نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ(دعاء علقمة او صفوان) وهو الدعاء الذي يقرأ بزيارة عاشوراء المباركة بعد زيارة الامامين علي والحسين عليهما السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونتابع الان بعض فقرات الدعاء ومنها الفقرة المتوسلة بالله تعالى بان يدخل على عدوه العلة والسقم في بدنه.
تقول العبارة (وادخل عليه الفقر في منزله، والعلة والسقم في بدنه)، هذه العبارة مع كونها واضحة من حيث دلالتها ولكنها تحتاج الى توضيح آخر من حيث النكات المرتبطة بها:
فاولاً: نلاحظ بان الدعاء يقول بادخال العلة والسقم في بدن العدو.
وثانياً: يستخدم عبارة البدن بدلاً من عبارة الجسد او الجسم في العبارة المذكورة.
طبيعياً قد لا يكون القارئ للدعاء معنياً بهذا الجانب حيث يقول المهم هو ان يمرض الله تعالى عدوه وكفى وحيث يقول المرض هو مادي وليس نفسياً بدليل انه قال في بدنه ولا يعنيه الفارق بين البدن كمصطلح بين الجسد والجسم الا اننا نجيبه بما ان الدعاء هو ليس مجرد نصوص مقروءة فلابد وان يعي القارئ دقائق الموضوع حتى يتكلم مع الله تعالى بوعي وليس بلا ادراك لما يقول.
المهم ان النكتة الاولى في موضوع عبارة الدعاء هي ان نعرف لماذا قال الدعاء او توسل بالله تعالى بان يدخل العلة والسقم في بدن العدو ولم يكتف باحدهما كأن يقول، وادخل السقم في بدنه او ادخل العلة في بدنه؟
الجواب هو: النصوص اللغوية تشير الى ان المرض هو تعبير عام ومطلق لجميع الامراض بغض النظر عن درجته ونمطه، اما العلة فهو مرض بدوره ولكن المرض الذي يشغل به الشخص واما السقم فهو المرض الذي يطول او لا نهاية له، وفي ضوء هذه الفروق ماذا نستخلص؟
بما ان التوسل بالله تعالى بمعاقبة العدو هو العقاب الاشد وقعاً حيث لاحظنا مثلاً في لقاء سابق ان الدعاء يتوسل بالله تعالى ان يجعل العدو في ذل مستمر وفقر مستمر حينئذ فان المرض الاشد وقعاً لابد وان نلاحظه في الفقرة المتوسلة بالله تعالى ان يجعل العلة ويجعل السقم في بدنه بنحو هو غير عادي، بل العلة التي تشغل صاحبها بحيث يظل معنياً بها ومهموماً بها ومفكراً بها، واما السقم فهو المرض اذا استمر واشتد، وليس مرضاً عادياً وان يجعله مستمراً وليس منقطعاً.
اذن التوسل بالله تعالى بان يمرض عدوه هو المرض الذي يشغل الشخصية وهو المرض الشديد.
بعد ذلك نواجه عبارات تقول: حتى تشغله عني بشغل شاغل لا فراغ له، وانسه ذكري كما انسيته ذكرك.
هذه العبارة بدورها تحتاج الى القاء الانارة عليها واستخلاص نكاتها المتنوعة.
فبالنسبة الى عبارة (حتى تشغله عني بشغل لا فراغ له) هي عبارة تفسر بوضوح للعبارات التي هي قبلها فالتوسل بالله تعالى ان يدخل العلة والسقم والفقر وما الى ذلك في منزل العدو وبدنه معناه ان يجعله مشغولاً لا وقت له في التفكير بايذاء قارئ الدعاء.
وقبل ان ننتقل الى عبارة جديدة، ينبغي لفت نظرك الى الفارق بين البدن وبين الجسد او الجسم حتى نتبين بوضوح ادق الدلالات التي يتضمنها الدعاء فقد لاحظت بان الدعاء توسل بالله تعالى بان يدخل المرض المستمر والشديد في بدن العدو وليس في جسمه او جسده فما هو سر ذلك؟
النصوص اللغوية تقول بان البدن هو خاص بالانسان بينما الجسد يشمل الملائكة والجن والبشر كما ان البدن هو ما سوى الرأس من هيكل الانسان وهذا يعني ان الرأس اذا اصيب بالعلة فان العدو سوف يجن ولا يحس بالمه بينما المطلوب هو تحسيس العدو بالعقاب النازل عليه من الله تعالى عسى ان يرتدع او لكي ينشغل به عن ايذاء المؤمنين.
ختاماً نسأله تعالى ان يكفينا شر عدوه وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.