نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ(دعاء علقمة او صفوان)، وهو دعاء يتلى بعد زيارة الامام علي(ع) والامام الحسين(ع) وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونقدم لك مقطعاً جديداً ورد فيه التوسل بالله تعالى (فبك استفتح وبك استنجح، وبمحمد وآل محمد اتوجه اليك، واتوسل واتشفع)، طبيعياً ان قارئ الدعاء يتعين عليه الا يستغرب من امثلة هذه التوسلات وتكرار بعضها من جانب وحومانها على الحاجات الفردية لقارئ الدعاء من جانب ثان وتنوع ذلك من الجانب الثالث بخاصة ان الدعاء هو وارد في سياق زيارة شهيدين عظيمين علي والحسين عليهما السلام، من هنا فان النكات التي ينبغي ان يستخلصها قارئ الدعاء تظل فارضة فاعليتها في ضوء ما نحاول توضيحه في امثلة هذه اللقاءات، اذن لنتحدث عن ذلك.
ان اول ما يواجهنا من مقطع الدعاء ونكاته هو ادب الدعاء بنحو عام، فمن جانب نجد الحاحاً في لحن هذه الفقرات من الدعاء وهو جانب مهم ما دام النص الشرعي نفسه يطالبنا بان نكون ملحين في توجهنا الى الله تعالى، حيث ورد ان الالحاح في المسائل ليس بمقبول الا في الالحاح على الله تعالى في ادعيتنا وخارجاً عن هذا الالحاح فان الظاهرة الثانية من النكات هي الثناء على الله تعالى قبل العرض للحاجات الفردية او الاجتماعية وتقديم اهل البيت عليهم السلام واسطة في تحقيق ذلك وهذا ما نلاحظه في مقطع الدعاء الذي نحدثك عنه الان لكن قبل ذلك نلفت نظرك الى عبارتين وردتا في المقطع هما: (فبك استفتح وبك استنجح)، والسؤال هو ماذا نستلهمه من تكتيك العبارتين؟
بالنسبة الى الاستفتاح فان الدلالة التي نستخلصها من هذه الكلمة:
هي اولاً: ان الاستفتاح يعني الابتداء بالشيء او الاستهلال به وهذا هو المعنى الاولي لهذه الكلمة واما المعنى الثانوي لها فهو استخدامها في طلب الخير حيث ان الفتح هو بمعنى الفوز او النصر مقابل الهزيمة او الانغلاق ونحوها من هنا تكتسب هذه الكلمة دلالة ضخمة هي ان قارئ الدعاء يستهل مطالبه او توجهه الى الله تعالى بالله تعالى قبل كل شيء لسبب واضح في نكتته هو ان الامر كله بيد الله تعالى حيث لا فاعلية البتة لسواه وهذا هو من ابرز آداب قراءة الدعاء حيث يجعل القارئ واعياً لعظمة الله تعالى وعارفاً بما يتعين عليه من آداب التعامل مع الله تعالى.
واما ثانياً: فان النكتة هي طلب الخير أي ان قارئ الدعاء عندما يستفتح بالله تعالى معناه انه يطلب الفتح لمشكلته التي يعرضها على الله تعالى وهي حاجاته الفردية التي اشرنا اليها.
وهذا فيما يتصل بالعبارة الاولى فبك استفتح، ولكن ماذا بالنسبة الى العبارة الثانية وهي وبك استنجح؟
لا نتأمل طويلاً حتى نعرف سريعاً بان كلمة هي من النجاح فكما ان كلمة استفتح هي من الفتح كذلك فان كلمة استنجح هي من النجاح وهذا يعني ان قارئ الدعاء يطلب من الله تعالى بعد استهلاله دعاءه وطلب الفتح هو تحقيق النجاح في مهمته، موضوع الدعاء فالنجاح هو الحصيلة التي يتوخاها قارئ الدعاء كما هو واضح ان النجاح هو ضد الفشل او الاحباط لذلك فان هذا النمط من تحصيل الثقة بالله تعالى بحيث يضع قارئ الدعاء مسألة تحقيق امانيه هي تحقق النجاح هذا النمط من الثقة بالله تعالى هو تدريب معرفي بالغ الاهمية لعظمة الله تعالى ورحمته التي لا حدود لها بحيث يتوكل قارئ الدعاء على الله تعالى بثقة تامة تتحقق من خلالها كل تطلعاته وآماله وتوقعاته من الله تعالى.
اذن ادركنا جانباً من النكات الكامنة في عبارتي الدعاء القائلتين فبك استفتح وبك استنجح، ومن ثم فان المهم هو ثقتنا بالله تعالى وتوسلنا به تعالى بان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.