأكارم، عدد الأنبياء طبقاً للروايات مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، ولكن القرآن لم يتعرض بالاسم سوى لستة وعشرين منهم وذلك لسبيل الإيجاز والانتفاع من قصص هؤلاء المرسلين.
فمن وسائل التربية والإرشاد بيان تاريخ الأمم الماضية والنماذج الحسنة، وهذا الأسلوب معتمد في القرآن أيضاً.
تعلمنا هذه الآية الشريفة:
أولاً: ذكر تاريخ الأنبياء سبب لبث الطمأنينة في نفس النبي ومن موجبات الصبر.
ثانياً: لابد من تلاوة القصة والتدبر فيها إذا كانت حقاً وكان المراد منها نشر الحق.
وثالثاً: الخسارة الحقيقية هي خسارة الآخرة.
والآن، أحبتنا المستمعين، نشنف آذاننا بالاستماع الى تلاوة الآيات التاسعة والسبعين حتى الحادية والثمانين من سورة غافر:
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ{79} وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ{80} وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ{81}
أيها الأفاضل، تشير هذه الآيات المباركات إلى أن أفضل سبيل لإيجاد المعرفة والشكر وتقويتهما في النفس، هو التفكير والتأمل بالنعم الإلهية، وأفضل سبيل لذلك هو التأمل في النعم الإلهية التي تعم الناس جميعاً في كل زمان ومكان.
كما تشير هذه الآيات أن منافع الأنعام لا تقتصر على الركوب والطعام، بل ينتفع بجلدها وصوفها وحليبها وشحمها، وكذلك نلاحظ منافع الحيوانات في إيجاد مصانع الحرير والخيطان والجلد والألبان وغير ذلك.
إخوة الإيمان، الى هنا وصلنا وإياكم الى ختام حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة) فحتى لقاء آخر نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.