نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بدعاء علقمة او صفوان وهو الدعاء الخاص الذي يتلى بعد الزيارة السادسة لامير المؤمنين علي(ع) وزيارة عاشوراء الخاصة بالحسين(ع) وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونتابع حديثنا عن الجديد من ذلك.
ان الفقرة الجديدة من الدعاء هي امتداد لفقرات سابقة تتوسل بالله تعالى بان يكفينا شر العدو وتقول (وامنعه عني كيف شئت وانى شئت، اللهم اشغله عني بفقر لا تجبره)، ان هذه الفقرات من الدعاء تتحدث اولاً عن التوسل بالله تعالى بان يمنع عنا شر العدو كيف شاء وانى شاء ثم تتحدث عن اشغال العدو وبشدائد تشغله عن قارئ الدعاء.
ونتحدث اولاً عن الفقرات التي تتوسل بالله تعالى بان يمنع العدو عنا كيف شاء وانى شاء.
السؤال الان هو ان فقرة الدعاء تقول او تتوسل بالله تعالى بان يمنع العدو عنا كيف شاء وانى شاء، ويعنينا ان نعرض لنكات هي ما هو الاستخلاص الذي نركن اليه في عبارة كيف شاء وانى شاء؟
ان الله تعالى يستجيب لقارئ الدعاء في تخليصه من عدوه ولكن فقرة كيف يشاء وانى يشاء الله تعالى هي التي تستوقفنا في نكاتها فماذا نستلهم منها لا نطيل النظر حتى نصل الى معنى هو ان أي عدو يسلك طرائق شتى في الحاق الاذى باتباع اهل البيت عليهم السلام ومما لا شك فيه ان قارئ الدعاء ينتقل بذهنه الى ان العدو الذي يتحدث عنه الدعاء اما ان يكون عدواً لأهل البيت عليهم السلام واتباعهم او يكون فاسقاً لا رادع له من الدين في عداوته للمؤمن.
وفي الحالتين فان الله تعالى عندما يستجيب لعبده في تخليصه من العدو فان ذلك يستتبع ما لاحظناه من رد العدوان الظالم يتناسب وعدوانه لذلك قال الدعاء متوسلاً بالله تعالى بان يهلك عدونا كيف شاء وانى شاء.
والسؤال من جديد هو ماذا نستخلص من هاتين العبارتين كيف شاء وانى شاء؟
من الواضح ان منع الله تعالى عدونا من ممارسة عدوانه يتمثل اولاً في تحديد طريقة منعه فاما ان ينسيه مثلاً ذلك او يبتليه بشدائد تمنعه من ذلك، وسنرى ان الدعاء يعرض لنا جملة طرائق او انماط من الرد على العدو ومنعه من الحاقه الاذى بنا.
ولكن الشق الآخر من السؤال هو ما المقصود من عبارة انى شاء؟
ان كلمة انى تستخدم للزمان وللمكان وهذا من الوضوح الذي لا ضبابية فيه وحينئذ لابد وان نستلهم من العبارة المذكورة ان الله تعالى ينتقم من عدونا متى ما شاء واينما كان مكان العدو المذكور.
وهذا يعني ان العدو مهما حاول التستر على عدوانه او الهروب من الرد عليه فان الله تعالى بالمرصاد له.
بعد ذلك نواجه بدائل او اشكالاً متنوعة من الله تعالى في تأديب العدو ومعاقبته وهذا ما تعبر عنه فقرات تقول مثلاً (اللهم اشغله عني بفقر لا تجبره، وببلاء لا تستره).
هنا قد يتساءل قارئ الدعاء ان هذا النمط من التوسل بالله بمعاقبة العدو بحيث يفقره الله تعالى وبحيث يصب عليه من العذاب او البلاء بحيث لا يستره، يظل نابعاً من حالة حادة لدى قارئ الدعاء بحيث ينتقل ذهن الملاحظ بان العدو المذكور لابد وان يكون من الكفر او المعصية بنحو يستحق امثلة هذا العقاب.
وللاجابة على هذه الملاحظة نعدك ان شاء الله تعالى بلقاء لاحق لتوضيح الجانب المذكور.
ختاماً نسأله تعالى ان يمنع عنا شر الاعداء وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.