البث المباشر

انتفاضة القدس وسيفها .. انهيار جيش المحتلين

الجمعة 21 مايو 2021 - 09:01 بتوقيت طهران
انتفاضة القدس وسيفها .. انهيار جيش المحتلين

أحد عشر يوما مرَّت والعدوان الصهيوني على فلسطين التاريخية مستمر، من غزَّة إلى أراضي الداخل المحتل التي تلاحمت أوصالها رغم أنف الاحتلال، فـ "سيف القدس" استُلَّ نُصرةً للداخل، و"انتفاضة فلسطين" اشتعلت لأجل القطاع، في ظلِّ ذلك، يُسارع العدو إلى إطفاء النيران المشتعلة من حوله تارةً بالأكاذيب لتضليل الخارج وتارةً بالاعتقالات والعدوان لقمع الداخل.

لكنَّ استمرار العدوان هذه المرَّة يختلف عن سابقاتها، والسمة العامة للمعركة في مقلب الكيان باتت "عض الأصابع"، فالمقاومة الفلسطينية تدكُّ مستوطنات العدو من الغلاف حتى "تل أبيب". 4564 صاروخًا وقذائف الهاون قُصفت عام 2014 من قطاع غزة وفق إحصائيات العدو، أُطلق بعددها خلال الأيام العشرة الأولى من هذه الجولة باعتراف رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو الذي أقر بأن أكثر من 4 آلاف صاروخ أُطلقت من قطاع غزة على الكيان الصهيوني.

للمقاومة الكلمة العُليا
عشرة أيام ما بين 8 و 17 تموز/ يوليو من العام 2014، كانت كافية ليتخذ العدو الصهيوني قرارًا ببدء العملية البرية، أما اليوم ومع تلويح جيش الاحتلال بحشد جُنده على تخوم القطاع، خرجت صيحات المقاومين أن "أقدِموا لتلقوا حتفكم"، ليعود "الكابينت" (المجلس الوزاري المصغر) ويستدرك الموقف قائلًا "العملية البرية لا تبشر بأي أمر ايجابي، وانما فقط في حالة اللاخيار".

وأكد حينها الناطق العسكري لسرايا القدس "أبو حمزة" أنه إذا فكر العدو الصهيوني بالمعركة البرية فهذا سيكون بالنسبة للسرايا أقصر الطرق إلى النصر الواضح الأكيد، مشددًا على أن غزة هي المكان الذي سيندم العدو الأحمق على أنه فكر به.

كثافة القصف الصاروخي والمدفعي للمقاومة 
كثافة عمليات القصف وتطور نوعية ومدى صواريخ المقاومة الفلسطينية في معركة "سيف القدس" أدت دورًا هامًا في إرعاب العدو، فدخلت أسلحة جديدة خضم المعركة من صواريخ كـ "القاسم" و"عياش 250" إضافة للمسيّرات الانتحارية، وأعلن قائد الجبهة الداخلية للاحتلال الجنرال أوري غوردين أن عدد الصواريخ التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة على المستوطنات الصهيونية يعادل عدد الصواريخ المطلقة باتجاه "إسرائيل" أثناء الـ 50 يومًا من العدوان على غزة عام 2014. كما دخل الكيان الصهيوني بمؤسساته الرسمية وعلى أعلى مستوى بحالة من التخبط وازداد الارتباك وحبس الأنفاس لديه.

حرب من نوع آخر بدأت بعد أن دخلت عبارة "على إجر ونص" التي أطلقها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله معركة "سيف القدس"، حيث قال الناطق العسكري باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" "على سكان تل أبيب والمركز أن يقفوا على رجل واحدة وينتظروا ردنا المزلزل"، مُجبرًا المستوطنين على ضبط ساعاتهم بتوقيت صواريخ المقاومة.

وتزامنًا مع استمرار المواجهات في عدد كبير من نقاط التماس في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل عام 1948، تستمر العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل بين دهسٍ وإطلاق نارٍ على قوات العدو، وكان آخرها إطلاق الشهيدة وفاء عبد الرحمن البرادعي  (37 عاماً) النار نحو تجمّع الجنود والمستوطنين، وسط تواصل الدعوات الشبابية إلى تصعيد حالة الاشتباك على نقاط التماس في مختلف المناطق المحتلة.

"تل أبيب" وتضليل حقيقة الإجرام 
وكان قد أطلَّ أمس نتنياهو في مؤتمر صحافي مع عشرات السفراء والديبلوماسيين الأجانب، مدعيًا أن جيش الاحتلال يبذل قصارى جهده حتى لا يلحق الضرر بالمدنيين، وقال "عندما ترون عمارات تسقط، لا يوجد هناك مدنيون"، وبذل أقصى جهوده لـ "تهدئة التوتر" في الحرم القدسي، في وقت يُقصف فيه المدنيون الغزيون على أنهم "بنك أهداف"، ويُقمع المتظاهرون في الداخل وسط حملة من الاعتقالات العشوائية.

حديث نتنياهو عن عدم قصف المدنيين، يقابله تقرير وزارة الصحة الفلسطينية بغزة التي أعلنت أن حصيلة ضحايا العدوان على غزة وصلت إلى 232 شهيدًا من بينهم 65 طفلًا و 39 سيدة و 17 مسنًا إضافةً إلى 1900 إصابة بجراح مختلفة، ما ينفي مزاعم الاحتلال أن 150 "مسلحًا" على الأقل من بين "القتلى" في غزة.

ومع انقضاء اليوم الحادي عشر، تكون طائرات الاحتلال ومدفعيته وبوارجه الحربية قد شنَّت 2000 غارةً واعتداءً منذ بداية العدوان، طالت مختلف مناطق القطاع، وتركزت على البيوت والمباني السكنية والمقار الحكومية والبنى التحتية من طرقٍ وشبكات كهرباء ومياهٍ وصرف صحي.

كما خلّف العدوان واقعًا إنسانيًا صعبًا سيما مع نزوح أكثر من 107 آلاف فلسطيني من منازلهم بسبب القصف، منهم 44 ألفًا في مراكز الإيواء وأكثر من 63 ألفًا خارج المراكز لدى الأقارب.

وفي سياقٍ موازٍ، تعمل قوات الاحتلال على إطفاء شعلة الانتفاضة في الداخل الفلسطيني عبر حملات من الاعتقالات والاعتداءات الممنهجة في كافة أنحاء فلسطين، حيث بلغ عدد المعتقلين منذ بداية تصاعد العدوان إلى أكثر من 1800 فلسطيني من بينهم أطفال ونساء، وجرحى، ومرضى.

وأشار نادي الأسير الفلسطيني إلى أن أكثر من 900 فلسطيني اعتقلوا من الأراضي المحتلة عام 1948، فيما وصلت حالات الاعتقال في الضفة والقدس منذ بداية نيسان/أبريل الماضي، إلى أكثر من 900 حالة اعتقال، نفذت خلالها قوات الاحتلال كافة أشكال الاعتداءات بحق المعتقلين.

الشعب "المختار" منهار
تسعى سلطات الاحتلال الى رفع معنويات جيشها ومُستوطنيها المحبطة، محاولةً بثَّ الشائعات حول احتمال التوصُّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" و"حماس" في غضون اليومين المقبلين ووقف الصواريخ على المستوطنات الصهيونية، في حين تسيطر حالة فقدان الثقة بين المستوطنين وحكومتهم ويقينهم بأنَّها غير قادرةٍ على حمايتهم.

وقد هرب حسب بيانات صحيفة "هآرتس" حوالي ثلث سكان مستوطنات "شاعر هنيغف" أي 550 عائلة، وحوالي نصف سكان مستوطنات "أشكول"، وقرابة ثلث سكان كيبوتس "ناحال عوز" وغيرهم الكثير خوفًا من نيران المقاومة، مُعربين عن غضبهم الشديد بسبب فشل الخطة الحكومية لإخلائهم وتخلي الحكومة عن التزامها بحمايتهم أو توفير أماكن مؤقتة لإيوائهم.

والجدير بالذكر أنه في عام 2015 بعد العدوان على غزة، هرب إلى خارج "إسرائيل" نحو 16 ألفًا و700 مستوطن صهيوني، غالبيتهم عائلات، في حين عاد 8500 إسرائيلي فقط بعد فترة تزيد على عام قضوها خارج فلسطين المحتلة، مع تراجع أعداد المستوطنين الذين يقرّرون الهجرة مرة أخرى إلى فلسطين المحتلة منذ العام 2012.

ويعيش المستوطنون حالة من النفور لتعرض حياتهم للخطر الدائم بفضل المقاومة، وسيطرة الهوية العربية على الأرض، وما أظهر هذا الأمر عمليًا هو الإضراب الشامل في فلسطين المحتلة من البحر إلى النهر يوم الثلاثاء الماضي وهو ما لم يُشهد مثيله منذ الإضراب الكبير في الثورة الكبرى عام 1936، والذي شلَّ أوصال كيان الاحتلال.

وأتى الإضراب الثلاثاء الماضي نصرةً لغزة ورفضًا للعدوان "الإسرائيلي" عليها وعلى مدينة القدس والأقصى والشيخ جرَّاح، وردّاً على اعتداءات المستوطنين ضدّ أهل الأرض الأصليّين، الذين يواجهون العدوان بصلابةٍ إلى جنب المقاومة الفلسطينية، مقابل انهيار الجيش والمستوطنين وتثبُّط معنوياتهم.

وإلى أن يأتي النصر المحتوم، لن يعود السيف في غزة إلى غمده في الداخل المحتل قبل أن يمر على رقاب المحتلين.

يوسف جابر

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة