البث المباشر

محمد بن يزيد الازدي الثمالي النحوي

الأربعاء 13 فبراير 2019 - 10:19 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 259

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين بحبهم وعلاقتهم بأهل البيت(ع) المرحوم المبرد، وهو محمد بن يزيد الازدي الثمالي النحوي اعلى الله مقامه، كان عالماً كبيراً مقبولاً عن كل الفرقاء حتى الغير الامامية كانوا يرون فيه انساناً عظيماً على صعيد العلم فكان عالماً فاضلاً موثوقاً به في الرواية ويحسن المحاضرة وكثير النوادر وغالباً يملح احاديثه ببعض الشواهد الطريفة وغيرها احد الشعراء مدحه بقصيدة طويلة لامجال لقرائتها ولكن اورد منها بيتاً او بيتين يخاطبه:

وآويت علماً لا يحيط بكنهه

علوم بني الدنيا ولا علم ثعلب

ثعلب عالم كبير كان معاصراً له

وهذا لشدة تفوقه وتسلطه

يقال له ثعلب العلم فهذا الاديب يشيد ويمجد بالمبرد يقول وآويت علماً، كأن ثعلب والمبرد كانا عالمين متعارضين ختم بهما تاريخ الادب ولهذا يقول:

وآويت علماً لا يحيط بكنهه

علوم بني الدنيا ولاعلم ثعلب

يئوب اليك الناس حتى كأنهم

ببابك في اعلى منى والمحصب

المبرد وهو ابو العباس محمد الازدي كان اماماً في النحو واللغة وقد وصفه الخطيب البغدادي بهذا الوصف يقول: «ابو العباس الازدي شيخ اهل النحو وحافظ علم العربية وله مصنفات مثل كتاب الكامل والروضة والمقتضب ومعاني القرآن وغير ذلك من الكتب النافعة والمبرد هو من المتحدثين دائماً بفضائل اهل البيت وهذا الذي يهمني ولعله انتخبت الحديث واستغليت الفرصة للتحدث عن هذا العالم الجليل هو تأثره بهذه الظاهرة انه كان دائماً يتحدث بفضائل اهل البيت(ع)» وقد ذكر المحدث القمي اعلى الله مقامه في كتابه الكنى والالقاب في الجزء الثالث فضيلة لامير المؤمنين(ع) نقلها عن المبرد وذكر بما نصه ان شيخنا في المستدرك نسبها الى المبرد والقضية هي قضية ابي نيزر، كان من ابناء ملوك الروم ولعله من ذرية النجاشي فمال الى الاسلام من بواكير شبابه واتى رسول الله(ص) وتعلق به واسلم وعاش لصيقاً برسول الله، لم ينفك عن النبي، وبعد وفاة الرسول(ص) لم يتأثر بموجة الانحراف او الذين شملتهم الآية وهو قوله تعالى: «افأن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم» هذا الرجل بقي ملازماً بعد وفاة الرسول مع اهل بيت النبي وفي طليعتهم امير المؤمنين(ع) وهكذا بعد الامام امير المؤمنين كان مع الحسن والحسين هذا ابو نيزر هو الذي يروي كما في حديث المبرد رحمه الله قال: جاءني امير المؤمنين وكنت في الضيعتين - الضيعتين هذا تعبير يطلق على عينين من الماء- حفرهما امير المؤمنين واحدة كانت تحمل اسم هذا الرجل وهو ابو نيزر والثانية تسمى بالبغيبغة قال دخل علي امير المؤمنين قال يا ابا نيزر هل عندك طعام فقلت نعم ولكن يا سيدي هذا طعام قد لايناسبك فهو قرع من قرع الضيعة صنعته مريقاً يعني اكل بائس بسيط جداً يقول ابو نيزر فغسل الامام يديه وقال عليّ به فجئته به فأكل منه ثم نهض وغسل يديه ثم استلقى واضعاً يده على بطنه وهو يقول يا ابا نيزر تعساً لمن ادخله بطنه النار، وهذه الكلمة‌ وردت كثيراً عن امير المؤمنين(ع) وسياسة اهل البيت بالنسبة للطعام سياسة كل لتعيش لا تعيش لتأكل فنعوذ بالله احياناً قد يفقد الانسان كرامته في الدنيا ويفقد منزلته في الآخرة بسبب اكلة مشبوهة او يأكل ويبيع ماء وجهه لذلك الامام امير المؤمنين جرياً على العادة يقول ابو نيزر استلقى الامام واضعاً يده على بطنه وهو يقول يا ابا نيزر تعساً‌ لمن ادخله بطنه النار ثم بعد ذلك اخذ المعول وانحدر يحفر في العين وجعل يضرب في الارض وقد ابطأ عليه الماء يظهر ان الماء لم يتدفق الا بعمق ورأيته وقد نضح جبينه عرقاً وهو يمسح العرق عن جبينه ثم استراح قليلاً ثم اخذ يضرب الارض بينما هو يهمهم تفجر الماء وانثالت العين كأنها عنق جزور فخرج الامام مسرعاً‌ وهو يقول اشهد الله انها صدقة ‌وصاح يا ابا نيزر عليّ بدواة وصحيفة‌ فأتيته به فكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن ابي طالب امير المؤمنين تصدق بالضيعتين المعروفتين بأبي نيزر والبغيبغة على فقراء اهل المدينة وابناء السبيل ليقي الله بهما وجهه حر النار يوم القيامة انهما صدقة جارية لا تباعان ولا توهبان حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين الا ان يحتاج لهما الحسن والحسين، وهنا اذكر ما نقله محمد بن الهشام ان الحسين(ع) ركبه دين فدفع له معاوية‌ مبلغ مئتي الف دينار لشراء عين ابي نيزر فقط فرفض الحسين(ع) وقال انها صدقة‌ جارية تصدق بها ابي امير المؤمنين ليقي بها وجهه حر النار ولست بائعاً لها بأي ثمن كان، المبرد في ايامه الاخيرة وليّ القضاء ببغداد وكان مرجعاً للناس ويسعى في قضاء حوائجهم توفي رحمة الله عليه ببغداد ودفن في منزله الذي يدرس فيه ويسكنه ويقع في منطقة تسمى باب الكوفة وذلك عام 285 هـ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة