بسم الله الرحمن الرحيم
"الحمدلله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
اللّهمّ العن أوّل ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك...
اللهمّ العن العصابة التي جاهدت الحسين (عليه السلام) وشايعت وبايعت وتابعت على قتله...
اللهم العنهم جميعاً".
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث ولادة الصديقة الصغرى زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام)- مخاطباً أمّها الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام):
... يا بضعتي وقرّة عيني، إنّ من بكى عليها- يعني السيدة زينب (عليها السلام)- وعلى مصائبها يكون ثواب بكائه كثواب من بكى على أخويها...
[1]
لقد عاشت عقيلة الطالبيين ولبوءة الهاشميين كلّ ما جرى على أصحاب الكساء الخمسة من مصائب ومحن... ولكنها صبرت!
سجدَ البلاءُ لزينبَ مستسلم
ولصبرها ألقى القيادَ وأسلَم
تطاولوا على جدّها الرسول (صلى الله عليه وآله) وكفروا وصادروا نبوته في آخر ساعة من عمره الشريف فقالوا: إنه يهجُر...
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى ولكنها صبرت!
وعدوا على أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) فغصبوه الخلافة وقيّدوه بحمائل سيفه...
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى، ولكنها صبرت!
هتكوا حرمة بيت أمّها وغصبوا حقها وخمسها وإرثها، وأحرقوا عليها دارها، وكسروا ضلعها وأسقطواجنينها، وضربوها -على رؤوس الأشهاد- حتى احمرّت عينها وبقي أثر السوط في عضُدها كالدُّملج..
فقضت نحيلة تئن من آلامها وأشجانها...
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى، ولكنها صبرت!
... قتلوا سبط النبي (صلى الله عليه وآله) -جهاراً نهاراً- فمضى أخوها المحسن الشهيد (عليه السلام) إلى ربه مخضباً بدمه، وبعدُ أكفانُ النبي (صلى الله عليه وأله) لم تجف...
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى، ولكنها صبرت!
وتجرّعت الغصص مع أبيها (عليهما السلام) يوم خرج عليه الناكثون والقاسطون والمارقون...
ووقفت تنتظر أباها الذي قلع باب خيبر وجبّن الشجعان وجندل الأبطال، وهو محمول على الأكفّ وقد خضبت شيبته الكريمة من دم رأسه المقدّس، والسماء تصرخ والأرض ترتجف وأبواب الكوفة تصطفق..
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى، ولكنها صبرت!
ورجعت مع أخيها السبط الأكبرالحسن المجتبى (عليه السلام) وقد خلفت وراءها ذكريات الأسى والشجى في الكوفة لتستقبل ذكريات المدينة بما فيها من أحزان جدّها وأمّها وأبيها...
ولتودع أخاها الإمام الحسن (عليه السلام) وهو يرحل إلى الآخرة مظلوماً مسموماً مسلوباً مجروحاً شهيداً...
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى، ولكنها صبرت!
وأخيراً... جاءت كربلاء... ورجعت مرّة أخرى الى العراق لترى من آيات ربّها الكبرى في سيد الشهداء ومن كان معه...
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى، ولكنها صبرت!
وفي الكوفة! اجتمع الناس بين شامت ونادم، وتغطرس اللئيم ابن زياد فشمت وتكبّر وعتا عتوا كبيراً... وزينب (عليها السلام) تسمع ولم تر إلا جميلاً، فصبرت ولكنها نطقت!! فكانت تفرغ على لسان أمير المؤمنين (عليه السلام).
وفي الشام... هز القرد الأموي أعطافه جذلان مسروراً، وظنّ أنه قد أخذ بثار آبائه وأجداده، ومزق نحر الحسين (عليه السلام) -ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله)- فقطع صوت التوحيد وأباد رجال الحقّ، فلم يبق من حماة الدين أحد... فتعدّى طوره وانتفخ فوق حجمه وتجاسر وطغى وعتا عتوّاً كبيراً...
وزينب (عليها السلام) تسمع وترى... فصبرت
، ولكنها نطقت!! فكانت تفرغ على لسان النبي الأمين (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير، ولسان فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين يوم صرخت في وجه الظالمين، ولسان امير المؤمنين (عليه السلام) يوم هدر بالشقشقية، ولسان الحسن المجتبى (عليه السلام) يوم دخول معاوية الكوفة، ولسان سيّد الشهداء (عليه السلام) يوم أقام الحجة على العالمين ولسان سيد الساجدين (عليه السلام) يوم أخرس يزيد اللعين..
صرخت السيّدة -أخت الحسين (عليهما السلام)-، فأرخت بلغتها وبلاغتها لقيام سيّد شباب أهل الجنة، وكانت الكلمة الأخيرة في القيام الحسيني -في مرحلة القتال- لها (عليه السلام)...
فلنتصور الجوّ الذي نطقت فيه عقيلة الهاشميّين، وشريكة الحسين (عليهما السلام)... ثمّ لنستمع إلى ما تقول... ثمّ لنحفظ...
السيد علي السيد جمال أشرف
25/4/1431
خطبة السيدة زينب (عليها السلام) في الكوفة
روى الطبرسي في "الاحتجاج" عن حذيم بن شريك الأسدي. وابن طيفور في "بلاغات النساء" عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال:
لما أتى علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) بالنسوة من كربلاء، وكان مريضاً. وإذا نساء أهل الكوفة ينتدِبنَ مشقَّقات الجيوب، والرّجال معهن يبكون!
فقال زين العابدين (عليه السلام) بصوت ضئيل. وقد نهكته العلة:
"إن هؤلاء يبكون علينا! فمن قتلنا غيرهم؟!"
فأومأت
[2] زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السلام) إلى الناس بالسكوت.
قال حذيم الأسديّ: لم أر –والله- خفِرَة
[3] قطّ أنطق منها. كأنها تنطق وتفرغ
[4] على لسان علي (عليه السلام). وقد أشارت إلى الناس بأن أنصتوا، فارتدت الأنفاس. وسكنت الأجراس.
ثمّ قالت -بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله (صلى الله عليه وآله)-:
أمّا بعد.
يا أهل الكوفة، يا أهل الختل
والغدر[6]والخذل
[7]،ألا فلا رقأت
[8]العبرة
[9]،ولا هدأت الزفرة
[10]،إنما مَثلُكم كمثل التي {نقضَت غزلَها مِن بعدِ قوّةٍ أنكاثاً تتخذونَ أيْمانَكمدخَلاً بينَكم.{
هل فيكم إلا الصّلَفُ والعُجبُ والشَّنْفُ والكذبُ. وملَقُالإماءِ. وغمزُ
[11]الأعداءِ. أو كمرعى على دِمنة. أو كفضة على ملحودة
[12]،ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخِط الله عليكم. وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون أخي؟!
أجل! والله فابكوا. فإنكم أحرى
[13] بالبكاء. فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فقد اأبليتُم بعارها، ومُنيتم
[14] بشنارها
[15]، ولن ترحَضُوها
[16] أبداً.
وأنى ترحَضون قتلَ سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ
[17] حزبكم ومقرّ سلمكم، وآسي كلْمِكم
[18]، ومفزع نازلتكم
[19]، والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومَدَرَة
[20] حججكم،ومنار محجتكم
[21].
ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم. وساء ما تزرون
[22] ليوم بعثكم.
فتَعساً تَعساً.
[23]
ونَكساً نَكساً،
[24]
لقد خاب السعي، وتبت
[25] الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم
[26] بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة.
أتدرون -ويلكم- أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فرثتم؟!
[27]
وأي عهد نكثتم؟!
وأي كريمة له أبرزتم؟!
وأي حرمة له هتكتم؟!
وأي دم له سفكتم؟!
"لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً{89} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً {90}" (سورة مريم)
لقد جئتم بها شوْهاءَ
[28] صلعاءَ
[29] عنقاءَ
[30] سوداءَ فقماءَ
[31] خرقاءَ
[32]، كطلاع الأرض
[33]، أو ملءِ السماء.
أفعجِبتُم أن تمطرَ السماء دماً {ولَعذابُ الآخرةِ أخزى وهُم لا يُنصرونَ}.
فلا يستخفَّنَّكم
[34] المَهَلُ
[35]، فإنه عزوجل لا يَحفَزُه
[36] البِدار
[37]، ولا يخشى عليه فوتُ الثارِ، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد.
ثمّ أنشأت (عليها السلام) تقول:
ماذا تقولونَ إذ قال النبي لكم
ماذا صنعتُم وأنتم آخرُ الأمم
بأهل بيتي وأولادي وتكرمتي
منهم أسارى ومنهم ضُرِّجوا بدم
ما كان ذاك جزائي إذ نصحتُ لكم
أن تخلُفوني بسوء في ذوي رحمي
إني لأخشى عليكم أن يحِلَّ بكم
مثل العذاب الذي أوْدى على إرم
ثمّ ولت (عليها السلام) عنهم.
قال حذيمٌ:
فرأيت الناس حيارى قد ردّوا أيديهم في أفواههمْ. فالتفت إلي شيخٌ في جانبي يبكي. وقد اخضلِّت لحيته بالبكاء. ويده مرفوعة إلى السماء. وهو يقول:
"بأبي وأمي، كهولُكم خيرُ كهول. ونساؤكم خيرُ نساء. وشبابكم خيرُ شباب. ونسلكم نسلٌ كريمٌ. وفضلكم فضلٌ عظيمٌ."
ثم أنشد:
كهولكم خيرُ الكهول ونسلُكم
إذا عدّ نسلٌ لا يبور ولا يخزى
فقال عليّ بن الحسين (عليهما السلام):
"يا عمة، اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبارٌ. وأنت بحمد الله عالمة غيرُ معلمة، فهِمة غير مفهَّمة"[38]...
خطبة السيدة زينب (عليها السلام) في الشام برواية الشيخ الطبرسي (رحمه الله)
روى الشيخ الطبرسي في الاحتجاج: قال: روى شيخٌ صدوقٌ من بني هاشم وغيره من الناس، أنه: لما دخل عليّ بن الحسين (عليهما السلام) وحرمه على يزيد -لعنه الله-. وجيء برأس الحسين (عليه السلام) ووضُع بين يديه في طست، فجَعل يضربُ ثناياه بمخصرة
[39] كانت في يده.
وهو يقول:
لعبت هاشمُ بالملكِ فل
خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل
ليت أشياخي ببدر شهدو
جزعَ الخزرج من وقع الأسل
[40] لأهلوا واستهلوا فرح
ولقالوا يا يزيد لا تشلّ
فجزيناهُ ببدر مثل
وأقمْنا مِثلَ بدرٍ فاعتدل
لست من خَندفَ
[41] إن لم أنتقِم
من بني أحمدَ ما كان فعل
فلما رأت زينب (عليها السلام) ذلك، فأهوت إلى جيبها فشقته. ثمّ نادت بصوت حزين تقرع
[42] القلوب:
"يا حسيناه!
يا حبيب رسول الله!
يابن مكة ومنى!
يابن فاطمة الزهراء سيدة النساء!
يابن محمدٍ المصطفى!"
قال: فأبكت والله كلّ من كان. ويزيد ساكت!
ثمّ قامت على قدميها. وأشرفت
[43]على المجلس. وشرعت في الخطبة. إظهاراً لكمالات محمد (صلى الله عليه وآله).وإعلاناً بأنا نصبر لرضاء الله، لا لخوفٍ، ولا دهشةٍ.
فقامت إليه زينب بنت علي (عليهما السلام) وأمها فاطمةبنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالت:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ على جدي سيدالمرسلين (صلى الله عليه وآله).
صدق الله -سبحانه- كذلك يقول:
ثمَّ كانَ عاقبةَ الذينَ أساؤا السُّوأى أنْ كذبُوابآياتِ اللهِ وكانوا بها يستَهزؤونَ"}.
[44]
أظننت -يا يزيد- حين أخذت علينا أقطارَ
[45]الأرض، وضيَّقت علينا آفاقَ السّماء، فأصبحنا لك في إسار
[46]، نُساق إليك سوقاً في قطار
[47]، وأنت علينا ذو اقتدار
[48]، أنَّ بنا من الله هواناً
[49]. وعليك منه كرامة وامتناناً. وأن ذلك لعِظَم خطرك
[50]، وجلالة قدرك، فشمخت بأنفك
[51]، ونظرت في عطفك
[52]، تضرب أصدَرَيْك
[53] فرحاً، وتنقض مِذرَوَيك
[54] مرحاً، حين رأيت الدنيا لك مستوسِقة
[55]. والأمور لديك متسِقة، وحين صفا لك مُلكُنا، وخلَصَ
[56] لك سلطاننا!
فمهلاً مهلاً، لا تطِش
[57] جهلاً!
أنسيت قول الله عز وجل:
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ"(سورة آل عمران178)}
[58].أمِنَ العدل يا ابن الطلقاء
[59]؟! تخديرُك
[60] حرائرَك وإماءَك، وسوْقك بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا، قد هتكتَ ستورَهنّ، وأبديتَ وجوهَهنّ، يحدُوا
[61] بهنّ الأعداءُ من بلدٍ إلى بلدٍ. ويستَشْرفهن
[62] أهل المناقل
[63]. ويبرُزنَ لأهل المناهل
[64]. ويتصفحُ
[65] وجوهَهنّ القريب والبعيد. والغائب والشهيد، والشريف والوضيع
[66]، والدني
[67] والرفيع ليس معهن مِن رجالِهن ولي. ولا من حُماتِهن حميٌ، عتواً
[68] منك على الله ، وجحوداً
[69] لرسول الله (صلى الله عليه وآله). ودفعاً لما جاء به من عند الله.
ولا غرو
[70] منك، ولا عجب من فعلك، وأنى يُرتجى الخير ممن لفظ فوه أكباد الشهداء.
ونبَتَ لحمُه بدماء السعداء. ونصبَ الحربَ لسيد الأنبياء. وجمع الأحزاب، وشهَرَ الحراب
[71]، وهز السيوف في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله.
أشدّ العرب لله جحوداً، وأنكرهم له رسولاً، وأظهرهم له عدواناً، وأعتاهم على الربّ كفراً وطغياناً.
ألا إنها نتيجة خلال
[72] الكفر، وضبٍ
[73] يُجرجَر
[74] في الصدر لقتلى يوم بدرٍ.
فلا يستبطئ في بغضنا أهل البيت من كان نظرُه إلينا شنَفاً
[75] وشنآناً
[76] وإحَناً
[77] وأظغاناً
[78]، يُظهر كفره برسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويُفصح
[79] ذلك بلسانه، وهو يقول فرحاً بقتل وُلدِه، وسبي ذريته، غير مُتحَوِّب
[80] ولا مستعظم، يهتف بأشياخه:
لأهلّوا واستهلّوا فرَح
ولقالوا يا يزيدُ لا تشلْ
منحنياً على ثنايا أبي عبد الله -وكان مُقَبَّل
[81] رسول الله -صلى الله عليه وآله- ينكُتها
[82] بمِخصرتِه، قد التمع السرور بوجهه.
لعمري
[83]! لقد نكأتَ القرحَة
[84]، واستأصلتَ
[85] الشأفة
[86]، بإراقتِك
[87] دمَ سيد شباب أهل الجنة، وابن يعسوبِ
[88] الدين والعربِ، وشمس آل عبد المطلب.
وهتفتَ بأشياخِك، وتقرّبت بدمهِ إلى الكفرة من أسلافِك
[89]. ثمّ صرَختَ بندائك -ولعمري- لقد ناديتهم لو شهدوك
[90]! ووشيكاً
[91] تشهدُهم، ولم يَشهدوك، ولتوَدّ يمينك -كما زعمت- شَلّت
[92] بك عن مرفقها وجَذت
[93]، وأحببتّ أمَّك لم تحملْك، وإياك لم تلد. أو حين تصير إلى سخط الله، ومخاصمك رسول الله (صلى الله عليه وآله).
اللهمّ خُذ بحقنا، وانتقِم
[94] من ظالمنا، واحلُلْ
[95] غضبك على من سفك
[96] دماءَنا ونقض
[97] ذِمارَنا
[98]، وقتل حُماتِنا
[99]، وهتكَ
[100] عنا سدولَنا
[101].
وفعلت فعلتك التي فعلتَ، وما فريتَ
[102] إلا جِلدك، وما جزَزتَ
[103] إلا لحمَك.
وسترد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما تحمَّلتَ من دم ذريته. وانتهكتَ من حرمته، وسفكتَ من دماء عترتِه ولُحَمته
[104]، حيث يَجمع به شملُهم
[105]، ويلمَّ به شعَثهم
[106]، وينتقِم من ظالمِهم، ويأخُذ لهم بحقهِم من أعدائهم.
فلا يستفزنَّك
[107] الفرحُ بقتلهم.
"وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ"(سورة آل عمران169-170)وحسبك بالله ولياً وحاكماً، وبرسول الله (صلى الله عليه وآله) خصماً
[108]. وبجبرئيل ظهيراً
[109] وسيعلم من بوَّأك
[110] ومكّنك
[111] من رقاب المسلمين أن
"بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً"(سورة الكهف 50)
وأيُّكم شرٌ مكاناً وأضلّ سبيلاً.
وما استصغاري
[112] قدرَك
[113]، ولا استعظامي تقريعَك
[114] توهماً لانتجاع
[115] الخطابِ فيك بعد أن تركتَ عيونَ المسلمين به عبرى
[116]، وصدورَهم عند ذكرهِ حرّى
[117]، فتلك قلوبٌ قاسية، ونفوسٌ طاغية، وأجسامٌ محشوة بسخطِ الله ولعنةِ الرسول، قد عشّش
[118] فيه الشيطان، وفرّخ، ومِن هناك مثلُك ما درجَ ونهضَ.
فالعجبُ كلّ العجب لقتل الأتقياء، وأسباط الأنبياء، وسليل
[119] الأوصياء، بأيدي الطلقاء الخبيثة. ونسل العهَرَة
[120] الفجَرَة
[121]، تنطِفُ
[122] أكفهم من دمائنا وتتحلّبُ
[123] افواهُهم من لحومنا، تلك الجثثُ الزاكية على الجيوب الضاحية
[124]، تنتابها
[125] العواسِل
[126] وتعَفرُها
[127] أمهات الفراعِل
[128].
فلئن اتخذتنا مغنَم
[129] لتجدُ بنا وشيكاً مغرَماً
[130] حين لا تجدُ إلا ما قدّمتْ يداك، وما الله بظلام للعبيد، فإلى الله المشتكى والمعوّلُ، وإليه الملجأ والمؤمَّلُ.
ثمّ كِد
[131] كيدَك، واجْهَد جَهدَك
[132]، فوالله الذي شرّفنا بالوحي والكتابِ والنبوة والانتجابِ
[133]، لا تُدرك أمدَنا
[134]، ولا تبلُغ غايتنا، ولا تمْحو ذِكرَنا، ولا يُرحَضُ
[135] عنك عارنا
[136]. وهل رأيُك إلا فند
[137]، وأيامُك إلا عددٌ، وجمعُك إلا بددٌ
[138]، يوم يناد المنادي: ألا لعنَ اللهُ الظالمَ العادي
[139].
والحمدُ لله الذي حكمَ لأوليائه بالسعادة، وختمَ لأصفيائه بالشهادة، ببلوغ الإرادة، ونقلَهُم إلى الرحمة والرأفة، والرضوان والمغفرة، ولم يَشقَ
[140] بهم غيرُك، ولا ابتلى بهم سواك.
ونسأله أن يُكمل لهم الأجرَ، ويَجْزلَهُم
[141] الثوابَ والذخر، ونسأله حسنَ الخلافة، وجميلَ الإنابة، إنه رحيمٌ ودودٌ.
فقال يزيد مجيباً لها:
يا صيحة تُحمَدُ من صوايح
ما أهونَ الموتَ على النوائح
[142]
خطبة السيدة زينب (عليها السلام) برواية السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اللهوف
... قال: وجعل يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعري:
ليتَ أشياخي ببدر شهِدو
جزعَ الخزرج من وقع الأسَل
لأهلّوا واستهلّوا فرح
ثمّ قالوا يا يزيدُ لا تشلّ
قد قتلنا القومَ من ساداتهم
وعدلْناهُ ببدر فاعتدَل
لعِبت هاشمُ بالمُلك فل
خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نَزل
لستُ من خندفَ إن لم أنتقِم
من بني أحمدَ ما كان فعل
قال الرّاوي:
فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقالت:
"الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين".
صدق الله سبحانه كذلك يقول:
"ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون"(سورة الروم10)
أظننتَ يا يزيد حيث أخذتَ علينا أقطارَ الأرض، وآفاقَ
[143] السماء، فأصبحنا نُساق كما تساق الأسرى، أنَّ بنا هواناً عليهِ، وبك عليهِ كرامة، وأن ذلك لعِظَم خطَرك عندَه، فشمَختَ بأنفك، ونظرتَ في عِطفِك، جذلانَ مسروراً، حيث رأيتَ الدنيا لك مستوثقة، والأمورَ متسقة، وحين صفا لك مُلكُنا وسلطانُنا.
فمهلاً مهلاً! أنسيتَ قول الله تعالى:
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ"(سورة آل عمران178) أمِنَ العدل يا ابن الطلقاء! تخديرُك حرائرَك وإماءَك، وسوْقك بناتِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا. قد هتكتَ سُتورَهنَّ، وأبديتَ وُجوهَهنَّ، تحْدو بهن الأعداءُ من بلدٍ إلى بلدٍ، ويَستشرفُهُنَّ أهلُ المناهلِ والمناقلِ، ويَتصفحُ وُجوهَهنَّ القريبُ والبعيد، والدنيُّ والشريف. ليسَ معَهنَّ من رجالِهنَّ وليٌ، ولا مِن حُماتِهنَّ حميٌ، وكيف يُرتجى مراقبة
[144] من لفظَ فوه أكبادَ الأزكياء، ونبَت لحمُه من دماءِ الشهداء، وكيف يستبطئ في بغضِنا أهلَ البيت مَن نَظرَ إلينا بالشنَفِ والشنئان والإحَن والأضْغان. ثمّ تقول غير مُتأثم ولا مُستعظم:
لأهلّوا واستهلّوا فرح
ثمّ قالوا يا يزيدُ لا تشلّ
منتحياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكُتها بمِخصَرتَِك!
وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة، واستأصَلتَ الشأفة بإراقتك دماءَ ذرية محمد (صلى الله عليه وآله)، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب، وتهتِفُ بأشياخِك! زعمتَ أنك تناديهم، فلتردَنَّ وشيكاً موردَهم، ولتودَّنَّ أنك شلَلتَ وبكَمْتَ،ولم تكن قلتَ ما قلتَ، وفعلتَ ما فعلت.
اللهُمَّ خُذ لنا بحقنا، وانتقِم من ظالِمنا، وأحلِل غضبَك بمَن سفكَ دماءَنا، وقتل حُماتنا.
فواللهِ ما فرَيتَ إلا جِلدَك. ولا حزَزتَ
[145] إلا لحمَك، ولتردَنَّ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما تحمَّلتَ من سفكِ دماءِ ذرّيَته، وانتهكتَ من حرمتِه في عترتِه ولُحمته، حيث يجمعُ الله شملَهم، ويلمَّ شعَثهُم، ويأخذَ يحقهِم
"وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"(سورة آل عمران169)
وحسبُك باللهِ حاكماً، وبمحمدِ (صلى الله عليه وآله) خَصيماً، وبجَبرئيلَ ظهيراً، وسيعلمُ مَن سوَّلَ لك، ومكّنَك مِن رقابِ المسلمينَ
"بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً"(سورة الكهف 50). وأيَّكم شرٌ مكاناً وأضعفُ جنداً.
ولئنْ جرّتْ عَليَّ الدّواهي مخاطبَتكَ، إنّي لأستصْغِرُ قدرَك، وأستعظِمُ تقريعَك، وأستكثِرُ توبيخَك
[146]، لكنَّ العيونَ عبرى، والصّدورَ حرّى.
ألا فالعجبُ كلَّ العجبِ! لِقتل حزبِ الله النجباءِ بحزبِ الشيطان الطلقاءِ. فهذه الأيدي تنطِفُ من دمائنا. والأفواهُ تتحلّبُ من لحومِنا. وتلك الجثثُ الطواهرُ الزواكي تنتابُها العواسِلُ. وتعفرُهاأمهات الفراعِلُ.
ولئنِ اتخذتنا مغنَماً لتجدَنا وشيكاً مغرماً، حين لا تجد إلا ما قدّمتْ يداك،
"وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ"(سورة فصلت46)
فإلى اللهِ المشتكى، وعليهِ المعوَّلُ، فكِد كيدَك، واسعَ سعيَك، وناصبْ جُهدَك، فوالله، لا تمْحو ذكرَنا، ولا تميتُ وحيَنا، ولا تدرك أمَدَنا، ولا ترحَضُ عنكَ عارَها.
وهل رأيُك إلا فندٌ، وأيّامُك إلا عددٌ، وجمعُك إلا بَددٌ، يوم يُنادي المنادي: ألا لعنة اللهِ على الظالمين.
فالحمد للهِ ربِّ العالمين الذي ختمَ لأوَّلنا بالسعادةِ والمغفرة. ولآخرنا بالشهادةِ والرحمة.
ونسأل الله أن يكمِلَ لهُمُ الثوابَ، ويُوجبَ لهُمُ المزيدَ، ويُحسِنَ علينا الخِلافة، إنَّهُ رحيمٌ ودودٌ، وحسبُنا اللهُ ونِعَم الوكيلُ.
فقال يزيد لعنه الله:
يا صيحة تُحمَدُ مِن صوائح
ما أهونَ النوحَ على النوائح
[1]ناسخ التواريخ/ السيدة زينب (عليها السلام): 47.
[2]أومات إليه: أي أشرت.
[3]الخفر: شدّة الحياء، وامرأة خفرة:حيية.
[4]الفرغ: السعة والسيلان، ويفرغ: يصبّ.
[5]الختل: التخادع عن غفلة، والمراوغة.
[6]الغدر: ترك الوفاء ونقض العهد.
[7]الخذل: ترك الإعانة والنصرة.
[8]رقاً الدمع والدم: انقطع بعد جريانه.
[9]العبرة: الدمعة
[10]الزفير: خروج الهواء من الرئتين، وهو عكس الشهيق الذي هو إدخال النفس حتى تنتفخ الضلوع منه. والاسم الزفرة، والزفر من شدة الأنين وقبيحه.
الصلف: مجاوزة قدر الظرف والبراعة والادعاء فوق ذلك. وصلِفٌ: ثقيل الروح، والصلَف: قلة الخير.
[11]الغمز: الاشارة بالعين والحاجب والجفن، والغميز والغميزة: ضعف في العمل وجهلة في العقل. ورجل غمز أي ضعيف. والغميزة:العيب، والمغموز:المتهم. والمغمز: المطمع.
[12]الملحود كاللحد صفة غالبة، واللحد: الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت.
[13]الحري: الخليق والجدير.
[14]منيت بكذا: ابتليت.
[15]الشنار: العيب والعار.
[16]الرحض: الغسل، أي لن تغسلوها.
[17]عاذ يعوذ ومعاذاً: لاذ به ولجاً إليه واعتصم.
[18]أي مداوي جرحكم.
[19]النازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالقوم.
[20]المدرة: زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عنهم، والذي يرجعون إلى رأيه، والميم زائدة.
[21]المحجة بفتح الميم: جادة الطريق.
[22]الوزر بالكسر فالسكون: الحمل والثقل، وكثيراً ما يطلق في الحديث على الذنب والإثم.
[23]التعس: أن لا ينتعش العاثر من عثرته، وأن ينكس في سفال، والتعس: الانحطاط والهلاك.
[24]النكس: قلب الشيء على رأسه، نكسه ينكسه نكساً، ونكس رأسه إذا طأطأه من ذل.
[25]التباب: الخسران والهلاك، وتبت الأيدي: أي خسرت.
[26]بؤتم: أي رجعتم.
[27]الفرث: تفتيت الكبد بالغم والأذى. وفي بعض النسخ: "فريتم".
[28]الشوهاء:قبيحة المنظر.
[29]الصلعاء: الداهية الشديدة، والصلع: ذهاب الشعر من مقدّم الرأس إلى مؤخره.
[30]عنقاء: مرتفعة طويلة، والعنقاء: بينة العنق أيضاً.
[31]الفقماء: المائلة الحنك، والفقم:هو أن يخرج أسفل اللحي ويدخل أعلاه، ثم كثر حتى صار كل معوج أفقم، وقيل الفقم في الفم أن تتقدم الثنايا السفلى فلا تقع عليها العليا إذا ضمّ الرجل فاه.
[32]امرأة خرقاء: مثقوبة الأذن ثقباً واسعاً، وناقة خرقاء: لا تتعهد مواضع قوائمها. وريح خرقاء: لا تدوم على جهتها في هبوبها، وقيل: الخرقاء: امرأة غير صناع ولا لها رفق، فإذا بنت بيتاً انهدم سريعاً.
[33]طلاع الأرض: ملؤها.
[34]لا يستخفنك: لا يستفزنك ولا يستجهلنك، واستخفه الفرح إذا ارتاح لأمر.
[35]المهل: الانظار والتأجيل وعدم المعاجلة.
[36]الحفز: الحث والإعجال.
[37]بدرت إلى الشيء أبدر بدوراً: أسرعت، ويقال: ابتدر القوم أمراً وتبادروه أي بادر بعضهم بعضاً إليه أيهم يسبق إليه فيغلب عليه، وبادر فلان فلاناً مولياً ذاهباً في فراره.
[38]الاحتجاج: 2/109، بلاغات النساء: 37، الأمالي للطوسي: 91 مج 3 ح 51، الأمالي للمفيد: 320 مج 38، اللهوف: 146، المناقب لابن شهر آشوب: 4/115.
[39]المخصر: بكسر الميم وسكون المعجمة: كالسوط أو كلّ ما أمسكه الإنسان بيده من عصا ونحوها.
[40]الأسل في الأصل: الرماح الطوال وحدّها، ويطلق على كلّ ما أرق من الحديد وحدّد من سيف وسكين وسنان.
[41]خندف: امرأة الياس بن مضر، واسمها ليلى، نسب ولد إلياس اليها. (لسان العرب).
[42]القرع: الضرب بشدّة.
[43]أشرفت عليه: اطلعت عليه من فوق.
[44]الروم: 10.
[45]أقطار: جمع قطر: وهو الناحية والجانب.
[46]الإسار: بالكسر، مصدر أسرته أسراً وإساراً، وهو أيضاً: الحبل والقيد الذي يشدّ به الأسير.
[47]القطار: أن تشد الإبل على نسق واحداً خلف واحد.
[48]الاقتدار على الشيء: القدرة عليه.
[49]الهوان: نقيض العز، هان يهون هواناً، وهو هين وأهون، وأهانه وهونه واستهان به وتهاون به: استخف به.
[50]الخطر بالتحريك: القدر والمنزلة، ومنه في وصف الأئمة (عليهم السلام): ما أجلّ خطركم: أي ما أعظم قدركم ومنزلتكم عند الله.
[51]شمخ بأنفه: أي ارتفع وتكبّر.
[52]عطف الشيء: جانبه، وعطفا الرجل: جانباه عن يمين وشمال، وشقاه من لدن رأسه إلى وركه، والجمع أعطاف.
[53]أصدريه: منكبيه، والأصدران:عرفان يضربان تحت الصدغين، لا يفرد لهما واحد، وجاء يضرب أصدريه إذا جاء فارغاً.
[54]المذروان: جانبا الإليتين، وجاء فلان ينفض مذرويه: إذا جاء باغياً يتهدد. (النهاية).
[55]استوسق: استوسق لك الأمر إذا أمكنك، واستوسقت: اجتمعت وانضمّت.
[56]خلص فلان إلى كذا: أي وصل إليه.
[57]الطيش: خفة العقل، والنزق والخفة، وطاش السهم عن الهدف يطيش طيشاً إذا عدل عنه ولم يقصد الرمية.
[58]آل عمران: 178.
[59]الطلقاء بضم الطاء وفتح اللام والمد: هم الذين خلّي عنهم يوم فتح مكة وأطلقهم ولم يسترقهم، واحدهم طليق فعيل بمعنى مفعول، وهو الأسير إذا خلي سبيله.
[60]الخدر: ستر يمدّ للجارية في ناحية البيت ثم صار كلّ ما واراك من بيت ونحوه خدراً.
[61]حدا الابل وحدا بها يحدو حدوا: زجرها خلفها وساقها.
[62]لاستشراف: أن تضع يدك على حاجبك كالذي يستظل من الشمس حتى يتبين الشيء فتطالعه وتراه جيداً.
[63]المنقلة: المنزل من مراحل السفر، والمناقل: المراحل، والمنقل: الطريق في الجبل.
[64]المنهل: المورد، وهو عين ما ترده الإبل في المراعي، وتسمى المنازل التي في المفاوز على طريق السُفّار مناهل، لأن فيها ماء.
[65]صفح القوم وتصفحهم: نظر إليهم طالباً لإنسان، وصفح وجوههم وتصفحها: نظرها متعرفاً لها، وتصفحت وجوه القوم إذا تأملت وجوههم تنظر إلى حلاهم وصورهم وتتعرف أمرهم.
[66]الوضيع من الناس: الدنيء.
[67]الدنيء: الخسيس من الرجال.
[68]عتواً: أي تكبراً وتجبراً.
[69]الجحود هو الإنكار مع العلم، يقال: جحد حقه جحداً وجحوداً: أي أنكره معلمه بثبوته.
[70]الغرو: العجب، ولا غرو:أي ليس بعجب.
[71]الحراب جمع الحربة: الألة دون الرمح.
[72]الخلال: الخصال جمع خلة مثل الخصلة.
[73]الضب: دابة برية.
[74]الجرجرة: صوت يردده البعير في حنجرته. وقوله في الخبر "يجرجر في بطنه نار جهنم" أي يلقي في بطنه، يقال: جرجر فلان من الماء في حلقه: إذا تجرعه جرعاً متتابعاً له صوت، وجررت الحبل جرا: سحبته.
[75]الشنف، بالتحريك: شدة البغض والتنكر.
[76]الشنآن: البغض مع الكراهة والتجنب.
[77]الإحَن جمع الإحنة بكسر الفاء: وهي الضغائن، يقال: في صدره عليّ إحنة أي حقد. وأحن الرجل: حقد وأظهر العداوة.
[78]الضغن والضغينة: الحقد، وهو ما في القلوب مستكن من العداوة، وتضاغن القوم واضطغنوا: انطووا على الأحقاد.
[79]أفصح عن الشيء إذا بينه وكشفه وأظهره.
[80]التحوّب التأثم من الشيء، يقال: يتحوّب من كذا أي يتأثم.
[81]مقبل: موضع القبلة والقبلة: اللثمة معروفة، والجمع القبل وفعله التقبيل.
[82]النكت: قرعك الارض بعود أو بقضيب، فتؤثر بطرفه فيها.
[83]لعمري: أي أقسم بعمري، والعمر: الحياة.
[84]نكأت القرحة أنكأها: قشرتها، وجرحتها.
[85]استأصل الشيء:إذا قطعه من أصله.
[86]شأفة الرجل أهله وماله، والشأفة: الأصل، واستأصل شأفته: أي أصله.
