وإحدى هذه الدراسات هي العلاقة بين الزلازل والسحب التي ابتكرها الباحث التركي-الفرنسي رونالد كاريل، ويروج لها منذ أكثر من نصف قرن.
وعمل البروفيسور رونالد كاريل، الذي يحمل الجنسيتين التركية والفرنسية، على فهم العلاقة بين الزلازل والسُّحب منذ أن اكتشف بعض تكوينات السحب المختلفة قبل الزلزال في سبعينيات القرن الماضي.
وعندما كان كاريل طفلاً في السبعينيات، لاحظ أن بعض الغيوم بدأت في التكون قبل الزلزال وبدأ في البحث عن علاقة الزلزال بالغيوم. ولفت الانتباه بقدرته على التنبؤ ببعض الزلازل وحاول نقل هذه الأبحاث إلى المنصات والمجتمعات العلمية، حتى نجح عام 2014 أن يصبح مديراً أول في مركز أبحاث Geo Cosmo ومقره سان فرانسيسكو، والذي سيكون له فروع في آسيا وأوروبا وأمريكا.
ويواصل الباحث التركي كاريل، الذي يقضي نصف العام يعمل في إنجلترا والنصف الآخر في بودروم التركية، التنبؤ بالزلازل في مركز Geo Cosmo الذي يترأسه في إنجلترا منذ عام 2016، من خلال اتباع تشكيلات السحب المتأينة.
رونالد كاريل (Others)
وقع رونالد كاريل، فرنسي الأصل الذي يحمل الجنسية التركية، في حب الغيوم في سن صغيرة. بسبب هذا الشغف، طُرد من مدرسته لأنه لم يكن مهتماً بالدروس لكثرة انشغاله في متابعة السحب. في تلك السنوات التي طُرد فيها من المدرسة اكتشف أول غيوم زلزالية. استبدل كاريل حب طفولته وشبابه بعلاقة الزلزال والجو، حيث كرس جل حياته للبحث في الغيوم.
وكان لديه اهتمام طويل الأمد بالأرصاد الجوية، لا سيما في السحب والتكوينات السحابية غير العادية. عندما كان يبلغ من العمر 16 عاماً، بعد ظهر يوم 28 مارس/آذار عام 1970، لاحظ “سحباً غير جوية” غريبة فوق إسطنبول. خلال الليلة التالية، ضرب زلزال بقوة 7.2 درجة بالقرب من جيديز. أدت الطريقة ذاتها، التي تبحث عن تكوينات سحابة غير عادية، إلى العديد من التنبؤات بالزلازل.
وبعد أكثر من 3 عقود على الرفض المتواصل لنظرية كاريل من قبل الجامعات والمجتمعات العلمية، لكن مع حلول عام 2006 وتأسيسه لمركز أبحاث Meteoquake في لندن، والذي انضم إليه العديد من العلماء من جميع أنحاء العالم، بدأت العديد من المجموعات البحثية حول العالم في التعبير عن اهتمامها بنظرية كاريل، خصوصاً بعد تقديم الدكتور فريدمان فرويند من وكالة ناسا دليلاً على أن التأين الهائل للهواء على السطح البيني الأرضي – جو قد يكون مرتبطاً بتراكم الضغوط التكتونية في قشرة الأرض قبل وقوع زلزال كبير، وبالتالي قدم تفسيراً مادياً لأول مرة لدعم وجهة النظر التي لطالما تبناها رونالد كاريل.
غيوم مؤينة
تحدث الزلازل في القشرة العلوية للأرض. يمكن أن تؤدي الكسور في الخطوط المسماة “خطوط الصدع” إلى أضرار مادية واسعة النطاق وخسائر في الأرواح. وصرح باحثو مركز Geo Cosmo أنه على الرغم من أنه لا يمكن التنبؤ بالزلازل مسبقاً، يمكن إجراء تنبؤات قوية من خلال مراقبة السحب، حسب تقرير حديث نشره موقع TRT Haber.
وفقاً لذلك، يتراكم التيار الكهربائي الموجب تحت الصخور على خط الصدع قبل الزلزال. ترتفع هذه التيارات إلى السطح بسرعة 200 متر في الثانية وتبدأ في تكوين سحب مؤينة فوق منطقة الزلزال. يمكن أن تظهر هذه الغيوم المتأينة قبل أشهر، وأحياناً قبل أيام.
وفي حين أن الثواني التي تسبق وقوع الزلزال مهمة، فإن امتلاك مثل هذه الميزة يصبح أكثر أهمية. ويضف كاريل قائلاً: “من أجل تكوين سحابة مؤينة أو ضباب مؤين، يجب ألا يتجاوز عمق الزلزال 10 كيلومترات. ومن ناحية أخرى، يجب أن تكون الرطوبة أعلى من 60 في المائة على الأرض”.
ولا توفر الغيوم المؤينة بيانات للتنبؤات حول الزلازل فقط، بل يقترح المركز الذي يرأسه كاريل أنها قد توفر أيضاً بيانات وتفسيرات عن بعض حوادث تحطم الطائرات “غير المبررة”.
مساع لتقوية آليات التنبؤ
حسب كاريل، “العلاقة بين الزلزال والغلاف الجوي لا يجري العمل عليها من قبل الباحثين الهواة، ولكن من قبل الجامعات ذات الشهرة العالمية واللجان العلمية. لا يمكن معرفة مكان أو وقت حدوث الزلازل. التنبؤ بحدوث زلزال لا يمنع وقوع الزلزال وأضراره، لكن التنبؤ باستخدام المزيد من المعلمات يقوي يد الناس في الاحتياطات الواجب اتخاذها. في السنوات الأخيرة، بدأ المزيد من علماء الزلازل العمل مع تخصصات أخرى أيضاً”.
ويجادل بأنه يجب أيضاً التحقيق في العلاقة بين الرياح الشمسية والزلازل. مذكراً بأن الملاحظات على الغلاف الجوي والفضاء يمكن إجراؤها بفضل أقمار المراقبة والملاحة، يقول كاريل: “العالم ليس فقط معرضاً للعواصف الكهرومغناطيسية بفعل التوهجات الشمسية والرياح الشمسية، ولكن أيضاً تحت تأثير الكثير من جزيئات الغاز”.
ويقول كاريل إن هدفه هو تعزيز آلية التقدير، بخاصة لمدن مثل إسطنبول التي تقع في منطقة زلزال وأنه بدأ في جمع المعرفة التي اكتسبها لهذا الغرض في عمل موسوعي يتكون من حوالي 3 آلاف و250 صفحة حتى الآن.