وهذا لا يعني ان قطر لم يكن فيها مجلس للشورى قبل هذا اليوم، بل كانت ذات مجلس استشاري، إلا انه في ضوء طبيعة البلد والتكوينة الاجتماعية القبلية ونمط الحكم في الدول الخليجية فإن مجلس الشورى القطري كان يتم اختيار أعضائه من قبل أمير الدولة شخصياً.
ومنذ عام 1972 قامت منظمة اليونسكو بتسجيل مبنى مجلس الشورى القطري الواقع في الدوحة القديمة وقرب سوق واقف كأحد المعالم التراثية الجميلة لديها، والذي يعتز به القطريون كثيراً،
وكان المجلس يضم أبرز الشخصيات الناشطة والفاعلة والوجوه البارزة لمعظم القبائل المعروفة، وكانت شرائح المجتمع ممثَّلةً في مجلس الشورى ومنهم طبعاً المواطنون الشيعة الذين اختار امير قطر السابق من بينهم الوجيه والتاجر والمحسن المعروف ناصر بن سليمان بن حيدر الحيدر ليكون عضواً وممثلاً لهذه الشريحة من المواطنين.
وبموجب قانون الانتخابات الجديد فإنه لا يحق لأي شخص من أسرة آل ثاني الترشيح لعضوية مجلس الشورى المنتخَب، ولذلك لم يكن من بين المرشحين أي إسم من عائلة آل ثاني.
ويبلغ عدد أعضاء مجلس الشورى القطري الجديد 45 عضواً 30 منهم ينتخبهم الشعب القطري مباشرةً و الـ 15 الآخرون يختارهم أمير الدولة من بين الشرائح و المذاهب والفئات المختلفة نساء ورجالاً، وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة للبلاد لكي يكون المجلس شاملاً وعادلاً ومتنوع التكوين.
ويقوم المجلس المذكور بمناقشة وتعديل الميزانية العامة للبلاد، وإصدار القوانين اللازمة في مختلف مجالات الحياة العامة،داخلياً وخارجياً، وإصدار التوصيات الضرورية للوزراء و الوزارات المختلفة، ومراقبة أداء الوزراء، وعزل الوزير غير الكفوء.
ويعتبر اجراء الانتخابات النيابية في قطر أبرز حدث سياسي في هذه الدولة الخليجية، حيث شهدت الانتخابات تنوعاً في البرامج الإنتخابية للمرشحين، وتنافساً شديداً بين المرشحين في مختلف المدن والنواحي والمحلات [التي تسمى "فرجان"] وسجل الناخبون تفاعلاً كبيراً مع صناديق الاقتراع رغم ظروف الجائحة، بحيث بلغت نسبة التصويت 63%.
وبمجرد انتهاء التصويت في السادسة مساءً بدأت اللجان المشرفة على الصناديق فرز الأصوات أمام كاميرات التلفزة بشكل مباشر وعلى الهواء عبر قناة تلفزيون قطر 1و2 و قناة الريان وقناة الجزيرة، وبدأ العد والفرز بحضور المرشحين انفسهم أو ممثلوهم، في المقرات الانتخابية، تعبيراً عن الشفافية في تشخيص النتائج وإعلان الفائزين بالسرعة الممكنة.
لكن بعضاً من أعضاء الذباب الإلكتروني لدولٍ خليجيةٍ حاول الهمز واللمز في هذه الانتخابات بَيدَ أنه في ضوء التشكيلة الاجتماعية القبلية ونمط النسيج الخليجي وطبيعة المجتمع القطري وافتقاد هذه البيئة للعمل الحزبي المنظّم فإن هذه التجربة تعتبر جديدة ويمكن تطويرها، ولم يسبق لها مثيل سوى في الكويت، ولا ننسى أن قانون الانتخابات البرلمانية في مصر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك كان يقضي بأن الرئيس يعيّن نصف عدد اعضاء البرلمان، والشعب ينتخب النصف الآخر، وهؤلاء بمجموعهم يختارون الرئيس. وكان ذلك الاسلوب التلفيقي بين الانتخاب والتعيين مقبولاً أو مشرعاً لعشرات السنين.
د.رعد هادي جبارة
باحث ودبلوماسي سابق