[87]إراقه الماء ونحوه: صبه.
[88]اليعسوب: أمير النحل وكبيرهم وسيدهم، والنحل تلوذ بيعسوبها، وتتبعه وهو مقدّمها وسيدها.
[89]أسلافك: أي آباؤك المتقدّمون.
[90]شهدوك: أي حضروك واطلعوا عليك وعاينوك.
[91]وشيكاً: أي سريعاً.
[92]الشلل: يبس اليد وذهابها، وفسادها وقطعها.
[93]الجذ: كسر الشيء الصّلب، والقطع السريع المستأصل.
[94]انتقم منه أي عاقبه، والاسم منه النقمة، وهي الأخذ بالعقوبة.
[95]احلل: أنزل.
[96]سفك الدم: صبّه وأراقه.
[97]النقض: ضد الإبرام، وهو إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء، والنقض نقض البناء والحبل والعهد.
[98]الذمار: هو كلّ ما يلزمك حفظه وحياطته وحمايته والدفع عنه وإن ضيعه لزمه اللوم. والذمار الحرم والأهل.
[99]حميته حماية: إذا دفعت عنه ومنعت.
[100]هتك الستر: تمزيقه وخرقه، وقد هتكته فانهتك أي فضحته.
[101]السدول: ما جلل به الهودج من الثباب.
[102]أفريت الأوداج: قطعتها، وأفرى أوداجه بالسيف: شقها.
[103]الجزّ: القطع.
[104] اللحمة بالضم: القرابة.
[105]الشمل: الاجتماع، وجمع الله شملهم أي ما تشتت من أمرهم.
[106]الشعث بالتحريك: انتشار الأمر يقال: لم الله شعثك: أي جمع أمرك المنتشر.
[107]يستفزنك: أي يستخفنك.
[108]الخصومة:الجدل. خاصمه خصاماً ومخاصمة فخصمه يخصمه خصماً:غلبه بالحجة.
[109]الظهير: المعين.
[110]بوأت للرجل منزلا: هيأته له.
[111]مكنته من الشيء تمكيناً: جعلت له عليه سلطاناً وقدرة.
[112]استصغره: عده صغيراً.
[113]القدر: المنزلة والشرف.
[114]التقريع: التأنيب والتعنيف، وهو الايجاع باللوم، وقرعت الرجل إذا وبخته وعذلته.
[115]نجع فيه القول والخطاب والوعظ: عمل فيه ودخل وأثر.
[116]العين العبرى: الباكية.
[117]أي حارة ملتهبة بالحزن.
[118]أي اتخذه الشيطان عشاً، والعش: ما يتخذه الطائر في رؤوس الأشجار للتفريخ.
[119]السليل الولد.
[120]العهرة: جمع عاهر، والعاهر الفاجر الزاني، من العهر بالسكون والتحريك: الزنا والفجور.
[121]فجر الرجل بالمرأة يفجر فجوراً: زنا. وفجرت المرأة: زنت. ورجل فاجرٌ من قوم فجّار وفجرة.
[122]تنطف أي تقطر، وينطف إذا قطر قليلاً قليلاً.
[123]الحلب: استخراج ما في الضرع من اللبن، وتحلّب العرق وانحلب: سال ، وتحلب بدنه عرقاً: سال عرقه.
[124]الضاحية: البارزة للشمس الظاهرة لها.
[125]انتابت السباع المنهل: رجعت إليه مرة بعد أخرى.
[126]العاسل: الذئب، والجمع العسّل والعواسل.
[127]التعفير: التمريغ بالتراب.
[128]الفرعل: ولد الضبع، وقيل: هو ولد الوبر من ابن آوى، والجمع فراعل.
[129]الغنم: الفوز بالشيء من غير مشقة.
[130]المغرم كالغرم: وهو الدين ويريد به ما استدين فيما يكرهه الله تعالى، ثم عجز عن أدائه.
[131]الكيد: الخبث والمكر، والكيد: الاحتيال والاجتهاد.
[132]أجهد جهدك في هذا الأمر: أي أبلغ غايتك.
[133]الانتجاب:الاصطفاء والاختيار.
[134]الأمد: هو نهاية البلوغ، لا تدرك أمدنا أي لا تبلغ غايتنا.
[135]الرحض:الغسل، أي لا يغسل عنك.
[136]العار: السبة والعيب، وقيل: هو كلّ شيء يلزم به سبة أو عيب.
[137]الفند: الخطأ في الرأي والقول، والفند: الخرف وإنكار القعل من الهرم أو المرض أو غير ذلك.
[138]التبديد: التفريق، وبدد: أي متفرق.
[139]العادي: الظالم الذي يقصد الناس بالقتل والجرح.
[140]يشق: من الشقاء، وهو ضد السعادة.
[141]أجزلت لهم في العطاء: أي أكثرت.
[142]الاحتجاج: 2/34-37.
[143]الأفق: الناحية، والجمع آفاق، ومنه: آفاق السماء لنواحيها.
[144]الرقيب: المنتظر، والمراقبة: الانتظار، والرقيب: الحافظ والحارس.
[145]حززت: أي قرضت.
[146]التوبيخ: التهديد والتأنيب واللوم.